كما هو واضح لم يعد لبنان بمنآى عن الاحداث والتطورات الامنية الجارية في المنطقة وخصوصا في سوريا والعراق , وقد أصبح لبنان كله على امتداد مساحته الصغيرة هدفا للارهاب الذي يطال المنطقة برمتها وها هو من جديد يدفع الثمن , ثمن المغامرات التي دأب اللبنانييون على الخوض فيها خصوصا حينما شاركوا سوريا أزمتها واتخذوا مواقعهم بين مؤيد للنظام ومعارض له وبين مؤيد للثورة ومعارض لها ولم تستطع سياسة النأي بالنفس التي أعلنها لبنان الرسمي أن تحد من المخاطر ولا استطاع المؤيدون والمعارضون أن يجنبوا بلدهم هذه النار التي باتت تحرق الأخضر واليابس في هذا الوطن وباتت الساحات كلها مفتوحة نحو المجهول ولم يعد بإمكان أي محلل أو متابع أن يتنبأ بما يمكن أن تؤول إليه الأمور بعد هذا الإنكشاف الامني الخطير .
لقد وضعت الاحداث الأخيرة في المنطقة لبنان في دائرة الخطر وعلى مدى اسبوع واحد خرجت الامور عن السيطرة الأمنية وباتت كل المناطق في لبنان مسرحا للأعمال الارهابية ورغم التطمينات التي يسوقها المسؤولون الامنيون والسياسيون في تصريحاتهم إلا أن شيئا ما غير واضح أو انهم لا يتجرأون على الحديث به وهو إنفلات الوضع الأمني وان الأمن لم يعد تحت السيطرة لذلك فإن السؤال المطروح بجدية اليوم قبل الغد وهو هل بات لبنان بحاجة الى مساعدة خارجية لمكافحة الارهاب وضبط أوضاعه الأمنية ؟ وهل هناك استعداد خارجي للدول المعنية بالشأن اللبناني أن تقدم المساعدة ؟ أم أن الامور ستكون شبيهة بالمشهد العراقي ؟
في الوقاع الامنية أن الأمن العام بدأ برصد خلية «دو روي» ـ الروشة الإرهابية المؤلفة من 3 عناصر(سعوديان في العقد الثاني من العمر هما علي بن ابراهيم بن علي السويني وعبد الرحمن بن ناصر بن عبد الرحمن الشقيفي وشخص ثالث) على مدى أسبوع كامل وتمكن من جمع ملف أمني كامل يؤكّد علاقتهم بتنظيم «داعش».

تلقت الخليّة، أمس، أمراً بتنفيذ هجوم انتحاري مزدوج عبر تفجير انتحاريين مجهّزين بأحزمة ناسفة نفسيهما داخل أحد أكبر المطاعم في بيروت (ومن ضمنه فندق كبير) خلال وقت الذروة ووجود أكبر عدد من مرتادي المطعم، أي خلال متابعة مشاهدة إحدى مباريات «المونديال».

وبعد عمليّة الرصد، جهّزت «قوات النخبة» في الأمن العام نفسها لدهم الفندق في الروشة بثيابٍ مدنيّة، بإشراف مباشر من اللواء عباس ابراهيم. تولّت مجموعات عدة المهام، من رصد الفندق من بعيد، الى التحكم ببعض الطرق المؤدية إليه، وصولاً الى قيام مجموعة باحكام الطوق على مداخل الفندق البيروتي الواقع قبالة السفارة السعودية ومقر تلفزيون «المستقبل» سابقاً في الروشة.

وفي الوقت نفسه، توجهت مجموعة من «النخبة» إلى الطبقة الرابعة، وكانت قد تبلغت أن هناك أكثر من انتحاري في الغرفة نفسها... والمطلوب اقتحام المكان حتى يحول عنصر المباغتة دون جعلهما يستخدمان الأحزمة التي بحوزتهما. وفي الساعة الصفر، اقتحمت المجموعة الغرفة، فسارع الإرهابي السعودي الشقيفي إلى رمي حزامه الناسف في وجههم، ليسقط هو قتيلا قبل أن تحترق جثته بالكامل لاحقاً، كما سقط ثلاثة جرحى من عناصر الأمن العام فوراً وهم هيثم وهبي وطارق الضيقة وأسامة حجازي، فيما تولت مجموعة أخرى اقتحام الغرفة، ولاحظت أن شخصاً اندفع فوراً نحو شرفة الغرفة لرمي نفسه من الشرفة، وآثار الحريق وبعض الجروح جليّة على جسمه، غير أن سرعة المجموعة وإرباك الإرهابي (السويني) حالا دون فراره.

