بعد أن حسم السيّد موسى الصدر خيارات كانت عالقة ومحرّمة في الفقه الشيعي بالنسبة للاعتراف بالكيان اللبناني وبالدولة في زمن الغيبة والتي يرأسها مسيحيّ مُثلث لا يقرّ ولا يعترف بوحدانية الله وبالقيادة المباشرة لرجال الدين . استطاع الامام أن يهزم منطق مؤسسة الفتاوى وأن يفرض نفسه كبديل قويّ التف حول عباءته جمع من المؤمنين به من رجال الدين ليتفرّغ بعد ذلك الى مواجهة العائلات السياسية المسيطرة على الطائفة بحكم التاريخ السياسي الذي أتاح لعائلات تقليدية مسك زمام الأمور وتسيير شؤون المجموعة الشيعية وكان شعار الحرمان سيف السيّد المسلول بوجه الرموز السياسية الشيعية والظاهرة التي أتاحت له فرصة اللعب في الملعب الشيعي كلاعب محترف هدّد شباك الاقطاع بأكثر من هدف شعبي وبسرعة كبيرة نافس السيّد القيادات الشيعية الأساسية وتمكّن من تثبيت معادلاته داخل الطائفة كجهة وازنة وفاعلة ومؤثرة في قرارها السياسي وبذلك قيّد حركة السياسيين الشيعة لصالح دعوة الحرمان التي بدأت تتسع شيئًا فشيئًا لجمهور سياسي كبير أسهم في ما بعد في تشكيل ظاهرة السيّد موسى الصدر المستمرة رغم الغياب الطويل . لقد ساهمت الحرب الأهلية في اطفاء نفوذ العائلات السياسية التقليدية لصالح موسى الصدر واليسار الشيعي ومعها تصدرت حركة الامام التمثيل الطائفي وانحسرت قيادة الطائفة بشخص الصدر وبذلك غلب السيّد وبظروف الحرب المؤسسة السياسية الشيعية كما تغلّب على المؤسسة الدينية وهذا ما جعل منه السيّد الشيعي ودون منازع وكان المجلس الشيعي الاطار السياسي والمذهبي للطائفة ومن ثم  كانت حركة المحرومين الذراع العسكري للطائفة الصاعدة سياسياً وفق رؤية سياسية جديدة قائمة على تحسين التمثيل الطائفي للشيعة داخل مؤسسات الدولة . برع السيّد في التواصل السياسي مع التناقضات القائمة في الساحة اللبنانية المتشظية بين يمين ويسار من جهة وبين السوري والفلسطيني من جهة ثانية ونجح الى حدّ كبير في مصادقة الجميع ولم يتموضع بالمعنى المباشر داخل التموضعات الاختلافية اللبنانية ايماناً منه بدور وطني مفقود يساعد على الحوار لا على الاستمرار في الحرب .