سأل أيضاً وأيضاً المسؤول نفسه الذي يتعاطى البحث والتفكير والتحليل والتخطيط في "الادارة" الأميركية الثالثة اياها عن العراق ومصر، ثم قال عن سوريا: "أزمتها مستمرة والوضع القائم فيها مستمر. ونحن سنحاول دائماً في "جنيف" التوصل الى حلول، لكن الأمور ستبقى على حالها". ثم اعترف بأن "أميركا ربما لم تقُم بما يجب في الموضوع السوري. الاّ أنها ستستمر في العمل مع روسيا وغيرها لانجاز تنفيذ اتفاق الكيماوي وللتوصل الى حلول، علماً أن العنف سيستمر. وفي العراق العنف سيستمر. أما لبنان فربما يشهد عنفاً". وسأل أخيراً: "أين اسرائيل عند العرب اليوم"؟ أجبتُ: العرب لم يعودوا مشغولين بها اليوم. ما يشغلهم هو ايران كونها الخطر الرئيسي الذي يتهددهم في هذه المرحلة.
ماذا في جعبة مسؤول في "الادارة" الأميركية الثالثة يتابع ومن قرب الأوضاع في دول المغرب العربي أي المملكة المغربية والجزائر وتونس وليبيا؟ بدأنا اللقاء بالحديث عن المملكة، فسألتُ عن الأوضاع الراهنة فيها مقارنة بالأوضاع في غالبية الدول العربية. أجاب: "استطاع العاهل المغربي أن يلتقط احساس الناس ومشاعرهم في الوقت المناسب. وكان الاسلاميون "المغاربة" في الوقت نفسه جاهزين للتعاون السلمي مع العرش والحكومة. لهذا السبب مرّت أزمات "الربيع العربي" على المغرب بسلام، ونحن لا نعتقد أن المغرب سيشهد على المدى القريب على الأقل عنفاً أو ثورات. فهو يشهد نمواً في المبادرة الفردية وفي قدرات شعبه على تنوّع انتماءاته السياسية، والملك من جهته يحاول أن يكون متعاوناً". ماذا عن مشكلة الصحراء المغربية؟ سألتُ. أجاب: "ليس هناك حلٌّ سريع لها. هذه قضية صار لها زمان وستستمر من دون حل مدة طويلة. المشكلة هي بين الجزائر والمغرب ولا شك في أنك ستسأل: من يُلام منهما على استمرارها بلا حل؟ والجواب هو: الاثنتان. إنهما شقيقان متنافسان ومتخاصمان في استمرار. المغرب لا يريد الاستفتاء ربما لأنه يخشى أن تصوِّت غالبية "الصحراويين" مع الانفصال عنه. والذين يعيشون في الجزائر من الصحراويين ربما يخشون اليوم الاستفتاء لأن المغرب ينفِّذ في "بلادهم" أي الصحراء الغربية عملية تنمية قوية ومهمة وشجاعة. وقد يشجِّع ذلك أهلها وأبناءها على اختيار البقاء ضمن المملكة المغربية". سألتُ: أليس الارهاب حافزاً للجزائر والمغرب كي تتعاونا ضده وفي مسائل أخرى أيضاً لأنه يشكِّل خطراً عليهما معاً، وقد شهد كل منهما عمليات ارهابية؟ أجاب: "ما تقوله صحيح. تعاونهما ضروري ومهم. لكن الخلافات مستمرة بينهما. فضلاً عن أن "الارهاب الاسلامي" في المغرب هو (Home made) أي صناعة محلية وتنميته محلية كذلك وتغذيته. طبعاً هناك مال خارجي يتدفَّق عليه. لكنه في أساسه وجوهره داخلي. أما في الجزائر فالارهاب نفسه يأتي من الجنوب أي من غير الحدود المغربية، من ليبيا وغيرها. لذلك فإن الجزائر تحاربه بشدة، وهي قد لا تكون في حاجة الى مساعدة من المغرب للاستمرار في ذلك أو بالأحرى للنجاح فيه".
ماذا عن الجزائر؟ وكيف يُعقل أن ينتخب الجزائريون بوتفليقة رئيساً للمرة الرابعة وهو شبه حي؟ سألتُ. أجاب: "هل رأيت الفيديو الذي نُشِر عن بوتفليقة في أثناء تقديمه رسمياً ترشيحه للرئاسة؟ وهل سمعت الكلمات القليلة التي قالها؟ مدته كلها 14 أو 16 ثانية. وذلك دليل على صحة متدهورة وعلى عدم قدرة على الكلام كالسابق. اذ كان يحكي بتمهُّل شديد وبكلمات قليلة. الجزائريون قالوا: هذا ليس بوتفليقة". سألتُ: ما هي أسباب اختياره مرشحاً رئاسياً ناجحاً رغم ظروفه الصحية والأوضاع السياسية الداخلية في الجزائر؟ ومن هي الجهة الأساسية التي تقرر في الجزائر اليوم والتي تدعم فلاناً وتحجب الدعم عن فلان؟ المعروف أن الجيش كان قوة الدعم الوحيدة. هل لا يزال أم نشأت مراكز قوى متنافسة أو متناقضة داخله؟ أجاب: "هناك جهات قوية عدة داخل النظام. أمن وأجهزة وعسكر. هذه الجهات اختارت استمرار بوتفليقة لأنها لم تستطع الاتفاق على شخص آخر أو بالأحرى لأنها لم تستطع الاتفاق على شخص منها، علماً أنه قد لا "يُضاين" أو يصمد بسبب صحته المتدهورة. وقد يموت سواء قبل الانتخابات الرئاسية (لم يحصل ذلك) أو بعدها، وعندها ستتجدد المشكلة. في الجزائر، كما في السعودية، دخل جيل الحكام الفعليين مرحلة الهرم والشيخوخة. هل يعني ذلك دخول النظام الجزائري مرحلة الرحيل أو الاستعداد للرحيل؟ لا نعرف".
ماذا قال المسؤول الأميركي نفسه المتابع قضايا المغرب العربي وأوضاع دوله؟