سيدي الرئيس محمود عباس، الموضوع: حلّ السّلطة الوطنية الفلسطينية والرحيل عن بلدي الحبيب فلسطين

سيدي الرئيس، أعتقد أن 21 عاماً من اتفاقياتكم البالية ومفاوضاتكم العقيمة مع الكيان الصهيوني كافية لإعلان فشلكم الذريع في قيادة ما تبقى من شعبي الحبيب. سيدي الرئيس، حلمك البائس الوضيع بقيام دولة فلسطينية تحدّها من الشرق والغرب والشمال والجنوب "إسرائيل" ليس حلمي. حلمي وحلم شعبي أن يتعلم أطفالي وجميع أطفال فلسطين أن أرز لبنان هو ما يحد المسجد الاقصى شمالا وبلاد هاشم سلالة الرسول (صلى الله عليه وسلم) شرقا وبلاد الفرعون والبحر الابيض المتوسط غربا والكعبة المشرفة جنوبا. هذا هو حلمنا وجل فخرنا وعزتنا سيدي الرئيس بما أعزنا الله به ألا وهو إسلامنا وعروبتنا. كرامتنا سيدي الرئيس سطرها لنا شهداؤنا الابرار بدمائهم. وأسرانا الابطال وجرحانا البواسل بكافة انواع إعاقاتهم. كرامتنا وعزتنا سيدي الرئيس كانت ولا تزال باقية وستبقى طالما أطفالنا يعلمون بالفطرة يحفظون عن ظهر قلب حدود المسجد الاقصى الشريف.

سيدي الرئيس إن أول حقّ لشعبي عندك هو ذاته أولى واجباتك ألا وهو حمايتي. ومنذ قيام سلطتنا الفلسطينية عام 1994 إلى هذه اللحظة لم تستطيعوا حمايتنا ولا حتى حماية اطفالنا من الاعتداءات الاسرائيلية سواء كانت هذه الاعتداءات على أرضنا وزيتوننا التي تمثلت بمصادرة الاراضي, أو على اجسادنا بسبب اطلاق النار او القصف بالطائرات، وكذلك الاعتداءات على حريتنا بالإعتقالات ونقاط التفتيش وانشاء المستوطنات.

سيدي الرئيس اريد التذكير ان هذه الاعتداءات لم تكن بهذه الصورة الهمجية قبل قيام سلطتكم وكأن كل ما يحدث هو بسبب اتفاقياتكم مع العدو الصهيوني والذي في الحقيقة انه لم يخترق اتفاقياتكم (أوسلو 1993) فهذا كله متفق عليه. فأتنم بهذه الاتفاقية عبارة عن أدوات تستخدمها إسرائيل لتقوية ذاتها ولتبرير جميع الانتهاكات بحق شعبنا ولكسب المجتمع الدولي الى جانبها. سيدي الرئيس إن جميع دول العالم يعتقدون ان للفلسطينيين كيان مستقل وجيوش قادرة على حمايتنا واقتصاد متين مستقل وحدود خاصة بنا.

لا يعلم المجتمع الدولي انكم لا تمتلكون الا الصمت الذليل امام جبروت الاحتلال. لا يعلم العالم بأنكم لا تستطيعون حماية أطفالنا وهم يلعبون او وهم في طريقهم الى مدارسهم. لا يعلمون انكم غير قادرين على حماية انفسكم في حال فكرتم في اختراق اي بند من بنود اتفاقياتكم معهم. لا يعلمون ان سلاحكم محدود ويجب ان يدخل مدننا بعد فحصه والموافقة عليه وعدد جيوشكم محدود وان حدود مدننا التي تملكون السيادة عليها قابلة للاقتحام بعد التنسيق والموافقة من قبلكم. لا يعلم العالم بأنكم هنا لحماية الإسرائيليين لا لحماية الفلسطينيين.

قامت إسرائيل بتصفية جميع الرموز والقيادات الفلسطينية التي عجزت عن قتلهم خارج فلسطين وقامت بفعل كل ما عجزت عن فعله قبل أوسلو. سيدي الرئيس قبل أوسلو ومعاهدة باريس الاقتصادية:

- كان ياسر عرفات وأبو علي مصطفى والشيخ احمد ياسين على قيد الحياة. وكان عشرات الاف الشهداء الذين قتلوا بعد اوسلو على قيد الحياة ايضاـ وكان عدد الاسرى اقل وعدد الجرحى وعدد الاعاقات بسبب الاصابات أقل.

- أصبح عدد الأيتام أكبر وعدد الاطفال اللذين لا يستطيعون النوم في حضن أباءهم وامهاتهم بسبب السجون الاسرائيلية أكبر.

- عدد المستوطنات والمستوطنين كان أقل بكثير من ما هو عليه الان. وعدد الاراضي المصادرة أقل وعدد البيوت المهدمة أقل.

- قبل قيام سلطتكم الفلسطينية لم يتم قصف اي مدينة فلسطينية بالطائرات او الدبابات ولم يتم استعمال اي رشاشات نارية ثقيلة مثل رشاش 500 وغيرها. ولم يتم اللقاء اي قنبلة غاز كيميائية محرمة الاستخدام دوليا كقنابل الاعصاب وغيرها.

