قد تكون طرابلس اليوم أمام فرصة تاريخية لن تتكرر لتثبيت أمنها واستقرارها، بعد نجاح الجيش اللبناني في ضرب البنى العسكرية للمجموعات المتطرفة وفي مصادرة سلاحها والدخول الى مناطق في التبانة كانت حتى الأمس القريب محميّة سياسياً ومحرمة عليه.
ولعل ما تعرضت له طرابلس في محنتها الأمنية الأخيرة من أسواقها الداخلية الى التبانة، وما نتج عنها من خسائر معنوية ومادية، كانت أكبر بكثير من تراكم كل الخسائر في عشرين جولة عنف سابقة، تستأهل بذل كل الجهود للاستفادة من هذه الفرصة وتحويلها إلى عامل إيجابي في تشكيل شبكة أمان واسعة تظلل الفيحاء.
استعاد الجيش جزءاً من هيبة الدولة في طرابلس، بعدما خرج الفلتان الأمني من تحت كل العباءات السياسية والدينية والأمنية، وارتبط بقيادات متطرفة مستحدثة خارج الحدود.
ولا بد لهذا الإنجاز من سلسلة خطوات سريعة لحمايته وتحصينه في ظل حالة الاحتضان الكاملة لمؤسسة الجيش، والتوافق السياسي على كل الخطوات العسكرية التي اتخذتها.
وأولى خطوات التحصين تتعلق بصاحب الإنجاز الذي قدم على مذبح حماية طرابلس وجوارها 11 شهيداً توزّعوا على مساحة الوطن، وذلك عبر مراعاته الدائمة لحساسية التبانة وأهلها المفجوعين بأبنائهم وممتلكاتهم، بما يساهم في طمأنة الناس، وتعزيز الحاضنة الشعبية للمؤسسة العسكرية.
وكانت ذكرت معلومات أمنية لـ«السفير» أن المطلوبين أسامة منصور وشادي المولوي أصيبا خلال المعارك، الأول في كتفه، والثاني في رجله خلال عودته الى التبانة عند اندلاع معركة الأسواق، حيث وقع في كمين نصبه الجيش له، ما يشير الى إمكانية بقائهما في التبانة.
من جهته أكد الرئيس نجيب ميقاتي «أننا لم نرع أية تسوية من أي شكل كان في طرابلس». وأمل خلال استقباله وزير الدفاع الوطني سمير مقبل في مكتبه امس، ان تكون هذه الجولة هي الأخيرة.
وأضاف ميقاتي «الوضع في طرابلس بات مقبولاً، ولكن التحدي الأساسي اليوم يتمثل بكيفية معالجة المواضيع الانسانية.
معتبراً أن «الاساس هو معالجة الاسباب، وهي بالدرجة الأولى تتمثل في غياب المقومات الاجتماعية والإنمائية للمنطقة».
بدوره أكّد مقبل أن «لا تسوية في طرابلس وغيرها».