ساءت العلاقة بين البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي ورئيس تكتل "التغيير والاصلاح" ميشال عون مؤخرًا على خلفية عدم تبني سيد بكركي حتى الساعة ترشيح الجنرال الذي لا يزال يُعد نفسه المرشح الأبرز للرئاسة بالرغم من كلّ الأجواء السلبية التي سادت في الساعات الماضية. ولا يزال عون يبحث عن غطاء توافقي ومسيحي بالوقت الضائع، بانتظار وصول جواب نهائي بشأن تبني ترشيحه من المملكة العربية السعودية.
الغطاء التوافقي يسعى اليه عون لدى تيار "المستقبل" والمستقلين ولدى رئيس "الحزب التقدمي الاشتراكي" وليد جنبلاط، أما الغطاء المسيحي فكان عون يبحث عنه في البطريركية لاقتناعه بأنّ "القوات" و"الكتائب" لن يعطياه أيّ نوع من الغطاء لا بل سيسعيان لسحب الغطاء عنه في حال وجد.
وتشير مصادر في "التيار الوطني الحر" إلى أنّ عون "عاتب كثيرا على البطريرك الراعي الذي لم يسع وبأي مرحلة من المراحل لتبني ترشيحه وتسويق اسمه داخليا كان أم خارجيا، فلدى سيد الصرح مرشحين آخرين يسعى ولو بشكل غير معلن لوصولهم الى قصر بعبدا".
ولا يتخطى الموقف العوني من بكركي "العتب"، اذ تؤكد المصادر أن التيار الوطني الحر "ليس بصدد نسف علاقته بالبطريركية التي اتخذت مؤخرا مواقف متقدمة جدا في أكثر من ملف". واضافت: "سنسعى وبالرغم من كل شيء للحفاظ على علاقة جيدة مع البطريرك باعتبار أنّه وللأسف، لن يقدم دعمه لترشيح عون أو عدمه في وصوله الى سدة الرئاسة".
وتؤكد مصادر التيار الوطني الحر أن "المباحثات متقدمة بشأن السير بترشيح العماد عون، ورئيس الحكومة السابق سعد الحريري ايجابي لكنّه لا يزال يسعى لتخطي عقبات بعضها داخلية في تياره، وأخرى لدى المملكة العربية السعودية التي لم تحسم أمرها بعد لربطها الملف اللبناني بملفات اقليمية أخرى".
وتعبّر مصادر مسيحية عن خيبة أملها من "فشل البطريركية والأقطاب المسيحيين في ادارة الملف الرئاسي الذي خرج من بين أيديهم وبات في أياد خارجية".

وتعتبر المصادر المسيحية أن حظوظ العماد عون تراجعت مؤخرا وقد تكون انعدمت، لافتة الى دخولنا في مرحلة من الفراغ قد تطول الى 3 أشهر، وتضيف: "أي رئيس مقبل يجب أن يكون مقبولا من حزب الله وسوريا وايران بوجه خاص، وفي حال حقق النظام السوري مكاسب استراتيجية ميدانية فقد تعود لترتفع أسهم النائب سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية".
ولا تزال، وبحسب المصادر، حظوظ قائد الجيش جان قهوجي، والوزيرين السابقين جان عبيد ووديع الخازن مرتفعة، بمقابل اصرار مصادر "التيار الوطني الحر" على رأيها بأن لا حظوظ لأي مرشح آخر الا عون، وهي ترد التأخير الحاصل باتمام التوافق عليه الى التفاهم على صيغة الاخراج وعلى التوقيت، وتلفت المصادر الى أن احد المخارج التي يجري التداول بها يقول بتصويت 65 نائبا لعون بعد نجاحه باستقطاب أصوات المستقلين وآخرين فلا يعطي "المستقبل" أصواته له ولكن يؤمن له النصاب لتجنب الاحراج امام حلفائه المسيحيين.
وما يزيد العماد عون تشبثا بترشحه غير المعلن، موقف "حزب الله" المتمسك به حتى النهاية والذي أبلغه باستعداده خوض غمار المعركة معه بعنوان "عون أو لا أحد"، لاقتناعه بأنّه قد حان وقت رد جميله الكبير بجميل أكبر.
وبالرغم من أنّه وحتى الساعة لم يصل الرابية أي جواب نهائي من زعيم تيار "المستقبل" سعد الحريري لجهة السير بترشيح عون بشكل رسمي ونهائي، بدأ الأخير بمغازلة النائب جنبلاط لعلمه بأن أي جواب ايجابي من الحريري يجب أن يليه تلقائيا انفتاح سريع وبديهي على بيك المختارة الذي يعي تماما كيفية اتجاه الرياح في الأيام المقبلة.
وتشير المصادر الى أن عون قدّم أكثر من تنازل بموضوع التعيينات التي أقرتها الحكومة مؤخرا لصالح جنبلاط، ولعل زلة لسان البيك الأخيرة خلال مصالحة بريح ليست الا رد المغازلة العونية بما هو أحسن.