أشهر النائب خالد الضاهر خطاب التحدي في اتجاهين: الأول، تصعيد هجومه على الجيش اللبناني وقائده العماد جان قهوجي ورئيس فرع مخابرات الشمال العميد عامر الحسن، والثاني، بوجه زعيمه الرئيس سعد الحريري ورئيس كتلته فؤاد السنيورة اللذين اتصلا به بعد مؤتمره الأول منذ فترة وطلبا منه الكف عن استهداف الجيش التزاما بتوجه «التيار» الداعم للمؤسسة العسكرية، فجاء المؤتمر الصحافي الثاني، أمس الاول، اكثر حدة من الأول!
ثمة إشكالية لم تعد خافية في العلاقة بين الضاهر و«المستقبل». ففي الوقت الذي نأى فيه زميله النائب معين المرعبي عن الترشح للانتخابات النيابية وخفف في الوقت نفسه من هجومه على الجيش، تابع الضاهر هذا الهجوم بوتيرة تصاعدية، وتقدم بترشيحه منفردا مغرّدا بعيدا عن «كتلة المستقبل» التي حرصت على ترشيح شخصين في عكار من أصل ثلاثة هما: النائب خالد زهرمان، وعضو المكتب السياسي المحامي محمد المراد.
يشير هذا الترشيح المزدوج الى أمرين اثنين، فإما أن يكون «تيار المستقبل» قد تخلى عن الضاهر بشكل نهائي بعد تبرؤ أمينه العام أحمد الحريري مما جاء في مؤتمره الأول ضد الجيش، وعدم اصطحابه معه في زيارته عائلة العسكري الشهيد علي السيد في فنيدق لتقديم واجب العزاء، وقد توج ذلك برفض تقديم ترشيحه ضمن سلة ترشيحات نوابه ومرشحيه.
وإما أن ثمة تبادل أدوار بين الضاهر و«المستقبل» الذي وقف على خاطره وترك له مقعدا شاغرا في عكار، خصوصا أن تبرؤ الحريري من تصريحاته جاء عبر «تويتر» فقط، ولم يأت على شاكلة بيان رسمي، علما بأن الضاهر قال في مجلس خاص «انه تلقى دعوة من الحريري لمرافقته الى دارة السيد في فنيدق، ودعوة ثانية من منسق عكار الى حفل عشاء على شرف الحريري، لكنه اعتذر بسبب مرضه».
لكن اللافت للانتباه في هذا الاطار أن «تيار المستقبل» لم يتخذ أي موقف مما تضمنه مؤتمره الصحافي الثاني (امس الاول) من هجوم عنيف واتهامات بحق الجيش وقائده وعدد من ضباطه وعناصره، برغم أن الضاهر بذلك، يكون قد ارتكب مخالفة سياسية بعدم تلبيته طلب الحريري والسنيورة بوقف الهجوم على المؤسسة العسكرية، وسار بعكس توجهات «تيار المستقبل» الذي عاد زعيمه سعد الحريري الى لبنان بشكل مفاجئ حاملا معه مبلغ مليار دولار من السعودية لدعم الجيش وسائر القوى الأمنية من أجل محاربة الارهاب.
في الوقت نفسه، لا يبدو الضاهر مكترثا لعدم تقديم ترشيحه ضمن الترشـيحات المستقبلية، فالرجل يتصرف بثقة ويعتقد أنه بات يشكل حاجة لـ«المستقبل» في عكار، وأن ما يطلقه من مواقف تصعيدية «يلقى صدى إيجابيا في الشارع السني، وأن شعبيته اليوم في عكار وطرابلس والشمال وكل لبنان تفوق شعبية كثيرين من زملائه في كتلة المستقبل من الذين يدعمون الجيش ويغضون النظر عن إساءاته بحق شباب أهل السنة.»
ويكشف الضاهر لـ«السفير» أنه تلقى اتصالا من أحد مسؤولي الترشيحات في «بيت الوسط» قبل عشرة أيام من تقديم طلبات الترشيح، وطلب منه تجهيز أوراقه لتقديمها إلى وزارة الداخلية، لكن بعد مؤتمره الصحافي الأول وتبرؤ أحمد الحريري من كلامه، وجد نفسه محرجا، فلم يرسل أوراقه، كما أنه لم يتلق اتصالا ثانيا حول هذا الأمر، ففهم الرسالة وتقدم بترشيحه منفردا ومن دون مراجعة أحد، نافيا أن يكون «قد تبلغ رسميا من قيادة المستقبل قرار وقف التعاون معه سياسيا أو انتخابيا».
ويؤكد الضاهر أنه «لا ينتمي تنظيميا الى تيار المستقبل، بل هو حليف له وينتمي الى كتلته النيابية فقط، وأن الرئيس الحريري يعرف أن له خصوصية ويحترمها»، لافتا الانتباه الى أن «ما ساقه في مؤتمريه الصحافيين لا يسيء الى «المستقبل»، بل ان مواقفه نابعة من خوفه على أهله وطائفته وعلى السلم الأهلي في لبنان من عواقب بعض الممارسات الأمنية الشاذة».
ويقول الضاهر «إذا لم يكن الرئيس الحريري قادرا على تحمل مواقفي التي تسبب له إحراجا، فليعلن ذلك صراحة، وأنا أعذره، وأعتقد أنني خلال الفترة الماضية كنت أمينا ومخلصا لكل توجهات تيار المستقبل و14 آذار، وسأبقى ضمن هذا الفريق السيادي الوطني في الدفاع عن لبنان واستقلاله».
ويضيف: «إذا لم أكن على لائحة المستقبل في عكار، فسأخوض الانتخابات بمفردي ولن يستطيع أحد منعي من ذلك، فأنا لدي شخصيتي المستقلة، وأرفض الممارسات الأمنية تجاه البلد، ولن يستطيع أحد اسكاتي».