- قبل أوسلو لم يكن جدار الفصل العنصري ولم يكن هناك اي نقطة تفتيش بين المدن الفلسطينية. وكنا نستطيع زيارة جميع الاراضي المحتلة من الشمال الى الجنوب ومن الشرق الى الغرب. وكذلك كنا نملك حق الاقامة والعمل بها دون تصريح وبدون اي شرط.

- كانت المقاومة الفلسطينية بجميع فصائلها منارة العز ومفخرة للجميع ولم يكن هناك معنى للخيانة والتشكيك بأي فصيل فلسطيني. كانت مقاومتنا وكفاحنا ونضالنا في وجه الاحتلال مقاومة الجسد الواحد الذي اذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى.

- كان الحجر اقوى من سلاحكم الذي تجيدون استخدامه ضدنا وتعجزون حتى عن رفعه في وجوه جيش الاحتلال بل وتقومون بإخفائه عند دخولهم الى مدننا. - كنا عائلة واحدة لا نعرف الفقر ولا نعرف الفرق بين مقدسي وغزّي وفلسطيني 48 وفلسطيني من الضفة الغربية وكان الحزن واحد والجرح واحد والفقيد واحد. وكان شهيدنا يكرم بثلاثة ايام غضب وإضرابات تجارية في جميع المدن الفلسطينية ومقاطعة للمنتوجات.

- كان المقتدر يساعد المحتاج (لم نكن نعرف من الغني ومن الفقير) ولا اذكر اني صادفت متسولا واحدا في اي مدينة فلسطينية قبل العام 1994. كانت العلاقات الاجتماعية متينة وكان الجار لا ينام قبل ان يطمئن على جاره. كان خط الفقر أعلى وعدد الفقراء محدود.

- كان عدد الجرائم والسرقات اقرب الى العدم وكنا نشعر بالأمان اكثر من الان. كانت قيمنا واخلاقنا وديننا وعقائدنا افضل.

- لم تكن معاهدة باريس الاقتصادية التي ربطت اقتصادنا المعدوم بدولة بني صهيون. حيث قمتم بالموافقة على تحديد منسوب استهلاكنا من الماء وكذلك اصبحنا ندفع ما يقوم المحتل بدفعه من ضرائب بنسبة فرق لا تتجاوز 1%. وكمية الوقود محدودة وبنفس الاسعار تقريبا ولكن بجودة مختلفة. وكذلك وافقتم على ان تكون العملة الرسمية للسلطة الفلسطينية هي الشيقل الاسرائيلي وممنوع اعادة استخدام او مداولة الجنيه الفلسطيني.

- كنا نرفض ان ندفع اي ضريبة لدولة الاحتلال والان تقومون بجمعها لهم وتقومون بعمل المخالصات فيما بينكم - كانت مقاومتنا لجيش الاحتلال عار لجميع دول العالم الصامتة وكان المجتمع الدولي دائما في جانبنا ومعنا ويقوم بدعمنا المادي والمعنوي. وكانت قضيتنا هي الابرز عالميا واولى ما يتم مناقشته في جميع المحافل الدولية. - كانت حرية التنقل بين جميع دول العالم سواء العربية او الغربية اسهل بكثير ولم نكن نتعرض لاي نوع من انواع الابتزاز في اي نقطة عبور لاي دولة في العالم.

أي عار نحن فيه الان سيدي الرئيس وماذا فعلتم بنا بهذه الاتفاقيات. واي دولة تتغنى بقيامها واين موارد هذه الدولة واين حدودها وما هي مقوماتها واين سلاحها وجيشها واين شعبها؟

سيدي الرئيس حلم الفلسطيني اكبر من دولتك التي تحلم بها ودماء شهدائنا لا تملك الحق في استخدامه وتجييره لمصالحك ولتحقيق حلمك البالي الوضيع. عجزت سيدي الرئيس عن حمايتي وحماية أطفالي أنت وسلطتك البالية المثقلة بالاتفاقيات الوضيعة فاتركنا وشأننا فنحن لا نريد رئيسا ولا سلطة ولا دولة تحمل اسم فلسطين ولكن إسرائيل تحكمها وتهيمن على اقتصادها وتحكم مواردها.

سيدي الرئيس بلادنا مقدسة وبارك الله فيها. ولد فيها عيسى ابن مريم وأسرى بها اشرف الخلق سيدنا محمد. فلسطين سيدي الرئيس اكبر من حدود دولتك التي تحلم في إقامتها والتي عجزت عن الحصول عليها. مساحتها 27000 كم مربع وليس 6000 كم مربع كما تعتقد. فلسطين هي جزء واحد لا يتجزأ والمسجد الاقصى سيدي الرئيس حدوده غير قابلة للتفاوض او التنازل فأرز لبنان شمالا والكعبة المشرفة جنوبا وبنو هاشم شرقا والفراعنة والبحر الاحمر غربا. لم يعد البحر الابيض لان دماء اطفال غزة صبغته بالأحمر

تأكد سيدي الرئيس اننا نشعر بالعار والأسف لقبولك ان يتعلم أحفادك ان إسرائيل تحد فلسطين من الجهات الاربعة. أرجوك ارحل أنت وأحلامك وسلطتك من بلادي فشعبي خلق للنضال والمقاومة وستقاوم حتى تحرير اخر شبر من

بلادنا فلسطين المحتلة. ولا تقلق فاللبيت رب يحميه
.

ايهاب النجار