لم يجد نواب ووزراء طرابلس أي تفسير للزيارة التي قام بها رئيس بلدية طرابلس الدكتور نادر غزال للنائب سامي الجميل في مكتبه في بكفيا ليبرر له قراره المتعلق بازالة إعلانات الكحول في نطاق المدينة، والتأكيد أمامه أن القرار صادر عن خلفية قانونية ولا يمت بصلة الى الطائفية أو الدين.

 

بعض المجتهدين من النواب وجدوا في خطوة غزال انقلابا على كل التوافق السياسي الذي أتى به رئيسا للبلدية، خصوصا أنه تجاوز كل نواب المدينة ووزرائها، وفضّل أن يلعب دورا سياسيا من خلال الاطلالة من دارة آل الجميل في بكفيا، لتبرير منع إعلانات الكحول في طرابلس، بدلا من أن يلتقي نواب المدينة ويضعهم في أجواء القرار البلدي ليتولوا هم الرد بالسياسة على النائب سامي الجميل الذي شن حملة عنيفة على طرابلس على خلفية إزالة إعلانات الكحول.

 

وما يعزز هذا الاجتهاد هو أن غزال، الذي جُددت ولايته لثلاث سنوات مقبلة بتوافق سياسي جزئي في العام الماضي، لم يعد بحاجة الى دعم أو تغطية نواب طرابلس، خصوصا أن أحدا ليس من مصلحته فرط عقد المجلس البلدي، لأن إجراء انتخابات بلدية سريعة يعتبر ضربا من ضروب المستحيل في ظل الحديث عن تمديد جديد لولاية مجلس النواب وعدم إجراء انتخابات نيابية بسبب الأوضاع الأمنية، ولعل الفراغ الحاصل في بلدية الميناء منذ عام كامل بعد استقالة أكثرية الأعضاء وحل المجلس وعدم القدرة على إجراء الانتخابات، أكبر دليل على ذلك.

 

هذا الواقع، دفع غزال، الذي انقلب بعد التجديد له مباشرة على تيار الرئيس عمر كرامي الذي قدم له شتى أنواع الدعم في الولاية الأولى، الى أن يستكمل انقلابه على سائر السياسيين، وأن يعمل بشكل منفرد، وحتى بعيدا عن المجلس البلدي الذي لم يكن على علم بزيارته بكفيا.

 

والمعروف في طرابلس أن المجلس البلدي يتخبط بخلافات من العيار الثقيل تشلّه عن القيام بأية خدمات أو مشاريع تنموية صغيرة، ما يجعل البلدية غائبة بشكل كامل عن طرابلس وأزماتها الكثيرة منذ فترة طويلة.

 

ويؤكد عدد من نواب المدينة أن حالة التخبط التي يعيشها غزال في البلدية تجعله يراكم أخطاءه الواحد تلو الآخر، لافتين الانتباه الى أن زيارته الاخيرة لبكفيا كانت «سقطة»، خصوصا أن قرار منع إعلانات الكحول وكل ما يخدش الحياء العام صادر عن المجلس البلدي السابق برئاسة المهندس رشيد جمالي، وتطبيقه يجري بشكل تلقائي ولا يحتاج الى زوبعة الغبار التي أثارها غزال حوله.

 

ويرى النواب أن حالة الاعتراض المتنامية على اداء غزال، والتي وصلت الى طاولة مجلس الوزراء عبر الوزير رشيد درباس وعبره الى وزير الداخلية نهاد المشنوق الذي أبدى امتعاضه أكثر من مرة من تصرفات غزال، تدفعه الى الاستفادة من بعض القرارات لخطب ودّ قسم من الشارع الطرابلسي، وقد وجد في التعميم الشهير بالتمني على المطاعم عدم تقديم الطعام خلال شهر رمضان وبعده بازالة إعلانات الكحول، فرصة لاستمالة الحالة الاسلامية التي تعاطفت معه بداية، ثم عادت وانقلبت عليه إثر زيارته بكفيا.

 

ويرى عدد من أعضاء المجلس البلدي أن غزال يساهم، عن قصد أو عن غير قصد، في عزل طرابلس عن محيطها. ويلفت هؤلاء الانتباه الى أن محلات بيع الكحول تنتشر في بعض أحياء طرابلس وعلى مقربة من البلدية، وهناك العديد من المشردين أو ممن يعملون في طرابلس يتخذون من حديقة طرابلس العامة والروضات الوسطية المحيطة بالبلدية مكانا لشرب الكحول على أنواعه، وبعضهم تصل بهم حالة السكر الى أن ينام ضمن الروضات الوسطية، مؤكدين أنه كان الأجدى بغزال أن يكافح هذه الظاهرة التي تسيء الى وجه المدينة عموما، وأن يطبق القانون حول إعلانات الكحول من دون أي ضجة ومن دون أي محاولة للاستثمار على حساب سمعة المدينة وصورتها في الاعلام.

 

ويؤكد الأعضاء أن المرشحين المسيحيين نالوا خلال الانتخابات البلدية نحو 15 ألف صوت بينما لم تتعد المشاركة المسيحية أكثر من 2500 ناخب، ما يؤكد انفتاح طرابلس وتمسك أهلها بالعيش الواحد، وهي ليست بحاجة في كل يوم الى تقديم «فحص دم» في الانفتاح وعدم التطرف، لا في بكفيا ولا في أي مكان آخر.