بالتأكيد فان الخليفة ابوبكرالبغدادي لم يهبط عليه وحي من السماء واستنهضه للدفاع عن الاسلام وزوده باسفار وآيات وصحف مطهرة مع مستوعبات مليئة بالخناجر والسكاكين لذبح كل من يخالفه الرأي وكل من يمتنع عن مبايعته بالخلافة ,لأي دين او طائفة او مذهب او جماعة انتمى واستباحة كل ما يقع في مرمى بصره وفي متناول يده من بشر او حجر.

   والاكيد ايضا ان تنظيم الدولة الاسلامية في العراق والشام /داعش/هو ليس دولة ويفتقر الى ادنى مقومات الدولة ,بل هو شركة مساهمة عربية اغتصبت وبقوة غاشمة واياد باطشة بقعة من الارض في مثلث بين العراق وسوريا والمنطقة الكردية وعلى مرمى حجر من ايران وتركيا لأقامة شركة استيراد وتصنيع وتصدير ,استيراد المواد الاولية والخام للارهاب وتصنيعها في مصانع يديرها خبراء ومتخصصون في القتل والذبح والسبي والصلب ومن ثم تصديرها الى حيث تدعو الحاجة وبناءا لرغبات المساهمين بتمويل هذه الشركة بعدما وجدوا في ابو بكر البغدادي افضل من يدير هذه الشركة ,فهو الذي يمتلك خبرة لا تقل عن ربع قرن من الزمن وتتلمذ على ايدي جهابذة في الارهاب امثال ابو مصعب الزرقاوي الذي قاد احد الاجنحة في تنظيم القاعدة ,وتخرج من اكثر المعاهد الدينية تطرفا وتكفيرا .

   فداعش وهو الرمز المرادف للرعب لبس عباءة الدين واعلن عن قيام دولة يحكمها تنظيم ديني سني متطرف على مقربة من ايران التي يحكمها نظام ديني شيعي متطرف .والهدف وكما يرغب المساهمون في تمويل هذه الدولة ,هو الوقوف في وجه ايران والحد من طموحاتها في منطقة الخليج وعرقلة مشروعها الهادف الى تصدير ثورتها الى دول الجوار والحؤول دون تحقيق اطماعها التي تعبر عنها من خلال فلتات تأتي على السن بعض قادتها والمبالغ فيها اغلب الاحيان .

    لكن الذي لم يكن بالحسبان ان حسابات حقل الممولين لم تتطابق مع بيدر داعش ,فالخليفة البغدادي وفي فترة زمنية قياسية تمكن من تأمين فائضا من الاموال يفوق اكثر بكثير الاموال التي يصيبها من الشركاء الممولين والتي تأتيه بطريقة هي اقرب للاستجداء منها الى التمويل النظيف .فرأى انه لم يعد ملزما بتنفيذما يطلب منه وانه بمقدوره ان يكون صاحبا للقرار وليس مستوردا له ,ولم يعد ما يمنع من تجاوز ما هو مرسوم له وتخطي ما يمكن ان يكون خطوطا حمراء ,فهو الآمر الناهي اليس هو الخليفة وصاحب الامر المطاع ؟؟؟؟؟ فهذا يعطيه قوة الرفض والامتناع عن تنفيذ ما لا يرغب بتنفيذه ....فرجال دولته ملأوا خزائن الدولة من الاموال التي سطوا عليها في العراق ومن الضرائب التي يفرضونها على المواطنين ورجال الاعمال والمال والمؤسسات المالية والاقتصادية ومن النفط الذي يبيعونه تهريبا الى الاتراك وآخرين , فهذا يزيد من قدرة البغدادي ومقاتليه على التحلل من ارتباطات والتزامات اخذوها على انفسهم امام مموليهم كما يسمح له بتنفيذ اجندة خاصة به قد تناقض سياساتهم واهدافهم .

   وجدير بالذكر ان الممولين قد يكونون افرادا اثرياء ورجال اعمال ومال وجمعيات وهيئات من الدول العربية في الخليج لكن في الوقت نفسه ان التمويل ما كان ليحصل لولا معرفة ملوكهم وشيوخهم بل لولا موافقتهم الضمنية . . . لكنه وفي ظل التطورات المتسارعة والانتهاكات التي قد تخل بأمن المنطقة والممارسات الاجرامية التي ارتكبتها عناصر داعش بصورة يندى لها جبين الانسانية ,وفي ظل الموقف الدولي الداعي الى تجفيف منابع تمويل التنظيم المتطرف والارهابي وبعدما شعرت الدول الخليجية بمدى الخطر الذي يمكن ان تشكله هذه الجماعات ,بدأ زعماء هذه الدول وفي مقدمتهم العاهل السعودي الملك عبدالله بن عبد العزيز التحرك لتطوق اي اخطار قد تسببه هذه الجماعات الارهابية على المنطقة ,علما ان ذلك لا يعني بالضرورة تخليا عن الاهداف التي تساهلوا مع داعش كي يحققها او تفريطا بالذي تحقق منها وهم يعرفون جيدا ان تأثيرهم على هذا التنظيم واشقائه وحلفائه ترجع كثيرا وتضاءل بعدما صاروا اقل اعتمادا على اموالهم .

   يبقى دور المؤسسة الدينية فهي الاكثر تأثيرا في هذا المجال فلم يعد يكفي بيانات الادانة بحق هؤلاء الجماعات وبأعمالهم الوحشية ,بل لابد من فتاوى واضحة تحرم اعمالهم والتعامل معهم وتحرض على قتالهم للتخلص من خطرهم الذي بدأ يهدد العالم اجمع .

                                              طانيوس علي وهبي