لم تكن العمليات العسكرية التي نفذها "حزب الله " في منطقة القلمون  في الأيام القليلة الماضية عمليات عابرة أو مماثلة لتلك التي سبقت السيطرة على المنطقة في نيسان الماضي، هي وبحسب مصادر مقربة من الحزب، "عملية عسكرية كبرى واستراتيجية ضربت هيكلية أو ما يشبه بنية عسكرية متماسكة لمقاتلي المعارضة السورية أُريد لها أن تكون على الحدود بين لبنان وسوريا فتعمل بالاتجاهين".
وأوضحت المصادر أن العملية كانت منسقة بين حزب الله والجيش السوري ، "وقد حققت أهدافها بنجاح"، لافتة الى أنّها "أجهضت المشروع بشكل كلي وألحقت خسائر هائلة في صفوف المقاتلين". وقالت: "في الاشهر الماضية لم تكن أعداد المقاتلين تتخطى العشرات، بعضهم يتمركز في جرود عرسال وفي المنطقة الحدودية اللبنانية السورية وبعضهم الآخر داخل بلدة عرسال، لكنّهم مؤخرا أقدموا على تنظيم صفوفهم فازدادت أعدادهم وباتوا يشكلون حالة خطرة اقتضى القضاء عليها قبل تطورها أكثر".
ولم يكن مقاتلو المعارضة السورية من أشعلوا المعركة بل عناصر حزب الله، وهو ما أكدته مصادر الحزب والمعارضة السورية على حد سواء، مشيرة (مصادر الحزب) الى أن "الجهد الرئيسي انتهى، ولكن لا شك، لا تزال هناك عمليات لتنظيف الجيوب المتبقية".
وبقدر ما كانت العملية مباغتة، بقدر ما كان مسلحو المعارضة يتحضرون لها وهو ما أدّى لسقوط عدد غير قليل من الاصابات في صفوف حزب الله. وقد أشارت مصادر المعارضة في القلمون الى أنّه وباعتبار ان الحزب "لم يأخذ بالتهديدات الأخيرة التي أطلقها الشيخ أبي مالك الشامي، أمير جبهة النصرة في المنطقة، فذلك سيكون له ردّات فعل كبيرة في المدى المنظور".

ولم تنف مصادر المعارضة السوريّة ما أشيع عن تحضيرات وخطة للكتائب المقاتلة تقضي بالقيام بهجوم على مناطق حزب الله الحدودية، وهي لم تستبعد أن يكون "السيناريو العراقي قابلا للتطبيق في لبنان بأيّ لحظة".
ولا تستبعد المصادر عودة عمليات التفجير الى قلب مناطق حزب الله بعد احباط المشروع الأساسي للكتائب المقاتلة، وهو ما يتعاطى معه الحزب بكثير من الحذر بالرغم من يقينه بأن قدرات هذه القوى تراجعت الى حدودها الدنيا.
وتبقى عرسال شوكة في خاصرة حزب الله، باعتبارها استقبلت في الايام الماضية أعدادا كبيرة من هؤلاء المقاتلين الجرحى الذين سيعودون الى ساحات المعارك بعد تعافيهم. وفي هذا الاطار توضح المصادر أن "الحزب غير قادر حاليا على التعاطي مع موضوع عرسال وهو في حال اتخذ اي قرار للمواجهة يعني أنّه انزلق الى آتون الحرب المذهبية التي بذل جهودا جبارة لاحتوائها في السنوات الماضية".
ويرمي الحزب طابة عرسال في ملعب الجيش اللبناني والأجهزة الامنية الأخرى، التي ضيّقت الخناق كثيرا في الأشهر القليلة الماضية على مسلحي المعارضة السوريّة والمتعاونين معها، الا أن هذه العناصر تبقى غير قادرة على الحزم بالموضوع نظرا لربط مؤيدي المعارضة السورية بالملف الانساني ومسألة اللجوء وخاصة من ساسة لبنان.