الهجوم الذي قامت به عناصر ارهابية من تنظيم جبهة النصرة على موقع
لحزب الله في منطقة جردية محاذية لبلدة بريتال البقاعية وان لم يكن
مفاجئا لحزب الله اذ ان مصادره اكدت وفي اكثر من موقع ان الحزب كان يتوقع مثل هذا
الهجوم في اي لحظة وربما يأتي في احد ايام عيد الاضحى المبارك الا انه
شكل صدمة لدى اللبنانيين وخصوصا في منطقة البقاع وتحديدا في منطقة
بعلبك ـ الهرمل سيما في المدن والقرى والبلدات المحاذية لسلسلة جبال
لبنان الشرقية حيث تتواجد هذه الجماعات ابتداءا من القاع والهرمل وصولا
الى بلدة شبعا في الجنوب اللبناني.
فالصدمة التي اصابت اللبنانيين تعود الى ثلاثة اسباب اساسية:
السبب الاول وهو عنصر المباغتة الذي اعتمدته العناصر المهاجمة وهو ما
ظهر واضحا من خلال حالة الارباك التي منيت بها عناصر حزب الله المتواجدة
في الموقع للدفاع عنه , وبالتالي فان التوقيت الذي اختاره المهاجمون
في فترة ما بعد الظهر هو وقت يغري بنوع من الاسترخاء ان لم نقل بعض
الاهمال للمدافعين وانشغالهم بالتحضير لوجبة الغذاء المفترضة , وهذا
ما ساعد المناصر المهاجمة وتمكنهم من احتلال الموقع لمدة نصف
ساعة بعد القضاء كليا على المناصر الحامية له ومن ثم اخلائه عائدين
من حيث اتوا .
والسبب الثاني الذي شكل صدمة لدى اللبنانيين وخصوصا للبيئة
الحاضنة لحزب الله من الطائفة الشيعية هو حجم الخسائر البشرية
التي مني بها الحزب والتي فاقت العشرة شهداء ومثلهم من الجرحى
فضلا عن تدمير الموقع كليا بمعزل عن المعلومات الواردة من الاوساط
القريبة من حزب الله والتي قللت كثيرا من حجم الخسائر المادية
والبشرية.
اما السبب الثالث والاخير وهو الاهم , فهوحجم الخسارة المعنوية
الكبيرة التي اصابت حزب الله في الصميم وخدشت مسيرته الجهادية
بخدش وان كان صغيرا لكنه يحد من كبريائه ومن شموخ عناصره وهو
الحزب الذي طالما تغنى بامجاد انتصاراته في المعارك الطاحنة التي خاضها ضد العدو الصهيوني والعمليات البطولية التي استهدفت
مواقع هذا العدو اثناء احتلاله لجزء من الاراضي اللبنانية واجباره على
الانسحاب منها في 25 ايار عام 2000 حتى تحول هذا اليوم الى
مناسبة وطنية وهو عيد التحرير الذي يحتفل فيه لبنان سنويا,
الرسمي والشعبي وصولا الى حرب تموز 2006 والذي رفع حزب الله
ولا يزال شارة النصر بانه هزم اسرائيل لانها لم تتمكن من تحقيق
اهدافها المعلنة في ذاك الوقت وهو القضاء على البنية العسكرية
والامنية للحزب وبالتالي القضاء على قياداته السياسية والعسكرية
وهو ماعجزت اسرائيل عن تحقيقه.
لا شك ان ما اطلق عليه بمعركة بريتال وهي لم تكن كذلك بقدر
ما كانت هجوم مباغت لجماعات ارهابية على موقع لحزب الله واحتلاله
لفترة وجيزة بعد تدميره والقضاء على حاميته هي رسالة نارية من جبهة
النصرة تحمل عدة معاني وكلها تتجاوز ما اعلنته هذه الجبهة تبريرا لهذه
المعركة عن ان سببها جاء ردا على الاعتداءات التي تطال السوريين
المتواجدين في لبنان وخصوصا في مخيم عرسال.
وفي احد اهم معاني هذه الرسالة هو ان هذه الجماعات قادرة على
تصدير الحريق السوري الى الداخل اللبناني وتحديدا الى المناطق التي
تشكل عمقا لحزب الله وبيئة حاضنة له.
وفي الحد الادنى انه بامكان هذه الجماعات ارباك حزب الله واشغاله بحروب جانبية وتوسيع جبهات القتال التي تفرض عليه ان يخوضها
طانيوس علي وهبي