هي زلّة لسان، أو جنون ما قبل السقوط، أو هلوسة فرضها عليه هاجس الرئاسة الأولى، لكن بغضّ النظر عن الأسباب التي دعت برئيس تكتل التغيير والإصلاح النائب ميشال عون إلى كلام الأمس، فإنه لا يُفهم إلا بأنّه تهديد مباشر لرئيس الحكومة السابق سعد الحريري ومقايضة فعلية على حياته وأمنه، وكأن الجنرال يقول للحريري "اقبل بي رئيساً مقابل أن أضمن لك أمنك وسلامة عودتك إلى لبنان"، والأخطر في الموضوع هو طريقة تأمين هذه الحماية من قبل عون لحياة الحريري حسب ما سردها هو "عبر اتصاله بأصحاب الشأن" أي باتصاله بالجهة المسؤولة عن الاغتيالات في لبنان، وبالتالي اتهام غير مباشر لحلفائه أيضاً بأنهم هم المسؤولين عن مسلسل الاغتيالات.
فقال عون  فى تصريح صحفى مساء أمس: "قلت للحريري أنا أضمن له العودة إلى لبنان وأمنه السياسى، وذلك بالتحاور مع الجهات اللازمة، ولكنى قلت له إذا لم أكن بموقع المسؤولية لا أستطيع أن أؤمن ذلك".

وأساء كلام الجنرال استياء فريق الرابع عشر من آذار وصدرت حوله مجموعة من الردود والتصريحات التي أجمعت على حالة الإفلاس السياسي الذي وصل لها العماد عون والتي عرّته من ثوب التوافقية إلى غير رجعة.

وفي هذا السياق كان لموقع لبنان الجديد حديثاً خاصاً مع عضو كتلة المستقبل النائب أحمد فتفت، والذي رأى بأن "ما قاله الجنرال عون كلام خطير جداً لأن فيه ابتزاز وتهديد أمني ليس فقط للحريري بل للكثير من اللبنانيين، ويوحي بأنه هو على تواصل مع أصحاب الاغتيالات وقالها بصراحة في مقابلة الأمس، نعم أتواصل مع أصحاب الشأن، وكأنه كان يوزع بطاقات رشوة أمنية للسياسيين الذين يؤيدوه، وبالتالي هذا انحدار كبير جداً في السياسة ولكن لا نستغربه من العقلية العونية التي سبق ورأيناها كيف قامت بتدمير البلد أكثر من مرة."

وأضاف فتفت "وإذا كان لدى الجنرال عون أمل واحد بالمئة بأن يكون توافقياً فهو يخسر كل الإمكانية التوافقية بهذه الطريقة. ونحن قمنا بتقديم مبادرة قدمها الرئيس فؤاد السنيورة وهي من جزئين: أما أن يقوم الجنرال عون بترشيح نفسه، وإما أن نتفق على رئيس ثالث غير الدكتور جعجع والجنرال عون، ولاقت هذه المبادرة تجاوباً في كافة أجواء 14 آذار."

وفي سياقٍ آخر رأى النائب فتفت أنه "أمام الهاجس الأمني الذي يوحي لنا حزب الله بأنه موجود، في ظلّ أحداث العراق، فهناك انعدام في المسؤولية الوطنية لكل نائب تغيّب عن الجلسة اليوم، وكنّا متـأمّلين بأن ما يجري في العراق يمكن أن يكون حافز يدفع بهم لحضور الجلسات وانتخاب رئيس."

وعن انعكاس الأوضاع العراقية على لبنان أشار فتفت "أمنيا إذا ليس هناك من قرار لدى الطرف الإيراني بإشكال لبنان، فليس هناك أي طرف غير حزب الله يستطيع أن يقوم بأي إشكال أمني فعلي في لبنان."

هذا بالنسبة لفريق الرابع عشر من آذار ولكن كيف سيقرأ حلفاء العماد عون هذا الإفلاس السياسي لعون وتهديده المباشر للحريري، وهل سيبقى حزب الله باقياً عليه بعد أن أوصله هاجس الرئاسة إلى مرحلة الخرف السياسي بامتياز...!!

نهلا ناصر الدين