اختار وزير الداخلية نهاد المشنوق ذكرى اغتيال اللواء وسام الحسن، لرفع وتيرة نبرته ضد "حزب الله"، من دون أن يوفر "جهازاً أمنياً رسمياً يفتقر الى الصفاء"، وفق توصيفه. وإذا كان المشنوق قد تجنب تحديد الجهاز الذي يقصده بالاسم، غير ان العارفين يؤكدون ان مخابرات الجيش هي المعنية بـ"تلميحاته".

 

وإزاء الخطاب الحاد الذي استخدمه المشنوق، يأمل "حزب الله" أن تكون حرارته المرتفعة مرتبطة حصرا بظروف "الزمان والمكان"، فيما اتصل كل من رئيس الحكومة تمام سلام والرئيس سعد الحريري بالمشنوق وأشادا بمضمون كلمته.

 

وما زاد من استغراب "حزب الله" للهجة التي استعملها المشنوق، هو ان اتصالا كان قد تم بينه وبين مسؤول "الارتباط والتنسيق" وفيق صفا، للتداول في التطورات البقاعية، قبيل ساعات قليلة من خطابه، وهذا ما أكده أيضا مقربون من المشنوق.

 

ويأمل الحزب أن تكون طبيعة المناسبة والجمهور هي التي أملت على المشنوق ان يدلي بما أدلى به، من دون ان تكون له تتمات لاحقة، "لا سيما ان التنسيق قائم معه على مستوى العديد من الملفات المتصلة بوزارته"

ويؤكد "حزب الله" انه لا يعطل الخطة الامنية في أي منطقة ولا يضع خطوطا حمراً أمام الجيش وقوى الامن، ولا يمنح حصانة حزبية لأي من مرتكبي جرائم الخطف والقتل والسرقة وتجارة المخدرات، بل ان قيادييه ونوابه يحرصون باستمرار على دعوة الدولة الى القيام بواجباتها.

 

ويجزم الحزب ان الجيش ينفذ مداهمات في بريتال وحورتعلا والنبي شيت وحي الشراونة، ثم يخرج، من دون ان يعترضه أحد من الحزب، برغم انه يلجأ أحيانا الى استعمال القوة المفرطة خلال تنفيذ مهامه، أما إذا كانت هناك شكوى من أن بعض المطلوبين يلوذون الى الجرود، فليس هناك ما يمنع الدولة من أن تلاحقهم، وأي قصور أو تقصير في هذا المجال تُسأل عنه هي.

 

ويشير الحزب الى ان قرابة 1000 عنصر من قوى الامن الداخلي ينتشرون في الضاحية الجنوبية التي لا تتعدى مساحتها حدود الـ7 كيومترات، وهم يقومون بملاحقات ومداهمات عابرة للمربعات الامنية الافتراضية، بحثا عن المطلوبين، ولا تعترضهم أي موانع حزبية.

 

ويلاحظ الحزب ان الخطة الامنية تتعرض في حقيقة الأمر لخروقات خطيرة في المناطق التي تخضع الى نفوذ "تيار المستقبل"، من طرابلس الى عرسال مرورا بعكار، حيث الاستهداف المتواصل للجيش والاعتداءات المتلاحقة على المواطنين، وإذا كانت هناك من حمايات فهي تطال المطلوبين في بيئة «المستقبل»، كما حصل على سبيل المثال في طرابلس مع شادي المولوي وأسامة منصور اللذين سُمح لهما بأن يتواريا عن الأنظار.

 

أما بالنسبة الى رفض وزير الداخلية خيار "التحول الى صحوات جديدة"، فإن "حزب الله" يرى انه ليس هو من يدفع في اتجاه هذا الخيار، وبالتالي فإن كلام المشنوق يجب ألا يكون موجهاً اليه.

 

ويعتبر الحزب ان منطق "الصحوات"، إذا وُجد، إنما يشكل بالدرجة الاولى مصلحة ذاتية لـ"تيار المستقبل"، حتى يحمي نفسه وطائفته من خطر التطرف والإرهاب، مشيراً الى ان هذا "التيار" هو من تطوع أصلا لتأدية دور "الصحوات"، عندما استشرس لنيل حقيبتي "الداخلية" و"العدل" المعنيتين مباشرة بالمعركة الحاصـلة ضد الارهاب.

 

ويعتقد الحزب ان من قاتل للحصول على هاتين الحقيبتين، معني بأن يتحمل مسؤولياته، وإلا فليتركهما لسواه، علما ان موجة التطرف تأكل من صحن "المستقبل" أولا، وتُضعف نفوذه في العديد من المناطق المحسوبة تقليديا عليه، ما يجعله مضطرا الى ان يخوض في الأساس معركة دفاع عن مصالحه وحضوره، قبل أي شيء آخر.

 

وانطلاقا من هذه المقاربة، يدعو الحزب تيار "المستقبل" الى الكفّ عن محاولة تحوير الحقيقة، واتهام الآخرين بجره الى اقتباس تجربة "الصحوات".

 

ويتساءل الحزب عن سر التصويب الضمني للمشنوق على مخابرات الجيش، بالتزامن مع الهجمات على عناصره ومواقعه، متوقفاً عند التعارض بين هذا الموقف والموقف الأخير للرئيس سعد الحريري الذي دعم المؤسسة العسكرية، فهل هذا يعبر عن ارتباك أم توزيع أدوار؟