بكلمات مقتضبة، تطرق وزير الخارجية جبران باسيل إلى كارثة الطائرة الجزائرية على هامش مؤتمر صحافي لأجل الموصل والعراق. عزّى عائلات الضحايا اللبنانيين، لكنه لم يضعهم في صورة ما ينتظرهم حتى تسلم جثامين أبنائهم.

 

في قصر الإليزيه في باريس، وقف الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند ناعياً ومنذراً عائلات عشرين لبنانياً بأن الطائرة الجزائرية التي استقلها أبناؤهم فجر الخميس من بوركينا فاسو إلى العاصمة الجزائرية سقطت ولم ينج منها أحد.

 

وحول أسباب تحطم الطائرة، أشار إلى أنه لا يستبعد أي فرضية، مرجحاً سوء الأحوال الجوية والعواصف الرملية، ما دفع قائد الطائرة إلى تغيير مسارها فوق الصحراء المالية. من جهتها، أعلنت رئاسة هيئة أركان الجيوش الفرنسية أن طائرتي ميراج عثرتا على حطام الطائرة التي تحولت إلى ركام محترق وعلى أحد الصندوقين الأسودين، كاشفة عن إرسال فرق فنية وإنقاذية ولوجستية للعمل على انتشال جثامين الركاب والحطام. فماذا عن لبنان؟

حتى ساعات ليل أمس، لم يتبلغ الدبلوماسيون اللبنانيون المعتمدون في سفارات وقنصليات الدول المحيطة بمالي وبوركينا فاسو أي تعليمات من وزارة الخارجية للمشاركة في الجهود الدولية لمواكبة كارثة تحطم الطائرة. خلية الأزمة التي شكلها الوزير جبران باسيل لم تخرج بتوصيات محددة بعد اجتماعها مساء أمس في مقر الوزارة، بحسب مصادر ديبلوماسية، علماً بأن أفكاراً عدة اقترحت في الاجتماع، لكنها لم تتحول إلى تعليمات، منها على الأقل، إرسال وفد من السفراء والقائمين بالأعمال إلى بوركينا فاسو لتقديم التعازي إلى الجالية اللبنانية التي تعدّ أكثر من ألف شخص ومؤازرتهم واحتضانهم معنوياً.

 

مصادر في الجالية نقلت لـ"الأخبار" استياءً عارماً بين أفرادها بسبب تأخر ممثلي الدولة عن الحضور إلى البلد الذي انطلقت منه الكارثة. وأوضح أن الحزن عارم بين صفوف الجالية «المعروفة بتكاتفها واندماجها كأنها أسرة واحدة بسبب قلة عددها وقدم وجودها في بوركينا فاسو التي شهدت أول فصول الاغتراب اللبناني في القارة الأفريقية». وتجدر الإشارة إلى أن ممثل لبنان الرسمي في بوركينا فاسو، القنصل جوزيف الحاج، هو أحد المنكوبين، إذ إن أحد الضحايا يعمل معه منذ نحو 20 عاماً.

 

على صعيد متصل، رفضت مديرية المغتربين تحديد موعد لمغادرة الوفد الرسمي إلى مالي، المؤلف من المدير العام للمغتربين هيثم جمعة ورئيس الهيئة العليا للإغاثة اللواء محمد خير وضابط من الأمن العام. الوزارة تنتظر إشارة السلطات الفرنسية التي تتولى عملية انتشال الحطام والجثامين، لكي تنتقل إلى مالي لمتابعة تحديد هويات الجثامين بعد انتشالها.

 

وحتى إتمام عملية انتشال الجثامين، طلبت الخارجية اللبنانية من الأهالي إجراء فحص الحمض النووي لكي ينقلها الوفد معه إلى مالي لمطابقتها مع الجثامين. جمعة وضع رقم هاتفه الخاص بتصرف الأهالي، طالباً منهم الاتصال به لتحديد مواعيد لأخذ عينات الحمض النووي.

 

أيقن الأهالي أن مساراً طويلاً من الترقب والقلق في انتظارهم. الحزن تضاعف في القرى المفجوعة، الخرايب والزرارية وغوسطا وعينطورة المتن وصريفا وحاريص. لكن للخرايب فجيعة أخرى. البلدة (قضاء الزهراني) التي فقدت تسعة من أبنائها في طائرة كوتونو وآخر في الطائرة الإثيوبية، سرقت منها الطائرة الجزائرية ابنها بلال دهيني وأطفاله ريان (11 عاماً) وأوليفيا (8 سنوات) ومالك (4 سنوات) ووالدتهم الألمانية بيرن كورينا. القدر لم يكتف بذلك مع عائلة دهيني التي لم تكد تستوعب الصدمة، حتى وصلها نبأ نية السلطات الألمانية نقل جثامين كورينا وأطفال بلال إلى ألمانيا لدفنهم لأنهم يحملون جوازات سفر ألمانية، بحسب مصادر العائلة. وتحسباً للخسارة المضاعفة، انتقل جهاد، شقيق بلال، المقيم في ساحل العاج المجاورة إلى بوركينا فاسو أمس، للتواصل مع السلطات المحلية وإجراء فحص الحمض النووي لمطابقته مع جثة شقيقه.