بدا مونديال البرازيل باهتا  مملا وفقيرا و احتفالات وكرنفالات  بعض الجماهير كانت بمثابة  استثناء  يثبت القاعدة السابقة ولا ينفيها والحقيقة ان ثمة اسباب رياضية وغير رياضية سياسية اقتصادية اجتماعية اعلامية وفنية شكلت مجتمعة الصورة الباهتة  للمونديال  العبء ليس فقط على البلد المضيف واهله وانما على مشاركين كثر وعلى متابعين وعشاق اكثر عبر العالم .

اول اسباب ضعف المونديال وفقدانه لقيمته رونقه وبهجته يتعلق برد فعل اهل  وجمهور البلد المضيف وبعدما كانت استضافة المونديل حلم  هدف  امل لشعوب كثيرة وسبب للاحتفال والاحتفاء لمن ينال هذا الشرف بدا الامر مختلفا هذه المرة حيث لم تتوقف التظاهرات والفعاليات المنددة باستضافة المونديال وتبذير مليارات كثيرة عليه بينما تحتاجها البلد فى مجالات اخرى اهم مثل الصحة والتعليم والبنى التحتية وربما يعود الامر جزئيا لفشل حكومة البرازيل فى ادارة الملف كما ينبغى وخلق اجماع او ما يشبه الاجماع حول استضافة الحدث الكروى الاهم فى العام وربما ايضا  بزيادة وعى الناس و ثورة التكنولوجيا و عجز الحكومة- او الحكومات- عن قمع الراى العام ومنعه من التعبير عن نفسه وربما  كل ذلك معا وفى كل الاحوال  نحن امام مشهد مكتمل المعالم حيث سوء الاعداد الواضح وتردى الخدمات  والرفض الشعبى الواسع والذى لا  لا يمكن اخفاءه .

يمكن الحديث كذلك عن بعد اقتصادى اجتماعى يتعلق بالاوضاع الاقتصادية المتدهورة فى العالم بما فى ذلك البرازيل طبعا  وازدياد وعى الراى العام وقدرته على فرض ارادته او على الاقل  التعبير عن رغباته طموحاته واماله  وبدا ان بلد  ناهض ويعانى ازمات عدة فى بناء نفسه مثل البرازيل لا يملك الترف لاستضافة احداث رياضية كبرى تحتاج الى صرف المليارات وهدر سنوات من الاعداد والاستنزاف واعتقد ان الدرس البرازيلى سيترك اثره وتداعياته على بلاد عديدة فى العالم وفى المدى المنظور سيكون من الصعب على بلد  نامى او يعانى ازمات اقتصادية ان يستضيف المونديال وربما يصبح الامر حكرا على الدول الغنية-وهى باتت قليلةجدا- او قد يتم اللجوء الى استضافة المهرجان الكروى  من دولتين-كما حدث فى العام 2002- او حتى من اكثر من دولتين كمان كان الامر فى بطولة اوروبا الاخيرة وهو السيناريو الاكثر احتمالا .

على الصعيد الرياضى او الكروى  يمكن الاشارة الى عدة اسباب ساهمت مجتمعة فى الصورة الباهتة للمونديال ومنها وصول اللاعبين منهكين مستنزفين بعد موسم او مواسم كروية شاقة  خاصة فى الدوريات الاوروبية الكبرى ومعظم اللاعبين خاصة فى المنتخبات الكبرى يلعبون بتلك الدوريات  وومع عدم تجاهل عامل الطقس الحار جدا والرطب فى البرلزيل الا ان الانهاك البدنى وحتى الذهنى هما المسؤولان مباشرة عن  المونديال الباهت وعجز معظم الفرق عن تقديم اداء كروى جميل ووممتع كما الحال مع الحدث العالمى  فى السبعينات او الثمانينات من القرن الماضى علما  ان المنحنى الباهت تناسب عكسيا مع التطور اللافت فى الدوريات الاوربية  الكبرى خاصة فى اسبانيا وانجلتراا يطاليا ثم المانيا اخيرا .

