بعد أن نجحت الخطة الأمنية في إعادة الأمن والإستقرار إلى مدينة طرابلس إلى حد كبير، من خلال الإجراءات الصارمة التي فرضت من قبل الأجهزة الأمنية، لا سيما مع رفع الغطاء عن المسلحين من قبل مختلف القوى الفاعلة، بدأت تجتاح عاصمة الشمال معلومات تشير إلى أن الإفراج عن المقاتلين السابقين على مراحل لم يعد بعيداً، لا سيما أن قسماً كبيراً منهم يعتبر من "المفاتيح" الإنتخابية المهمة في "الفيحاء".
وتشير هذه المعلومات إلى أن تسليم أبرز "قادة المحاور" أنفسهم إلى الأجهزة الأمنية، لم يكن ليتم قبل الحصول على تطمينات واضحة على هذا الصعيد، وبالتالي ستكون المدينة في الأسابيع القليلة المقبلة على موعد مع منافسة كبيرة بين فاعلياتها من أجل المساهمة في هذه العملية، لكن بعض المصادر تؤكد أن وزير العدل أشرف ريفي ستكون له حصة الأسد.
وفي هذا السياق، تكشف مصادر مطلعة عن وجود تأكيدات تصدر عن أكثر من جهة سياسية في طرابلس تشير إلى أن تجربة السجناء الإسلاميين لن تتكرر، وتلفت إلى سعي لتسريع الإجراءات القانونية لإطلاق سراح القسم الأكبر من الموقوفين، وتوضح أن هؤلاء لن يكونوا من الأسماء التي كانت تظهر بشكل علني في المواجهات التي كانت تحصل على محاور القتال التقليدية بين جبل محسن وباب التبانة خلال السنوات الماضية.
وتعتبر هذه المصادر، في حديث لـ"النشرة"، أن ملفات "قادة المحاور" لن تبقى هي أيضاً من دون معالجة، حيث من المتوقع أن يبدأ العمل عليها خلال فترة لن تتجاوز الشهرين كحد أقصى، وتلفت إلى أن ما سيحصل هو إطلاق سراح بعض الموقوفين، في الأيام المقبلة بسندات إقامة أو كفالات مالية، مقابل إستمرار توقيف قسم منهم إلى أن تنضج الظروف، خصوصاً أن المطلوبين الخطيرين لم يتم توقيفهم حتى الساعة.
وفي حين تؤكد مصادر متابعة لهذا الملف، مؤيدة لنظرية الحل السياسي له، أن هذا الأمر طبيعي، حيث من غير الممكن محاسبة كل الذين شاركوا في الأحداث السابقة، خصوصاً أن القسم الأكبر منهم كان يقوم بذلك من منطلق الدفاع عن النفس، بالإضافة إلى أن هذا الامر قد يساهم في إعادة توتير الأجواء، على إعتبار أن أهاليهم قد يتحركون في أي لحظة بالشارع، لتذكر بالتحركات التي كان يقوم بها أهالي السجناء الإسلاميين في وقت سابق. وتتحدّث المصادر المطلعة عن بنك من الأهداف السياسية خلف هذه العملية خصوصًا على الصعيد الإنتخابي، وتشير إلى أن عمليات "الحلحلة" لن تقتصر على موقوفي باب التبانة فقط بل ستشمل أبناء جبل محسن أيضاً.
وتوضح هذه المصادر أن القوى والشخصيات السياسية في المدينة تعتبر أن معالجة هذا الملف أولوية بالنسبة لها، في الفترة التي ستسبق موعد الإنتخابات النيابية المقبلة، لا سيّما أن معظم "قادة المحاور" قادرون على لعب دور مؤثر فيها، وتلفت إلى أنهم كانوا يتلقون الأموال منهم من أجل ذلك بشكل أساسي، وتشير إلى أن السعي إلى الإنفتاح على أبناء جبل محسن سيكون من أجل كسب أصواتهم الإنتخابية، نظراً إلى أنهم يشكلون قوة لا يُستهان فيها بظل المنافسة القوية في المدينة.
وترى المصادر المطلعة أن من الممكن القول أن هؤلاء المسلحين سوف يعودون إلى الساحة بلباس إنتخابي، وتشدد على أنه لن يكون هناك أي خطر أمني لهم، في حال إستمر قرار رفع الغطاء الأمني عنهم، لكنها تؤكد أن كل ما يجري يبقى تحت عنوان إستغلال حاجات أبناء المدينة.
إذا على المواطنين ألاّ يستغربوا في المرحلة المقبلة الأنباء عن خروج بعض مسلحي طرابلس بكفالات مالية أو سندات إقامة، ولا حتى لعدم توفر الأدلّة ضدهم، فهذا الأمر كان مطروحاً منذ البداية، لا سيما أن الخطة الأمنية بدأت بعد تأمين خروج المطلوبين البارزين من المدينة.