1-كيف ينظر رئيس اللقاء العلمائي اللبناني الشيخ عباس الجوهري إلى ما حصل في العراق مؤخرّا، هل هو انتقاضة شعبية أم تمدد لخلايا إرهابية، وهل بات العراق بعد هذا التصعيد على مستوى الأحداث على شفا حفرةٍ من التقسيم، وكيف سيؤثر ذلك على المنطقة؟

لا شك أن الوضع في العراق لا يُقرأ بلحظاته الأخيرة عند انفجار أحداث الموصل، وإنما يجب على المرء أن يعود بالذاكرة إلى السنين العشر التي كان  فيها سقوط لنظام وتأسيس للنظام الحالي، والعقبات التي اعترضت تشكيل العملية السياسية في البلد وطريقة تشكيل القوى السياسية وإقصاء بعض المكونات الأساسية وإعطاء دور لمكونات أخرى. ولا شك أن العامل المذهبي أخذ بعده ودوره حيث أن سقوط النظام العراقي "السني" وإبداله بحكومات على رأسها شيعة العراق أدخل الحقد إلى  قلوب غالبية العالم الإسلامي، ولم يتفهموا بأن الطاغية صدام لم يكن بمقدور الشعب العراقي بدون دعم دولي وخارجي، كما هي حال كل الطغاة في يومنا الحاضر بدون دعم خارجي لا يمكن إسقاطها، ولكن المشكلة أن الساسة في العراق لم يرتقوا إلى مستوى التغيير ولم يذهبوا إلى بناء دولة العدالة ودولة التنمية ودولة الاستفادة من كل الطاقات العراقية وعملو على اقصاء مكون أساسي من العراق واستتباعه.

ولم ينفجر الوضع في بداية الأمر مع الأحداث التي جرت في سوريا ومع التطورات الحاصلة في المنطقة بشكل عام ومع البعد الطائفي الذي ذهب إلى أبعد حد في انفجاراته اشتد عودهم بدعم داخلي وخارجي وذهبوا ليقتصوا ممن أقصاهم، ، ولما كان لهذا الإرهاب أن يجد بيئة صالحة تحتضنه لو لم يكن هناك اختلال في العملية السياسية.

فلذلك انفجرت الحالة بأيدي إرهابيين كما لا ننسى لجوء المعترضون من عرب سنة وعشائر إلى الحالة السلمية بدايةً في ساحات الاعتصام ولكن الطريقة التي تعاملت بها حكومة المالكي مع هذه الحركات السلمية أدت إلى زيادة الإحتقان وإلى نشوء حالة من الإنفجار بدأت من بعدها مرحلةً جديدة تُنذر بأننا أمام مشهد تقسيمي للعراق والمنطقة.

2-يبدو أن هناك اتفاق ما بين أمريكا والمالكي لضرب الإرهاب في العراق، فلماذا لم نجد هذا التعاون في سوريا، ولماذا هذا التناقض في الموقف الأمريكي؟

لم يأخذ هذا التصريح الأمريكي طريقه للإنجاز الفعلي وهناك تأفّف من المالكي خرج عن لسانه بالأمس يقول "ان الامريكان يوعدوننا ويخلفون في وعودهم ونحن نطلب منهم المساعدات المباشرة من الأسلحة الفتاكة لمحاربة الإرهاب." والمالكي ياليوم يفكر بالذهاب للشراء من السوق الروسي وبالتالي فإن هذه الشراكة لن تكن مجدية ولن يأخذ المالكي منها ما يريد.

في المرحلة السابقة استطاع المالكي ان يكون حلقة الاتفاق بين الأمريكي والإيراني حول العراق، وانا اعتقد ان هذا فخ امريكا في تبنيها الماضي لبقاء المالكي في السلطة فالأمريكي له أجندته والمالكي له طموحه في البقاء في السلطة وإيران لها مصلحتها في إبقاء المالكي في السلطة.

