يتساءل اللبناني عموماً والشيعي خصوصاً لكونه يعيش وسطهم ويعاين تصرفاتهم عن قرب، ما الفرق بينهم وبين داعش، إنه حزبٌ متطرّف كما داعش ولكنه أذكى، فعدم تقديم عروضه الجرائمية بحق الأبرياء لا يعني  أنه لا يفعل ذلك ما وراء الكواليس.

حزب الله اللبناني الشيعي أو تنظيم حالش كما تمت تسميته مؤخراً، هو حركة إسلامية إيمانية جهادية قائمة على أساس ولاية الفقيه التي تُعتبر امتداداً لولاية الأنبياء والأئمة, ويلتزم خط الإمام الخميني الذي يجسده الإمام الخامنئي لتحقيق أهداف الأنبياء و تمهيد الأرض للحجة القائم المنتظر.

ويستمر الآن وبدعم إيراني كبير ومن خلال الاستمرار باعتقاده بالولاية العامة والمطلقة للفقيه ـ القائد والمرشد، وبما يستتبع هذا الاعتقاد من ثقافة وطقوس وتعليم وتأهيل وتقليد يستمر في تعميق وتمكين نفوذه في مناطق الشيعة، وله مشروعه التوسعي المرتبط ارتباطاً وثيقاً بالجمهورية الإسلامية في إيران، وهو اليوم يشارك بشار الأسد في قتل الشعب السوري حفاظاً على الحكم العلوي في سوريا على الرغم من أنه يشكل الأقلية القليلة في سورية، ويستعد لإرسال قواته للعراق لمساندة حكم نوري المالكي الآيل للسقوط.

وتؤكّد الوقائع والأحداث أنه مستعدّ لسفك الدماء وقتل الأبرياء والأطفال في سبيل الحفاظ على الأنظمة المستبدة في كلٍ من المناطق التي تشكل هاجساً مصلحياً له بناءً على أوامر إيرانية هادفة إلى السيطرة على المنطقة ولعب دور الشرطي في الشرق الأوسط لمواجهة السلطة الأمريكية في المنطقة.

والمتابع للأحداث ولحركة تنظيمي حالش وداعش يرى تشابهاً كبيراً في حركية التنظيمين، إلا أن الأول مبنيٌ على تطرّف شيعي هادف إلى تمهيد الأرض لصاحب الزمان، والثاني مبنيٌ على تطرف سنّي هادف إلى إنشاء دولة الخلافة الإسلامية.

فهؤلاء هم الدينيون عندما يقررون الخوض في مستنقعات السياسة ينصّبون أنفسهم وكلاء الله على الأرض، يكفّرون من لا يشاركهم الرأي، ويلجأون للتوسع الاحتلالي إذا ما دقّ ناقوس الخطر بابهم، وهذا ما تفعله داعش في العراق اليوم تماماً كاللذي فعله حالش في 7 أيار ال2008، وما يفعله اليوم على الأراضي السورية.

وعلى الرغم من الإجماع التقريبي على أن البيئة السنية في لبنان لا يمكن أن تكون صالحة لتنظيمات داعشية متطرفة، ولكنني أرى أن الإرهاب لا يجرّ إلا الإرهاب والتطرّف لا يولّد إلا التطرف، وأكبر دليل على ذلك حركة الأسير التي ظهرت في صيدا جنوب لبنان. فإن المجتمع السني لا يمكن حمايته من هكذا تنظيمات إلا بتخفيف سطوة إيران وأداتها حزب الله  في لبنان وسورية والعراق، وأن يُخرج حزب الله نفسه من مستنقع الحروب الإقليمية  ويعود حزباً سياسياً عادياُ في هذه البلاد ويُسقِط عنه صفة الميليشيا المسلّحة، وقتها فقط يمكننا حماية لبنان من "داعش وأخواتها".