عاد نجم داعش ليسطع بقوّة، ولتستيقظ معه الحرب المذهبية التي تضع العراق والمنطقة على حافة التقسيم، وفي هذا السياق كان لموقع لبنان الجديد حديثاً خاصاً مع رئيس هيئة السكينة الإسلامية والخبير في شؤون الحركات الإسلامية أحمد الأيوبي.

داعش، ولادتها، الجماعات الإسلامية التي تنتمي لها، ومشروعها في المنطقة

أكد الأستاذ أحمد الأيوبي أن "بالأصل، تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام هو تنظيم ولد من رحم القاعدة، وحصلت تباينات خلال مرحلة الثورة السورية أدّت إلى انفصال هذا التنظيم عن القاعدة. لأنه تبين بأن قيادة تنظيم القاعدة كانت تنسق مع إيران وعقدت تفاهماً كبيراً معها، كما كشف الناطق باسم داعش خلال سجاله مع أيمن الظواهري ذلك عندما قال بأن الظواهري كان يعطي التعليمات بعدم التعرض لإيران بعمليات عسكرية وأمنية وعدم ضرب عموم الشيعة في العراق بناء على طلب إيراني، في المقابل كانت هناك مراكز دعم وخطوط إسناد داخل الأراضي الإيرانية لتنظيم القاعدة بقيادة أيمن الظواهري."

وأضاف الأيوبي "وعندما تم إنشاء تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام كان من التباينات الأساسية رفض هذا التفاهم لذلك حصل صراع كبير بين الطرفين وأدى أيضاً إلى خروج جبهة النصرة عن القاعدة وعن الدولة الإسلامية. ومشروعهم المعلن هو إقامة دولة الخلافة الإسلامية وهم يعتبرون أن البغدادي أميرهم هو أمير المؤمنين ويدعون إلى حل تنظيم القاعدة لأن الدولة قد نشأت وبالتالي لم يبق أي مبرر لوجود أي تنظيمات ذات طابع جهادي لأن الدولة قد قامت فعلياً برأيهم."

مشروع داعش الغير مُعلن "ضرب السنة أولاً"

رأى الأيوبي أن هناك مشروعاً غير معلن لداعش يمكن أن يكون "مرتبطاً بطبيعة الاستخدام السياسي لحركة هذا التنظيم، أي عندما تصبح داعش اهي التنظيم الإرهابي الأول، وتسبق القاعدة تقريباً بالأعمال التي تصنف إرهابية على مستوى السلوك العملي، وعندما يسمح لهذا التنظيم بأن يتمدد داخل المناطق السنية كما حصل في العراق بكل سهولة ويتم تسليم كل المقدرات له، هذا يعني بأنه يُراد بأن يُسلم السنة في مناطقهم إلى مثل هذه التنظيمات التي تصنف إرهابية على المستوى العالمي، فهي ضرب للسنة أولا على المستوى الميداني وثانياً على مستوى إفادة النظامين العراقي والسوري القائمين على الدواعي الطائفية من تحويل السنة إلى إرهابيين. والمسألة الأخرى التي هي عزل السنة وإيصال رسالة على أنهم لا يصلحون للحكم وإعادة الأقليات إلى الواجهة من جديد من خلال تصوير أنفسهم على أنهم يحاربون الإرهاب ليصبح موضوع التعاون في مكافحة الإرهاب مع الغرب ومع المخابرات والأجهزة الغربية هو قاعدة تعاون أساسية تأتي ضد مصلحة عموم الناس في سوريا والعراق ولبنان أيضاً. ونظامي الأسد والماكي من جهة وداعش من جهة أخرى مستفيدان من بعضهم من حيث الوجود، وليس من حيث الارتباط العملي. والمالكي قد نسف الجيش العراقي عندما دعا لتشكيل جيش رديف، وكأنه يعلن بذلك فرط مشروع الدولة والشراكة الوطنية ويريد أن يركُز إلى ميليشيات لتنمية مشروع الفتنة الذي يعزز وجوده."

حقيقة ما حصل في العراق "ثورة شعبية وليست داعشية"

لفت رئيس هيئة السكينة الإسلامية إلى أن "ما حصل في العراق هو ما أعلنه مفتي العراق رفاعي الرفاعي، حيث قال بوضوح أن ما حصل هو ثورة شعبية وليست داعش هي التي سيطرت على هذه المناطق ككل، فمن بين الذين قاتلوا مجموعات مُعتبرة، وهناك شرائح كبرى جداً من الناس الذين سبق لهم أن انتفضو سلمياً على المالكي وبادهم بالجرّافات من ساحات الاعتصام السلمي أعادوا الكرّة الآن ولكن على مستوى واسع، وربما هذا ما دفع بالعسكر العراقي لأن ينسحب من المواجهة بهذه السهولة، فليست داعش التي انفردت في المواجهة. والمشهد سيتوضح خلال الأيام القليلة القادمة عندما يدخل الإعلام المستقل إلى هذه المناطق وقتها تظهر الصورة على حقيقتها."

طبيعة تمويل داعش التي جعلتها من أغنى التنظيمات

اعتبر الأيوبي أن داعش تُعتبر من أغنى التنظيمات في العالم وذلك لأنها "سيطرت على مكامن النفط في العراق  وسيطرت على أموال ضخمة من البنوك ما يقارب ال 300 مليون دولار، بالإضافة إلىسيطرتهم على كميات كبيرة جداً جداً من الآليات العسكرية والصواريخ والطائرات، ولم يكن لديهم هذه الإمكانيات في البداية، فكانو يعتمدون على الأعمال الأمنية من تفجيرات وأعمال انتحارية وما إلى ذلك."

انعاكسات توسّع داعش على العراق، سوريا، لبنان والمنطقة

رأى خبير الجماعات الإسلامية أن "الذي يحدث هو تحول كبير، حيث أننا أمام أحد خيارين الخيار الأول هو أن تنجرف المنطقة إلى حالة صراع مذهبي سني-شيعي تقريباً، لأن الصراع ليس في العراق فقط بل هو في سوريا والعراق ومن الطبيعي أن يمتد إلى لبنان لاحقاً في حال استمراره على هذا المسار. لأن المعركة الآن واحدة لان الجهة التي تقاتل هي جهة واحدة هي إيران والجماعات التي تمولها والأحزاب المرتبطة بها من ناحية، ومن ناحية أخرى مع الأسف أن هناك شرائح سنية كبرى تنتفض في وجه الهيمنة الإيرانية، إلى أن يبقى البحث مستمرّعن صوت شيعي عربي يتمثل بمرجعية النجف لتعيد نوع من التوازن إلى المشهد بحيث لا تنزلق المنطقة إلى حرب مذهبية حقيقية. لأن الوزن الكبير لمرجعية النجف قادر أن يقوم بدور كبير مؤثر وفاعل وحاقن للدم على المستوى العراقي والعربي والإسلامي."