عن مساعي كيري في الشرق الأوسط، وإمكان نجاحها، تحدّث المسؤول نفسه في إدارة أميركية مهمة ثالثة، يعرف المنطقة ويتابع الإرهاب المتفشي في دولها، قال: "في رأيي الشخصي لن تنجح المساعي. لكن وزارة الخارجية تؤكد نجاحها. لذلك لا بد من الانتظار". ماذا عن مصر، والذي يجري فيها؟ سألت. أـجاب: "نحن لا يهمنا "الاخوان المسلمون" في مصر. عندما حكموا أردناهم أن ينجحوا ديموقراطياً، وأن يحترموا حقوق الإنسان، ويحافظوا عليها، وان يحترموا الحرية ويحموها. لكن الذي حصل كان عكس ذلك، فساد وشهوة سلطة، ولذلك أخفقوا. العسكر يتصدّون الآن لقيادة مصر، نتمنى أن ينجحوا. موقفنا هو الدعوة إلى استقرار مصر، وإلى احترام السلام مع إسرائيل، وإلى مزيد من التطبيع معها، وإلى الاستمرار في التزام محاربة الارهاب. نتمنى أن لا يحاولوا إعادة الماضي أو تكراره. وربما يسعى الجنرال السيسي لأن يكون ناصراً ثانياً، لكن الظروف اليوم مختلفة والوضع العربي مختلف. إن مصر الآن في حال فوضى. أما سوريا فتسير نحو الكانتونات مثل العراق. حصلت فيها عمليات تطهير عرقي ومذهبي. لبنان لم يشهد ذلك أيام حروبه، أو أن ما حصل فيه لم يكن بهذه القساوة، حتى لا أقول أكثر".
ماذا في جعبة مسؤول، يتعاطى البحث والتفكير والتخطيط، في "الإدارة" الأميركية الثالثة المهمة إياها، وخصوصاً عن منطقة الشرق الأوسط؟
تناول الحديث في بداية اللقاء لبنان، فسأل: "ماذا فيه اليوم؟" أجبت: لبنان يدخل حالياً مرحلة قد تكون صعبة أمنياً، رغم المساعي الجدية لتعميم الاستقرار، وإن في حدّه الأدنى، وخصوصاً في ظل حكومة حديثة التشكيل. سأل ثانية عن اللاجئين السوريين ومشكلاتهم، وكيف تتعاطى الدولة معهم. أجبت: يتزايد عددهم يوماً بعد يوم. مشكلتهم الأولى الإقامة والتغذية والمدارس والطبابة. ومشكلتهم الثانية سياسية، إذ إن غالبيتهم قد تساهم في مزيد من الزعزعة للاستقرار، جراء اصطفافها لبنانياً مع الفريق المناهض للنظام السوري، وذلك قد يثير الفريق الآخر المؤيد له إذا طالت الحرب. علّق: "حتى الآن نجح الأردن ولبنان في القيام بعمل جيد في موضوع اللاجئين السوريين". سأل عن إيران، وعن رأيي في حوار أميركا معها. أجبته وعلى نحو "نُشر" في حلقات سابقة من الموقف. ثم سأل: "هل البحث النووي (أي المفاوضات) مع إيران تكفي؟". أجبت: هدفه الأول حل مشكلة النووي. لكن له أو يجب أن تكون له أهداف أخرى، مثل محاربة الإرهاب الذي صار خطراً عليها بعدما استعملته ولا تزال تستعمله بحسب اعتقادكم. التفاوض مهمّ لها كما هو مهمّ لأميركا. وأعتقد أنه سيوصل إلى نتيجة إيجابية. سأل: "هل من قوى داخل إيران، أو بالأحرى النظام الحاكم فيها، تحاول تعطيل التفاوض أو الحوار؟" أجبت: داخله قوى عدة قد تكون نظرتها إلى أميركا والنووي وغيرهما مختلفة وحتى متناقضة. لكن شرعيتها تأتي من الولي الفقيه خامنئي، علماً أنها تمدّه بالقوة وتحميه. سأل: "ماذا عن المشكلات الأخرى بين الدولتين، إضافة إلى المشكلة النووية"؟ أجبت: إيران هي الدولة الاقليمية الوحيدة القوية، وغير المرتهنة، أو غير المرتبطة بجهة دولية كبرى، أو عظمى تحميها، وبتحالف دولي واسع يؤمن لها الحماية. لذلك، فإنها تريد دوراً إقليمياً كبيراً، لكنها صارت الآن في موقع الدفاع (كما شرحت سابقاً)، ولذلك فإن الحوار معها قد يكون أكثر سهولة، وخصوصاً إذا قلّصت طموحاتها الشاملة، التي كان ولا يزال غير ممكن قبولها إقليمياً ودولياً. في اختصار، التفاوض مع إيران لن يكون سهلاً. وقد يكون على الحامي، أو بالأحرى قد يستمر على الحامي (سوريا اليمن... وربما لبنان).
سأل: "إذا كان حلفاء أميركا وحلفاء إيران في المنطقة يرضون بالحوار، أو يقبلونه". أجبت: إيران في حاجة إلى الحوار، وذلك يعني موافقة حلفائها وحاجتهم أيضاً. وحلفاء أميركا في حاجة إليه، مثل المملكة العربية السعودية، التي "زعلت" من أميركا، أولاً لتخليها عن حليفها المصري مبارك، ثم لبدء حوار مع إيران من دون إعلامها مسبقاً بذلك، أو التشاور معها. عندها خوف ولا بد من طمأنتها. ربما في زيارة الرئيس أوباما لها القريبة جداً يفعل ذلك (تمت الزيارة وتضمنت تطمينات أميركية).
عن ماذا سأل أيضاً المسؤول الأميركي نفسه، باعتبار أنه يطرح اسئلة أكثر مما يجيب عن اسئلة؟