في زيارة هي الأولى من نوعها للبابا فرنسيس الأول للشرق الأوسط، والتي تتزامن مع ذكرى مرور خمسين عاماً على لقاء البابا بولس السادس والبطريرك المسكوني للروم الأرثوذكس أثيناغوراس، عام 1964، حال لقائهما بالقدس للتقارب بين الكنيستين.
وتُعدّ زيارة بابا الفاتيكان الرابعة في عداد زيارات باباوات الفاتيكان لبلاد الشرق، حيث سبقها زيارة البابا بولس السادس في كانون الثاني (يناير) 1964، والبابا يوحنا بولس الثاني في آذار (مارس) عام 2000، والبابا بندكتس السادس عشر في أيار (مايو) عام 2009.

وتأتي هذه الزيارة البابوية بمثابة الحج إلى الاراضي المقدسة التي تشكل مهد المسيحية وتأتي لتجسيد الارتباط الروحي الوثيق والدائم بالجذور المسيحية والاماكن التي شهدت احداث الخلاص، وهي بالتأكيد بمثابة الدعم الكبير لصمود اهلنا في الاراضي المحتلة، من مسيحيين ومسلمين ويهود غير متصهينين. فقداسة القدس لا تنفك عن كرامة انسانها وثباته على ارضه، كما ان زيارة السجين ليست بحال من الاحوال تأييدا للسجان. وإن مقاطعة القدس والمقدسيين، بذريعة مقاطعة الاحتلال، ما هي الا موقف سلبي عقيم، يخدم مخططات الاحتلال التهويدية، التي تعمل على حصارها وعزل اهلها.  
إن هذه الزيارة بتوقيتها ومعناها تشكل رسالة مسيحية واضحة بالسلام والمحبة والشركة والرجاء والرفض لجدران السجن الاسرائيلي الذي يأسر اهلنا في فلسطين، وهذه اشارة كبرى لعزم الكنيسة الجامعة على حماية الوجود المسيحي في الشرق، باعتباره مكونا اصيلا في هوية المنطقة الثقافية والحضارية والتاريخية ، وهي تأكيد جديد على استعادة الحضور المسيحي باعتباره رافعة اساسية من رافعات النهوض العربي المرتجى .
وإن هذه الزيارة في دلالاتها أيضا يجب أن تكون دعوة صريحة إلى كل المسلمين في العالم لكي يحجوا هم أيضا الى اولى القبلتين وثالث الحرمين من اجل ان تكون القدس مدينة مفتوحة لجميع المؤمنين من دون ترهيب سياسي او ايديولوجي او عنصري ولتأخذ القدس بعدها الاسلامي والروحي والعقائدي
.
ومن هنا جاءت مشاركة البطريرك مار بشارة بطرس الراعي الذي أصر رغم الانتقادات والمزايدات أن يكون إلى جانب رعيته من أبناء فلسطين المحتلة خلال هذه الزيارة التاريخية لقداسة الحبر الأعظم .
كما أن الإهتمام بالحضور المسيحي في هذا الشرق يلتقي إلى حد كبير مع مواقف المرجعيات الاسلامية السمحة والمتنورة انطلاقا من حرصها على اسلام معافى، وعلى شراكة متكافئة مع المسيحيين، سواء في اطار عروبة حضارية او في رحاب الايمان الابراهيمي الكبير.
ويكفي أن لهذه الزيارة في برنامجها الفلسطيني قد ادت إلى استفزاز كبير للسياسيين والمعلقين الإسرائيليين الذين عبروا في أكثر من موقف ومكان عن امتعاضهم من الزيارة الى الاراضي الفلسطينية فعملوا كردة فعل على إجراء تعديلات في برنامج زيارة البابا الى اسرائيل في محاولة لافراغ الزيارة من مضمونها العربي والفلسطيني .