يحاول رئيس "الحزب التقدمي الاشتراكي" النائب وليد جنبلاط ابقاء فحوى الاجتماعات التي يعقدها مؤخرًا سريًا، وهو نجح بذلك إلى حدّ بعيد. فالملفان اللذان يجول بهما على القيادات المعنية، الأمني والرئاسي، يتطلبان التكتم والروية وعدم نشر محاضر الجلسات في الصحف ووسائل الاعلام لضمان نتائج أفضل. هو وحتى الساعة لم يصل لأي نتائج تُذكر وخاصة بالموضوع الرئاسي، ما دفعه للتملص من طرح "رئيس جمهورية لسنتين". وفي المعلومات، أنّ زعيم المختارة عرض على رئيس تكتل "التغيير والإصلاح" العماد ميشال عون تولي رئاسة مرحلة انتقالية تستمر سنتين فقط لكنّ الأخير رفض لاقتناعه بأنّ حظوظه لا تزال مرتفعة ليكون رئيسًا لولاية كاملة. وقد جال جنبلاط بطرحه هذا على معظم القيادات التي التقاها باستثناء رئيس "القوات" سمير جعجع باعتبار أنّ نوعًا من الفتور يسود العلاقة بينهما. وإلى بنشعي، حمل "البيك" طرحين: عون لسنتين أو رئيس تيار "المردة" سليمان فرنجية لولاية كاملة. هناك لاقى ترحيبًا بالطرحين، إلا أنّ أيًا منهما لم يجد طريقه للتنفيذ باعتبار أنّ كلّ الأفرقاء يتحضّرون لتدهور أمني دراماتيكي وبأسوأ الأحوال لنوع من "الحرب". ينسّق "الحزب التقدمي الاشتراكي" مع "حزب الله" بالملف الأمني، فهاجس الأقليات يقضّ مضاجع "البيك" الذي ارتأى استنفاذ كل الوسائل المتاحة للتحضر لأي معركة مقبلة مع "داعش"، لذلك استعان بخبرات الحزب وحتى بما هو أكثر من ذلك. مع عون، وجد جنبلاط أخيرًا قاسمًا مشتركا، كون مصير الدروز والمسيحيين قد يكون مشابها لأقليات العراق في حال لم يستدركا التطورات سريعًا. الحماسة التي تتسم بها حركة "البيك" بالتعاطي مع الملف الأمني لم يجدها في الرابية المنكبة على الملف الرئاسي. فعون يرفض حتى الساعة كل نصائح "البيك" الانصراف للتحضر لسيناريوهات أمنية غير مستحبة، حتى أنّه لم يستجب لأكثر من عرض قدّمه "حزب الله" لتدريب محازبيه في مرحلة أولى وحتى مدّهم بالسلاح في مراحل لاحقة... الجنرال ليس متفائلا لكنّه بالوقت عينه يرفض العودة لمبدأ التحضر للدفاع عن النفس اقتناعا منه بأنّ لبنان ليس العراق وطالما أنّ "حزب الله" متأهب على الحدود فلا خوف على الداخل اللبناني. "حزب الله" من جهته لا صوت يعلو لديه فوق صوت المعارك، لا يأبه لكل دعوات "14 آذار" التخلي عن الجبهة الشرقية اقتناعا منه بأن هذه القوى ستشكره يومًا ما حتى ولو جاء ذلك متأخرًا. يتوقع معارك متفرقة على الحدود ويتحضّر لكلّ السيناريوهات خاصة بعدما التمس في معركة جرود بريتال الأخيرة استشراس مقاتلي "جبهة النصرة" وأعدادهم الكبيرة. وتشير مصادر معنية إلى تقدّم مئات الشبان المؤيّدين للحزب غير المحازبين خلال وبعد المعركة الحدودية الأخيرة، الى مكاتب ومقرات الحزب للتطوع والانخراط في مواجهة التكفيريين، إلا أنّ الحزب ردّ كلّ المندفعين كونه لا يزال يمسك زمام الأمور وأي خطوة غير محسوبة عسكريًا قد تؤدي لنتائج غير مرضية. إذًا، هي طبول المعركة تُقرَع دافعة بكل الملفات السياسية الى التمديد والتأجيل...لتصبح معركة الرئاسة اللبنانية من حيث ندري أو لا ندري مرتبطة بمعارك كوباني ودير الزور وبضربات التحالف على مواقع "داعش" في سوريا والعراق.