ما تريده الجمهورية الاسلامية الايرانية في العراق لا تريده في سوريا فيما يتعلق بمسألة ضرب التنظيمات التكفيرية والارهابية ويأتي في مقدمتها تنظيم الدولة الاسلامية في العراق والشام / داعش /واخواتها.  ففي الجانب العراقي فان ايران ترى في ضرب الجماعات الارهابية والتي تحمل في احد وجوهها الطابع السني المتطرف والقضاء عليها استمرارا لسيطرة القوى الشيعية المتحالفة معها والمتعاونة مع قوات البشمركة الكردية , وهذا يؤمن استمرارا للتواجد بل للنفوذ الايراني في هذه الدولة المجاورة / العراق /والتي كانت في مراحل سابقة وعلى مدى ربع قرن تشكل مصدر تهديد لأمنها واستقرارها ومصالحها .

   لذا فان طهران وان لم تنضم الى التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة الاميركية لضرب تنظيم داعش فانها تؤيد وربما بشكل غير مباشر فانها تشارك في ضرب الارهاب في العراق .

    اما في الموضوع السوري فالامر يختلف اختلافا كليا فانها تخشى من ان قيام التحالف الدولي بضرب الجماعات الارهابية هناك قد يؤدي الى ضرب النظام السور العلوي المتحالفة معه وبالتالي سيؤدي الى اسقاطه , لذلك فان ايران تواجه مأزقا حقيقيا في مسألة ضرب الجماعات الارهابية المتنامية في المنطقة العربية القريبة والمحيطة بها . فهي تريد للغرب ومعه معظم الدول العربية ان يضربوا تنظيم داعش ويقطعوا انفاسه والقضاء عليه نهائيا في العراق , لكنها لا ترى لها مصلحة في هزيمة داعش في سوريا قبل ان يتم التوصل الى اتفاق حاسم في مفاوضاتها مع الاميركيين ليس في الملف النووي فحسب , وانما في ايجاد حل سياسي مناسب لها في النزاع السوري .

   ففي بعض التقارير الغربية ما يؤكد على ان ايران تريد استمرار داعش في سوريا من اجل الهاء مسلحي المعارضة السورية عن معركتهم الاساسية وهي اسقاط النظام السوري  , وبالتالي للحؤول دون تمكين المملكة العربية السعودية من استخدام سوريا كقاعدة لتقليص النفوذ الايراني في العراق وسوريا ولبنان .

     من هنا جاء موقف مرشد الجمهورية الاسلامية الايرانية السيد علي الخامنئي ملتبسا في التصريح الذي كشف فيه النقاب عن ان بلاده رفضت طلبا اميركيا للمساعدة في محاربة داعش وضربها ,لكنه لم يكشف عن اسباب الرفض علما بان طهران تعتبر من اكثر الدول المتأثرة والمتضررة من تنامي ظاهرة دولة الخلافة الاسلامية في العراق والشام .

   وبناءا على ما تقدم ولهذه الاسباب يمكن فهم الموقف الايراني الذي يرحب برؤية الضربات الجوية الاميركية على المراكز العسكرية والامنية والتجمعات البشرية لتنظيم داعش في العراق , ويتحفظ بعمق على تحرك قوات التحالف الدولي ــ العربي المزمع انشاؤه بقيادة الولايات المتحدة الاميركية في سوريا .

  غير ان الادارة الاميركية ومعها وزارة الدفاع / البنتاغون  /وغرفة عمليات قيادة التحالف تدرك جيدا وتماما انه لا يمكن القضاء على تنظيم داعش في العراق من دون القضاء عليه في سوريا .

  فالحرب على داعش اليوم لا شك ستكون صعبة وطويلة خصوصا في غياب اي تفاهم حقيقي بين الدول الاقليمية الاربعة وهي السعودية وايران وقطر وتركيا حول ادارة ما بعد داعش ,بل يبدو الامر اخطر من ذلك بكثير حيث يطفو على سطح هذا الحراك مخاوف جدية من تدهور الوضع الاقليمي بسبب تضارب المصالح بين هذه الدول واهداف كل منها واستراتيجياتها البعيدة المدى .

                                          طانيوس علي وهبي