في المحصلة، قتل انتحاري نتيجة الانفجار والحريق الذي اندلع داخل الغرفة، وألقي القبض على الإرهابي الآخر الذي نقل إلى سجن الأمن العام في محلة المتحف، حيث أخضع للعلاج، وتبين أن حروقه غير خطيرة، وبدأت التحقيقات ليلا معه، وأكد خلالها وجود شخص ثالث ينتمي الى المجموعة نفسها استطاع الهروب، لكن لم يعرف ما اذا كان ذلك قد حصل بالصدفة أو بالتزامن مع عمليّة الدهم.
وجرت عملية مداهمة لعدد من الغرف، فضلاً عن تفتيش غرفة «الداعشيين» السعوديين، وعثر فيها على حقيبة من المتفجّرات التي صادرها الأمن العام.

فرض التأشيرة على الخليجيين
وعلمت «السفير» أن مجلس الوزراء سيقرّ، اليوم، سلسلة إجراءات عند الحدود البرية والبحرية وكذلك في مطار بيروت، وخصوصاً لجهة إلزام الخليجيين بالحصول على التأشيرة اللبنانية مسبقاً، وليس مباشرة من مطار بيروت، وذلك على قاعدة «المعاملة بالمثل»، وذلك بما يقطع الطريق على أية تسهيلات محتملة لدخول إرهابيين الى بيروت من جهة، وبما يشكل ضمانة أمنية للبنانيين وضيوفهم الراغبين بزيارة لبنان من جهة ثانية.
وحتى ساعة متأخرة من ليل أمس، كانت مجموعات من «النخبة» في الأمن العام والجيش و«المعلومات» تنفّذ سلسلة من المداهمات في عدد من فنادق العاصمة والضواحي الجنوبية (مثل «ماريوت» سابقا و«الساحة» وغيرهما)، في ظل معلومات عن احتمال وجود الانتحاري الثالث الذي تمكن من الفرار في أحد هذه الأماكن.
وقال مصدر أمني لـ«السفير» إنه حتى ساعة متأخرة من ليل أمس، تم القبض على مجموعة لا تتجاوز أصابع اليد الواحدة بينها سعودي وسوريان من المشتبه بهم.
كشف مصدر أمني عن أنّ المجموعة التي داهمتها يوم الاربعاء قوّة من الأمن العام في فندق "دو روي" في الروشة كانت ستنفّذ عملاً أمنيّاً في غضون الساعات الثمانية والأربعين المقبلة.
ولفت المصدر الى أنّ المعلومات المتوفرة والمواد التي كانت بحوزة هذه المجموعة توحي بأنّ تحضيراتهم لتنفيذ عمل إرهابي قطعت مرحلة متقدّمة، مشيراً الى أنّ التحقيقات التي ستجري مع الموقوفين ستكشف بالتأكيد عن معلومات قيّمة على هذا الصعيد.
وعلى الرغم من إشادة المصدر بالجهود التي تبذل على المستوى الأمني الرسمي، إلا أنّه يعترف بأنّ حجم المواجهة التي تخوضها الأجهزة الأمنيّة اللبنانيّة أكبر من قدرتها، ما يؤكد على صعوبة القضاء على المجموعات الإرهابيّة.
اكدت مصادر مطلعة لصحيفة "الجمهورية" أنّ "الخلية الإرهابية في منطقة القلمون كانت تستهدف رئيس فرع المخابرات في الشمال العميد عامر الحسن، على خلفية موجة التحريض التي قادها شبّان من طرابلس في أعقاب التوقيفات التي شهدتها عاصمة الشمال، والتي اعتبرت أنّها إهانة "أهل السنّة" في المدينة".

في السياق عينه أفادت معلومات “النهار” ان الضابط المستهدف بتخطيط الخلية هو المسؤول عن الامن العام في منطقة الشمال النقيب خطار نصرالدين.