1-     كيف ينظر رئيس اللقاء العلمائي اللبناني ومدير موقع لبنان الجديد "الشيخ عباس الجوهري" إلى الاستحقاق الرئاسي في لبنان، في ظل التعطيل المتعمّد في جلسات الانتخاب.؟

في نظرةٍ تاريخية للاستحقاق الرئاسي يرى المتابع أن عوامل متعددة ساهمت على مرّ السنوات الماضية بصناعة الرئيس العتيد، منها ما هو داخلي ومنها ما هو خارجي. وبسبب الواقع المأزوم في الجغرافية اللبنانية والمرتبط دائماً بالخارج تأثيراً وتأثّراً، حيث كان للعامل الخارجي دوراً مهمّاً في صناعة اسم الرئيس.

وما نشهده اليوم وحتى مع غياب الدور السوري الذي غاب جزئياً في الاستحقاق الذي أتى بالرئيس سليمان، واليوم قد غاب كليّاً بعدما أوصل بلاده إلى هذا الدرك الأسفل من الدمار والخراب، ولم يعد قادراً على التأثير في الداخل السوري فكيف على المحيط. ولكن الذي ينوب عنه اليوم هو الدور الإيراني الذي بات يرث كل أدوار النظام السوري في الحقب الماضية، ولا شكّ بأن أدواته فاعلة ومؤثرة في الداخل والخارج.

لذلك لا زال الاستحقاق الرئاسي اللبناني مرهوناً لهذه القوة الخارجية، وليست إيران وحيدة في التأثير على صناعة الرئيس، فاللاعبون الدوليون لم ولن يتركوا هذه الاستحقاقات تمرّ دون أن يكون لهم رأيهم وإن كانوا غير متحمسين للكشف عن بصماتهم في صناعة الرئيس. وإذا عدنا إلى الداخل فإن الإنقسام الذي يعاني منه لبنان لا زال ممسكاً بتلابيب هذا الاستحقاق.

2-    هناك خضّة في لبنان عمرها ما يقارب الثلاث سنوات، هي سلسلة الرتب والرواتب، هل ترى فيها حق، وكيف يمكن تجاوز هذه الأزمة.؟

لا شكّ بأن لبنان يعاني من أزمات معيشية واقتصادية منها ما هو معلن ومنها ما هو مستور ومخفي، ليس آخرها أزمة تصحيح الأجور للقوى العاملة في لبنان. ولكن مقاربة هذا الموضوع لا ينبغي أن يكون بطريقة شعبوية تستحوذ على تأييد غالبية القوى العاملة على حساب البرنامج الاقتصادي الذي يمكن أن ينهار بلحظةٍ حاسمة دون تقدير لحجم التأثير الناتج عن الدخول في تصحيح الأجور. وهنا لا بد من خطةٍ اقتصادية تنأى السياسة بنفسها عن الولوج في تقديرها، ويدخل السادة النواب في جلساتهم المشتركة لدراسة هذه الخطة بعيداً عن المناكفات واستمالة الرأي العام بطريقةٍ خبيثة، دون التحسّس بمسؤولية انهيار البنية الاقتصادية في لبنان.

3-    ما رأيك بترشّح بشار الأسد للانتخابات السورية، وهل ترى بها ديمقراطية مزيّفة بعد أكثر من250 ألف ضحية.؟

بنظرةٍ سريعة على ما يحصل في سوريا من قتل وتشريد لملايين المواطنين في الداخل والخارج، والدمار الذي آلت إليه البلاد. فإن أي عاقل لا يرى في ترشّح الرئيس السوري للانتخابات إلا ضرباً من ضروب التكالب على السلطة والاستحواذ عليها بدون أيّ مبرّر قانوني أو أخلاقي. وما سخرية ومهزلة الانتخابات في وضعٍ كالذي تعيشه سوريا اليوم، سوى تعمية على المشهد الحقيقي المؤلم. فالرئيس السوري يريد أن يقول للعالم بأنه يُنتخب بطريقة ديمقراطية والكل يعرف بأن وصوله إلى السلطة لن يكن ديمقراطياً، فكيف به اليوم وهو يقف على نهرٍ من الدماء البريئة.

4-    كيف تقيّم الانتخابات العراقية ونجاح المالكي، على ضوء الظروف الإقليمية والدولية.؟ 

العراق، الذي دخلت إليه الديمقراطية حديثا،ً ولم تحصّن اللعبة الديمقراطية بقوانين تمنع من استنساخ حاكمٍ مستبد. فالمال العام والدعم الخارجي كانا العنصران الأبرز في هذه المحطة الانتخابية التي أريد لها أن تجدّد الدور الذي يقوم به المالكي، فالمالكي كشخص لن يؤثر وجوده وخروجه على الحياة العراقية، ولكن الدور الذي أنيط به من القوى الخارجية لا زال ماثلاً ودافعاً باتجاه تجديد ولاية جديدة لهذا الرجل في الوقت الذي تضجّ كل المكونات العراقية من الشمال إلى الجنوب إلى الوسط بمواقف تريد خروجه من السلطة بعد استئثاره ومسيره في طريقة إنتاج ديكتاتورية صدامية جديدة. ولعل الإيرانيين والأمريكيين متفقين على الدور الذي قام به المالكي والذي ينبغي أن يتابعه رغم كل المطالبات بتغيير شخصه، ولو بقي حزب الدعوة يترأس السلطة التنفيذية.                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                         

5-    هناك تقارب سعودي إيراني يلوح في الأفق، وآخر إيراني أمريكي أصبح واضحاً للعيان. ما أسبابه وأهدافه برأيك، وكيف سيؤثّر على لبنان والمنطقة.؟ 

لنبدأ بالتقارب الأمريكي الإيراني لأنه الأساس في ترتيب المنطقة من جديد، ولأنه المدخل في التأثير على العلاقات الإيرانية العربية المستجدّة خصوصاً بعد المتغيّرات التي حصلت إبان الربيع العربي. فإيران التي غرقت في أزمتها الاقتصادية نتيجة العقوبات القاسية التي وقعت عليها من المجتمع الدولي عموماً وأمريكا وأوروبا خصوصاً، جعلت الاقتصاد الإيراني ينوء بحمل تبعات هذه العقوبات. هذا ما سرّع في التسوية الكبرى حول الملف النووي وكل الملفات العالقة بين طهران وأمريكا والعرب عموماً.

وجاءت التسوية الأمريكية الإيرانية لتضع معالم للطريق وللتحوّل في الداخل الإيراني والالتزام بحدود اللعبة الدولية حول إيران ومستقبلها. وهنا شعر العرب وعلى رأسهم السعودية أن جديداً يأخذ في الحسبان التحول الحاصل. ومع الحاجة للأطراف كلها من تفاهمات على تنظيم الخلاف هو الذي سُيدخل العلاقات الإيرانية والعربية والسعودية بشكلٍ خاص مرحلةً جديدة قد يكون لبنان والعراق وسوريا وفلسطين عناوين بارزة في المفاوضات التي بدأت تظهر معالمها بين الرياض وطهران، ولا ننسى المشاكل العالقة والماثلة في البحرين واليمن وحتى في السعودية نفسها.