نتظر عين التينة أن تحطّ طائرة الرئيس سعد الحريري في مطار بيروت مجدداً، علّه يعود هذه المرّة بهبة سياسية، تكون بمثابة مفتاح الحل لمختلف الملفات، ولا سيما أن الوساطة الجنبلاطية بين "الحركة" و"التيار" لم تصل إلى خواتيمها المرجوّة

 

لم تُثمر وساطة النائب وليد جنبلاط بين الرئيسين نبيه برّي وسعد الحريري إلا بضعة لقاءات ثنائية جمعت المعاون السياسي لبرّي الوزير علي حسن خليل بنادر الحريري مدير مكتب رئيس تيار المستقبل. لكن النتيجة الأبرز لهذه اللقاءات تمثّلت في العثور على محاور لبري، بديل من الرئيس فؤاد السنيورة.

 

بحسب مصادر برّي، فإن "النقاش مع أي شخصية داخل تيار المستقبل يكاد تكون أكثر إيجابية من محاورة السنيورة". مع ذلك، لا يبدو أن الاجتماعات التي عُقدت حققت ولو القليل من مبتغاها. بعد أكثر من شهر على انطلاق المسعى الجنبلاطي الذي هدف إلى "التنسيق في مجمل الملفات المطروحة أمام الحكومة والاستحقاق الرئاسي"، يطرح البعض سؤالاً عن الجديد في حوار المستقبل ـــ أمل، لا سيما أن اللقاءات بين خليل والحريري "مجمّدة" منذ فترة.

 

النسبة إلى مصادر الرئيس برّي، "الأمور ليست سيئة الى الدرجة التي يُحكى عنها. الباب الذي فتحه جنبلاط بين المستقبل وأمل أزال مطبات عدة كانت حجر عثرة في طريق تفاهم التيار والحركة، وإن لم تصِل إلى خواتيمها المرجوّة". فبعد لقاءين نتج منهما "تفاهم مبدئي على حصر التشريع في الجلسة النيابية المقبلة بما يتعلق بتوفير الرواتب لموظفي القطاع العام وسلسلة الرتب والرواتب والقانون الخاص لإصدار سندات اليوروبوند"، توقّفت اللقاءات بسبب "سفر نادر الحريري خارج لبنان". إلا أن "الاتصالات مع نادر لم تتوقف، وعلي حسن خليل على تواصل دائم معه". وتؤكد المصادر ضرورة استئناف اللقاءات بعد عودة نادر الحريري من الخارج، ملمّحة إلى أن التفاهم على عقد جلسة تشريعية "أصبح في حكم الملغى". لا تنعى مصادر برّي الجهود، لكنها في الوقت نفسه "لا ترى حلاً قريباً"، ولا سيما أن "لا جلسة تشريعية في الأفق، ولا اتفاق على عقدها حتّى".

 

إذاً، الأمور بين المستقبل وأمل لم تعد إلى الوراء، لكنها لم تتقدّم. فالطرفان لم يتوصلا إلى اتفاقات سياسية واسعة حاول جنبلاط تثبيتها. وفي ظل هذا الجمود، أتت عودة الرئيس سعد الحريري المفاجئة إلى لبنان، التي جعلت فريق الرئيس بري أكثر اقتناعاً بأن "الرئيس سعد الحريري بشخصه هو الوحيد القادر على صياغة تفاهمات معنا". فقيادة حركة أمل "ترى في الحوار مع الحريري عبر وكلاء أمراً مربكاً لها". يزداد هذا الاقتناع عند برّي والمقربين منه يوماً بعد يوم، لا سيما أن الأسباب الموجبة للحوار مع تيار المستقبل لا تقف عند عتبة التشريع، وحسب. الجلسة "المعلّقة" بمعارضة مستقبلية، لا يُمكن فصلها عمّا يُحاك في الغرف المغلقة في شأن التمديد للمجلس النيابي. صحيح أن الحديث في هذا المشروع كان الطبق الأساسي على المائدة التي جمعت بري بالحريري فور عودة الأخير، لكن الحديث حوله، بحسب مصادر برّي، كان "فضفاضاً"، بمعنى أن "كل طرف أعاد تكرار موقفه الرافض أو المؤيد من دون الدخول في التفاصيل أو الاتفاق في شأنه".

 

وإذا كان تحليل الخلفية التي تقف وراء عودة الحريري إلى لبنان هو ما شغل القوى السياسية في الفترة الماضية، فإن مغادرته لبنان من جديد إلى الرياض هي ما تحاول "الحركة" فهم أبعادها حالياً. لا تملك مصادر الرئيس برّي أي معلومات حول العودة. وهي، كغيرها، تنتظر مفاجأة جديدة "لتبني على الشيء مقتضاه، لعل الرئيس الحريري يعود بهبة سياسية تكون بمثابة مفتاح الحلّ لمجمل الملفات".