يحارُ المرء كيف يبدأ , وماذا يقول في الفتنة الكبرى التي نشهدها اليوم على الساحة الاسلامية , والعالم كله يشاهد الواقع ولا يحرّك ساكنا , كأنه ينظر الى فيلم سينمائي, مشهد يُنبئ ببدء حرب المئة عام , وسوف لن تبقي ولا تذر , ويتحمل مسؤوليتها المراجع الدينية كافة من كل المذاهب .

دعوة المرجعية الدينية  الى حمل السلاح لمقاتلة بعضها في العراق ليس هو السبيل الامثل لوقف الحرب المذهبية التي تجتاح العراق وسوريا والتي قد تمتد الى لبنان,لا سمح الله ,  كنا نتمى من المرجعية الدينية أن تكون أكثر وعيا للمرحلة , لأن الفتنة التي نحن الان في بحرها الهائج , لا يخفف من هياجها الخطاب التعبوي المذهبي عند المذاهب الاسلامية , بل لا بد من خطاب العقل أن يتقدم ويحكم السلوك والخطوات , كان ينبغي على المرجعيات الدينية في العراق من السنة والشيعة , الدعوة الى نبذ الفتنة والتوحد حول الجيش العراقي  الذي صُرِف عليه المليارات من الدولارات .

 إن الذي يحصل في العراق اليوم هو نتيجة عوامل متعددة متداخلة , ليس فقط صراع مذهبي , وإن تقولب بالمذهبية  فلأن المذهبية هي العنوان الجذّاب , لشد عصب الجماعة , وفي الواقع هو ليس حربا مذهبية بالاساس ,ولكن كثرة الحماس وإطلاق الفتاوى والتحريض المذهبي سيحوله الى صراع مذهبي يطول أمده ولا يعرف نتائجه الا الله .

يجب أن تتحمل المرجعيات الدينية مسؤوليتها امام هذه المرحلة الفتنوية بطريقة عقلية , لا بطريقة غرائزية , ولا تستمع للمحمسين والمطبلين من أي جهة كانت , أهل مكة أدرى بشعابها , والمرجعيات الدينية في العراق يعرفون تماما الفساد السلطوي في السلطة الحاكمة الان , والدليل على ذلك أن المرجع السيد السيستاني كان مقاطعا لكل السياسيين العراقيين بسبب فسادهم السياسي والمالي , ولم يكن يستقبل أحدا منهم , فهو يعرف كما غيره من المراجع الدينية , أن الفساد السلطوي , والفساد المالي والسياسي , منع قيام شراكة حقيقية في العراق , ومنع قيام دولة القانون والعدالة , فلذلك كبُر الشرخ بين ابناء العراق وفشلت الشراكة بين السياسيين وبين الاهالي , وانتشر الفساد والرشاوى , فاستغل المستغلون واقع العراق المأزوم , من داعش وغيرها من الحركات السياسية والاحزاب المذهبية , ليمرروا مشاريعهم السياسية والامنية .

فمسؤولية المراجع الدينية في العراق من كل المذاهب هي حقن دماء العراقيين والدعوة للوحدة الوطنية , ونبذ الفتنة المذهبية , وتوجيه الخطاب الى المرض الاساسي الذي ولّد الفوضى , وضرب الشراكة الوطنية , وهو الفساد السياسي في البلاد , والا فسوف يدخل العراق للأسف ومحيطه في معركة داحس والغبراء القرن والواحد والعشرين , وساعتئذ السلام على الاسلام والمسلمين والمرجعيات الدينية , نرجو من الله اللطف .