بغض النظر عن إمكانية إجراء الانتخابات النيابية في موعدها، أو اللجوء الى تمديد ثان لمجلس النواب بحجة الظروف الدقيقة التي يمر بها لبنان، فان تقدم النائب محمد الصفدي بترشيحه عن المقعد السني في طرابلس أعاد خلط بعض الأوراق الانتخابية في عاصمة الشمال.

 

وكان الصفدي أعلن خلال ممارسته مهامه كوزير للمالية في حكومة الرئيس نجيب ميقاتي عزوفه عن خوض الانتخابات النيابية اعتراضا على قانون الستين، وعلى ما وصلت إليه الحياة السياسية من تحريض ومن شحن مذهبي الى حدود التطرف، من دون الخروج من الحياة السياسية العامة، حيث بقيت مكاتبه ومراكزه وخدماته وتقديماته قائمة في المدينة.

 

وقد ترجم الصفدي إعلانه بعدم الترشح لانتخابات العام 2013 قبل التمديد الأول، حيث سجل ترشيح إبن شقيقه رئيس "نادي المتحد" أحمد الصفدي الذي يشارك كممثل عن عمه في مختلف الاجتماعات واللقاءات.

 

لكن المفاجأة كانت قبل أيام حين تسرب من وزارة الداخلية إسم محمد الصفدي كمرشح عن طرابلس، ما ترك ارتياحا بين أنصاره، وفي الوقت نفسه سلسلة من التساؤلات حول الأسباب التي دفعته الى العودة عن قراره. وهل هذا الترشح يدخل ضمن المناورة السياسية أو جسّ النبض الشعبي؟، وهل هذا الرجوع عن قرار عدم الترشح له أبعاد على الصعيد السني؟، أم انه مرتبط بالظروف الصعبة التي يشهدها لبنان لا سيما في طرابلس نتيجة الصراع الحاصل وتقدم لغة التطرف على ما عداها، ما يتطلب جهودا "اعتدالية" إضافية تساهم في التصدي لهذه الموجة؟، وماذا سيترتب على هذا الترشح؟ وأين سيكون الصفدي في حال جرت الانتخابات؟ وما هي الخيارات المتاحة أمامه؟، وهل سيعود الى تحالفاته التي كانت قائمة ما قبل الحكومة الميقاتية، أم انه يجد نفسه مستمرا في التناغم مع "حلفه الحكومي" بالرغم من التباينات التي كانت حاصلة قبل استقالة الرئيس نجيب ميقاتي؟.

 

ومن المعروف أن ثمة مقاطعة سياسية مستمرة بين الصفدي والرئيس سعد الحريري وتيار "المستقبل" على خلفية مشاركة الرئيس نجيب ميقاتي في حكومة "قولنا والعمل"، ولم يخفِ كثير من مسؤولي "المستقبل" سواء في مجالسهم الخاصة أو في العلن سعيهم الى الثأر من الصفدي وصولا الى إقفال بيته السياسي. كما أن علاقة وزير المال السابق مع الرئيس ميقاتي لم تكن على ما يرام مع استقالة الحكومة بسبب بعض التباينات، وهذا ما كان يراهن عليه "المستقبل" ولا يزال يعمل من أجله، بهدف استفراد الرجلين وإضعافهما انتخابيا في طرابلس، وفرط عقد التحالف الرباعي الانتخابي الذي كان قائما خلال الحكومة السابقة والمتمثل بكل من ميقاتي والصفدي والوزيرين السابقين أحمد وفيصل كرامي.

 

كل ذلك يجعل من ترشح الصفدي وعودته عن قراره بالخروج من الحياة النيابية "علامة فارقة" في الترشيحات الطرابلسية للانتخابات النيابية.

 

وفي هذا الاطار يفسّر بعض المتحمّسين لقرار الصفدي ترشيح نفسه لـ"السفير" إن عودة الوزير السابق عن قراره "يأتي تحسسا من الرجل بالمخاطر التي تشهدها المدينة، وأن الوقت ليس للانكفاء أو التخلي عن المسؤوليات، بل هو يحتاج الى مزيد من العمل من أجل توسيع دائرة الاعتدال الذي تتسم به الطائفة السنية تاريخيا، من أجل مواجهة مظاهر التطرف المستجدة والتي تنسب زورا الى الطائفة".