على الصعيد الفنى ايضا بدا دورى ابطال اوروبا وكانه البطولة الاهم فى العالم والتى تجمع كبار اللاعبين من مختلف القارات والجنسيات والبطولة ذات المستوى الكروى الفنى والبدنى الرفيع تتطور من عام الى اخر  وباتت مصدر دخل كبير وكبير جدا للمشاركين فيها من اندية لاعبين وحتى اتحادات وشركات نقل تلفيونى واعلانات مراهنات وخلافه واعتقد ان التنافس العالمى فى البطولة بين كبار الاندية ارتد مباشرة وبشكل سلبى على المونديال الذى وصله لاعبو تلك الاندية-وهم نخبة لاعبى العالم- منهكين بدنيا فنيا وذهنيا وربما مشبعين ماليا و اعلاميا من جهة اخرى .

يمكن الحديث عن سبب اخر ساهم بدوره  فى الصورة الباهتة للمونديال ويتعلق بتعدد او تغير الولاءات وونتيجة لاسباب مالية اعلانية اعلامية وحتى عصرية بات ولاء اللاعبين اكثر للاندية  خاصة الكبرى التى تلعب فى افضل الدوريات وكما فى دورى الابطال الاوروبى فالفائدة المالية  المعنوية والنفسية  وحتى الكبيرة يتم حصدها  هناك ولم يعد اللعب للمنتخب جذاب لعدد   كبير من اللاعبين البارزين  خاصة مع تعدد الجنسيات التى  يحملونها فميسى مثلا ارجنتينى اسبانى ويقال ان ولاءه الاكبر هو لبرشونة-وربما لمن يدفع اكثر-  ومستواه فى المنتخب لا يقارن ابدا باداءه مع ناديه ونفس الامر يمكن قوله عن اوغيرو  رونالدو البرتغال رونى انجلترا ولاعبين اخرين ظهروا بمستويات هزيلة فى المونديال الباهت عكس الحال مع انديتهم فى البطلات الاوروبية الكبرى .

ثمة سبب اضافى  اخر له دور فى  خرج المونديال بهذه الصورة الباهتة  ويتمثل بسقوط لاعبين كبارنتيجة الارهاق البدنى والاستنزاف فى البطولات المحلية والقارية ما ادى لغيابهم عن العرس العالمى وبالتالى تناقص قيمته الفنية ,والجمالية يمكن الحديث على سبيل المثال لا الحصر عن ريبيرى الفرنسى  فالكاو الكولومبى ريوس الالمانى فالديز الكانترا الاسبانى ايضا  مونتلفيو الايطالى  والكوت الانجليزى وتاونسند الانجليزى ايضا .

اذن لاسباب ومعطيات مختلفة جاء المونديال باهتا مملا خاصة مع خروج المنتخبات الكبرى من الاوار الاولى واعتقد ان المنحنى الفنى سيزداد هبوطا فى الاعوام والدورات القادمة وشيئا فشيئا سيصبح دورى الابطال الاوروبى مع كبار اللاعبين  اللاتينين   هو البطولة الاهم والاعظم فى العالم اما على مستوى الاستضافة فربما تمر القصة مع روسيا بوتين المتعطشة لفرض نفسها وتحقيق مكاسب سياسية والتى لا تقيم وزنا للراى  العام لديها  كما مع قطر –اذا لم يتم سحب البطولة معها -التى لا تعانى اى ازمات مالية الا ان الامر سيزداد صعوبة بعد ذلك وستعود الاستضافة حكرا على الاغنياء  او بمشاركة دولتين او اكثر وباختصار العرس الكروى العالمى للاسف يفقد قيمته بهجته وروقه وهو ما سيستمر للاسف  ايضا على المدى المنظور ايضا .

باحث فلسطينى