في حمأة التجاذب العلني والضمني حول موقع الرئاسة الاولى وقراءة المواقف والمؤشرات على اساسها، تخشى مصادر في قوى ٨ اذار ان يكون زعيم "التيار العوني" العماد ميشال عون نقض بنفسه الكثير من الاجواء مما يسوق حول احتمال التوافق عليه من اجل الوصول الى موقع الرئاسة الاولى من خلال اعطائه مؤشرا يائسا في هذا الاتجاه تمثل في وقوفه ضد التعيينات في المجلس العسكري التي كانت مقررة من ضمن التعيينات التي يجريها مجلس الوزراء ما لم يتم تعيين قائد جديد للجيش هو اللواء شامل روكز، علما ان الثغرة الاساسية الاخرى التي تضعفه وتؤخذ عليه سعيه الى تأمين دعم المملكة السعودية والجهود التي يبذلها على هذا الصعيد. فهذا المسعى المتعلق برغبته في تعيين قائد جديد للجيش والذي لم يتم التجاوب معه كان يمكن رئيس التيار تأجيله حتى ما بعد انتخابه، وفق هذه المصادر، لو صح انه واثق من انتخابه رئيسا للجمهورية بعد ايام قليلة وفق ما تشيع اوساطه والدائرون في فلكه باعتبار ان الرئيس الجديد سيأتي بفريق عمله ومن بينهم قائد جديد للجيش يتناغم معه ولن يكون محرجا باللواء روكز قريبه وفق ما اظهرت تجربة الدفاع عن اعطاء مراكز وزارية لصهره الأخر. وللواء روكز صدقية وتقدير في اوساط الفرقاء السياسيين خصوصا لدى قوى ١٤ آذار اكثر مما لدى حلفائه في قوى ٨ آذار ومن المرجح الا يصطدم تعيينه باي عقبات تذكر لدى هؤلاء الافرقاء لولا ان مصاهرته لعون ادخلته في بازار سياسي بحيث يلقى تبعاته السلبية اكثر من الايجابية منها على عكس ما يعتقد انه اصاب الوزير جبران باسيل الذي حصد ايجابيات توزيره مرارا وتعطيل تاليف الحكومات من اجله مرارا وتكرارا. لكن المغزى من سياق هذا الموضوع ان عون اعطى عبر اصراره المتكرر على تغيير قائد الجيش العام الماضي والذي عارضه حليفه "حزب الله" في شكل اساسي من خلال اصراره على التمديد للعماد جان قهوجي والاسبوع الماضي مؤشرين الى جانب الشكوك باحتمال انتخابه رئيسا: احدهما انه يخشى ان يتم التوافق على قهوجي الذي يعتقد ان حظوظه قائمة في الوصول الى قصر بعبدا خصوصا انه قد يكون الورقة المضمرة التي يريدها "حزب الله" لاعتبارات مختلفة وهو رغب ولا يزال في استبعاده عن السباق الرئاسي خصوصا انه بعد انتهاء المهلة الدستورية في ٢٥ الجاري من دون انتخاب رئيس جديد، فان قائد الجيش لن يكون في حاجة الى تعديل دستوري يوجب استقالته من منصبه قبل سنتين عملا بالتجربة التي سرت على انتخاب الرئيس ميشال سليمان بعد اتفاق الدوحة من دون استقالته من منصبه قائدا للجيش آنذاك علما ان اراء قانونية لا ترى موجبا لتعديل دستوري لقائد للجيش ممدد له في منصبه. والمؤشر الاخر السلبي هو طموحه الذي يعبر عنه علنا بوضع يده حزبيا وعبر المقربين ايضا على المراكز الرئيسية وابرزها لدى المسيحيين على نحو انفرادي بغض النظر عن مؤهلات اللواء روكز كما سيطرته على الجيش. ولهذه الاعتبارات حساباتها ليس داخليا فحسب بل خارجيا ايضا وبقوة.

وتالياً فان ضمانه او ثقته بانتخابه كانت ستوفر عليه تعطيل التعيينات العسكرية الاخيرة كما انه يعتقد ان رئيس التيار ربما حاول وفق ما يرجح البعض اخراج موقع قيادة الجيش من المفاوضات او البازار المرتقب حصوله متى بدأت المفاوضات على الثمن الذي سيطلبه عون من اجل التراجع ووقف الاصرار على ترشحه وتاليا دعم مرشح اخر يحظى بتوافق الجميع على غرار الاثمان التي حصل عليها في الدوحة والتي شملت مع الافرقاء الآخرين الاتفاق مسبقا على قانون الانتخاب العتيد الذي سمح بالفوز المسبق للكتل النيابية على هذا النحو. اذ من خلال ضمان موقع قيادة الجيش مسبقا فهو يخرج هذا الموقع من التفاوض لاحقا بحيث يطالب باثمان اخرى لن يكون موقع قيادة الجيش من ضمنها باعتبار انه حصل عليها مسبقا. ومع ان الانتخابات الرئاسية تتمحور في شقها العلني على جلسات الانتخاب وتعطيلها وترشيح رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع، فان الحسابات الحقيقية تتم وراء الكواليس في الربح والخسارة ليس على المستوى المحلي فحسب.
هذا المنطق حاول قريبون من التيار نقضه من خلال اعتبار ان عون لا يزال يقدم الخيار الافضل لقوى 14 اذار وتيار المستقبل تحديدا من خلال توجيه رسالة مفادها ان انتخابه للرئاسة الاولى يبقى الخيار الافضل بدلا من الوصول المحتمل للعماد قهوجي او سواه باعتبار ان "حزب الله" ربما يطرحه في المرحلة المقبلة وبعد اطاحة خيار انتخاب عون كمرشح تسوية فيرفع سيف التعطيل او الفراغ حتى انتخابه وفق ما يعتقد انه سيجري وراء الكواليس متى سقطت ورقة انتخاب العماد عون على الارجح مع انتهاء المهلة الدستورية. ولعل لدى عون اعتقادا او اقتناعا بان عدم القابلية عموما ولدى قوى ١٤ آذار خصوصا لانتخاب قائد للجيش مجددا نظرا الى ما يعنيه الامر من فشل ذريع للطبقة السياسية من جهة ورفضا لنهج سعى النظام السوري الى تكريسه في لبنان قد تجعل منه الخيار الانقاذي في رأيه للخيار الآخر في ظل عدم وجود حظوظ فعلية للنائب فرنجية، احد ابرز مرشحي 8 آذار الذي يتطابق كليا في مواقفه مع "حزب الله" وشروطه لموقع الرئاسة الاولى وفق مواقف علنية ثابتة لديه.