تأخّرت معرفة إن كان الإبن سرّ أبيه أم لا، أربع سنوات في ولايته النيابية لم يتطرّق أحد في الحديث عن النائب نديم الجميّل، هو قريب من الناس بعيد عن الإعلام، ولكن في السنة الأخيرة، قلّ اليوم الذي لا يتمّ فيه تناوله في صحيفة من هنا أو تلفزيون من هناك، كثيرة هي الأخبار التي سرّبت، نسبت إليه نشاطات من دون أن يعلم بها، لكنها إن دلّت على شيء فهو أن النائب الشاب اكتسب خبرة معيّنة، انتظر اللحظة المناسبة، أخذ مواقفه ليثبت نفسه، وإستقلالية قراره.   في مراحل عدّة، برز الجميّل في مواقف لا تتّفق مع قرارات حزب الكتائب الذي ينتمي إليه، كما لا تتواءم مع توجهات عمّه رئيس الحزب أمين الجميّل، ولا إبن عمّه منسق اللجنة المركزية الكتائبية سامي الجميّل، شاكس في مواضيع حسّاسة، قوبلت بتوجيه إنذارات له من المكتب السياسي الكتائبي، لأنه لم يلتزم بالمقررات. لا يعتبر الإختلاف في الآراء والمقاربات خطيئة، لا بل هي في صلب العمل الديمقراطي، من هنا ينطلق.   في معرض الإختلاف بوجهات النظر داخل حزب الكتائب، نسج الكثير من الأخبار حوله. يقول لـ"المدن" إن "الإختلاف حق مشروع، ولكن ليس كل ما يُقال صحيحاً، نختلف في الكثير من وجهات النظر، ونتطابق في أمور أخرى، كل ما يحكى عن تردّي العلاقة مع سامي ليس واقعياً". إلاّ أنه يؤكّد أن العلاقة مع إبن عمّه لا تتعدى الإطار الحزبي، إذ تطغى عليها المواضيع الحزبية الداخلية، ويشير إلى أن "هناك اتفاقاً في ما بيننا على بناء الحزب كما يجب". لا يخفي التنافس على الرأي السياسي، وعلى الوجود على الأرض فهذا ما تقتضيه اللعبة السياسية.   يريد النائب الشاب بناء نفسه بنفسه وفق ما يراه مناسباً لوجهة نظره، فيه بعض من مشاغبة "الباش"، وحيداً عارض القانون الأرثوذكسي، يعتبره خطأ، كذلك رفض الذهاب إلى المجلس النيابي لمنح الثقة لحكومة الرئيس تمام سلام، ما استدعى توجيه الحزب إنذاراً آخر إليه. يضحك حين يُسأل إن كان يفضّل الإنتماء إلى القوات بدلاً من الكتائب، يؤكد أن الموضوع غير مطروح: "أنا موجود في الكتائب، وهدفي أن أعيد الكتائب رقماً صعباً على الساحة السياسية". ينفي الكلام الذي قيل عن سعي القوات إلى تجنيده في صفوفها "نكاية" بالرئيس الجميّل والنائب سامي الجميّل، لكنّه يجزم أن علاقته مع القوّات جيّدة جدّاً.   في السياسة يبدو صريحاً إلى أبعد الحدود، في موضوع الإنتخابات الرئاسية يقول إن الإنتخابات على الأقّل ستتأجل لثمانية أشهر: "الوضع الحالي محلياً وإقليمياً لا يسمح بذلك، خصوصاً أن البعض "يتمرجلون" بزنود غيرهم". يعتبر أن الإنتخابات ستجري بعد الإنتخابات النيابية، حين تصبح الظروف مؤاتية. هو يدعم ترشيح رئيس حزب القوات سمير جعجع، يقول: "سأبقى خلف أي مرشّح تجمع عليه قوى 14 آذار". وعن الخطوات في مواجهة الفراغ لا يعتبر أن أي تحرك ستقوم به قوى 14 آذار سيجدي نفعاً طالما قوى 8 آذار لا تريد سوى التعطيل.   عن الجلسات التشريعية يجزم بأنه لن يشارك، يتوقّع كذلك أن الحزب الذي ينتمي إليه لن يشارك أيضاً كما كل الحلفاء، وحول تشريع الأمور الضرورية يشير إلى أن البارز هو موضوع سلسلة الرتب والراتب، وبما أن لا إتفاق على هذا الموضوع فلا داعي للذهاب من دون إقرارها.   ينظر الجميل إلى بناء مستقبله السياسي، يحاول التقرّب من جمهوره، على مهل يبني قاعدته، يجمع بين هدوئه ومشاكسة والده، ومنهما يحاول البناء حجر فوق حجر، وفي حسابات التفضيل ونسج العلاقات يرفض الكشف عنها إلا في حينها، يحتفظ بحساباته لنفسه إلى
أن يحين أوانها.