هذا في السابق كان مؤاتياً للتفاهم الامريكي الايراني غير المعلن على العراق، أما اليوم بعد أن اخفق المالكي وبعد ما أصبح طرفاً في النزاع السوري وبعدما أقصى المكونات وبعدما رأينا المشهد في العراق في البيت الشيعي تحديداً لا يحبذ عودة المالكي لا من التيار الصدري ولا من جماعة الحكيم. فنحن اليوم امام مشهد تخلّي عن المالكي الذي يمكن ألا يكون في السلطة مجدداً لأنه أصبح جزءاً من المشكلة ولم يعد جزءاً من الحل، ولأن الانتفاضة الشعبية في العراق لن ترجع للوراء ولن تقبل بعد الإنجازات التي حصلت عليها أن تقبل بأقل من مشاركة فعلية في الحكومة.

3-هل هناك حاضنة سنية لداعش في لبنان، وكيف سيؤثر التدهور الأمني على شراكة حزب الله وتيار المستقبل في الحكومة السلامية في ظل إصرار حزب الله على متابعة الغوص في الوحول السورية؟ وما هي الحلول برأيك التي تحد من التدهور الأمني وتوصل لبنان إلى بر الأمان، وما هي مسؤولية 8 و14 تجاه هذا الوضع الأمني الخطير؟

في لبنان لا يزال المشهد على حاله من الضغط بسبب تدخل حزب الله بسوريا وما نجم عنه من احتقان وحقد يغلي في الساحة السنية برد نوعاً ما بعد تشكيل حكومة الشراكة، وكنا قد تنفسنا الصعداء بعودة الشراكة مع الاعتدال السني لضرب هذه الظواهر التي تدمر الواقع اللبناني ومستقبل الامن في لبنان، أعتقد أن حزب الله لن يتخلى عن شراكته مع الاعتدال السني ومن مصلحته الوطينة أن يعزز هذه الشراكة ليواجهوا معاً الإرهاب الذي يهدد الجميع في ظلّ بقائة في الداخل السوري لنصرة الخط المصلحي الذي يمتد إلى إيران.

لكن لا شك أن الأمور في المنطقة هي التي أرخت بظلالها على لبنان هذا ما أدى إلى إعادة التدهور الأمني بعد فترة من شبه الاستقرار.

ونحن نرى أن هناك تنسيق يقوده وزير الداخلية بين كل القوى الأمنية ولما كنا رأينا هذا التشابك والتعاون بين القوى الأمنية وإحباط الكثير من العمليات الإرهابية لولا نجاح الشراكة في الحكومة والاستمرار بها.

والشراكة مع تيار المستقبل الذي يشكل الاعتدال السني في لبنان هي التي تفوّت الفرصة على الإرهاب القادم من خارج الحدود لأن البيئة السنية في لبنان بيئة رافضة لمثل هذه الصور المتطرّفة، وإذا بقي تيار المستقبل مسيطراً على الساحة السنية في لبنان لن نشهد حالات جديدة مثل الأسير، أما في حال إعادة الشقاق والانشقاق بين حزب الله وتيار المستقبل سيملأ التطرف الفراغ الناجم عن هذا الخلاف لأنها تصبح البيئة وقتها جاهزة لاستجلاب الإرهاب من الخارج وإنتاج الإرهاب في الداخل.

4-حزب الله رضخ للمشاركة مع تيار المستقبل وقدم التضحيات في الحكومة السلامة من جراء الضغط الأمني الذي لحق بمناطق حزب الله بسبب تدخله في الحرب السورية، فهل سنرى تضحية جديدة من حزب الله في الاستحقاق الرئاسي بعد التدهور الأمني الذي حصل في الأيام القليلة الماضية؟

أعتقد بأن حزب الله لن يبادر إلى حلحلة بموضوع الرئاسة في لبنان وهو يريد أن يحيّد هذا الموضوع وأن يملأ الفراغ الرئاسي على المستوى الأمني بمزيد من التعاون والشراكة مع تيار المستقبل، التيار المعتدل في الساحة السنية، لكنّه لن يتخلى عن رئيس يحظى برضاه لأن موضوع الرئاسة في لبنان سيكون جزءاً من الصفقة التي يمكن أن تتم خارجياً، ولم نرَ حلحلة في لبنان بموضوع الرئاسة قبل إيجاد حل سياسي في العراق وسوريا والمنطقة.