ساعات قليلة وتنتهي مهلة السماح التي أعطيت قبل البدء بتنفيذ الخطة الامنية في البقاع والشمال ,ومن يرفض تسليم نفسه للجيش والقو القوى الامنية ليس أمامه سوى التواري .
تحت هذه العبارة يستكمل الجيش اللبناني الاستعدادات العملانية المتصلة بالخطة الامنية
وتؤكد المعطيات المتوافرة حول الخطة بأن قرار تزويد الخطة الأمنية بـ«الأنياب» هو حاسم ولا عودة عنه بعد تأمين الغطاء السياسي لها .
وأكدت مصادر واسعة الاطلاع لصحيفة السفير  أن التأخير الذي حصل يعود الى فرصة أخيرة أعطيت للمجموعات المسلحة والجهات التي تغطيها، من أجل درس خياراتها جيداً وتجنب ارتكاب أي خطأ قاتل، حين تدق ساعة الصفر.
ومن المتوقع أن تنطلق الخطة الأمنية من جبل محسن في اتجاه باب التبانة والأحياء الأخرى، في مسارين متلازمين، بعدما اكتملت الاستعدادات اللوجستية والتقنية للوحدات العسكرية خلال الساعات الـ48 الماضية، حيث تم تحضير أفواج مقاتلة نخبوية، معززة بفصائل من القوة الضاربة في فرع المعلومات لتنفيذ المداهمات والاقتحامات، وذلك في رسالة واضحة للمجموعات المسلحة بأن الخطة حازمة هذه المرة، ولا جدوى من مقاومتها.
وتفيد المعلومات بأن المجموعات المسلحة في التبانة والقبة والمنكوبين تشعر بقلق حقيقي، عشية انتشار الجيش، خصوصا بعدما لمست أن هناك توجها حقيقيا للإمساك بالارض في جبل محسن، لنزع أي ذريعة لدى مسلحي الاحياء الأخرى في طرابلس، ولذلك كان خيار بعض رؤساء المجموعات الخروج من تلك المناطق الى القرى والبلدات التي يتحدرون منها، فيما آثر البعض الآخر رفع سقف الاعتراض الى أعلى المستويات علهم يحصلون على تطمينات معينة.
وفي المعلومات أن قرابة 100 استنابة قضائية صدرت بحق مطلوبين للعدالة في طرابلس والبقاع الشمالي وبيروت، وذلك استنادا الى لوائح متوازنة ومتطابقة بين مخابرات الجيش وفرع المعلومات، حظيت بتغطية من رئيسي الجمهورية والحكومة.
ويبدو أن إصدار هذه الاستنابات قبل المباشرة في تطبيق الخطة الأمنية جاء في إطار محاولة وضع المطلوبين امام خيارين، فإما التواري عن الانظار وإخلاء الساحة امام الجيش وقوى الأمن، وإما المثول امام القضاء.
وفي هذا السياق أوردت صحيفة الاخبار أن عيد الأب والابن معاً «لم يعودا موجودين في منطقة جبل محسن منذ مساء الجمعة، وأن رفعت عيد تناول العشاء في زغرتا ليل الجمعة، قبل أن يغادر وعدداً من كوادره إلى سوريا». وحاولت «الأخبار» الاتصال مراراً برفعت عيد لكنه لم يجب، فيما أكد عضو المكتب السياسي للحزب علي فضة أن رفعت لا يزال في جبل محسن، لكنه لا يرد على الاتصالات بسبب انشغالاته. وقال فضة إن علي عيد غير موجود في جبل محسن منذ مدة طويلة، ولا صلة لغيابه عن الجبل بأي أحداث أمنية.
من جهة أخرى، أشارت المصادر إلى أن «توجّه غالبية المطلوبين من جبل محسن بمذكرات توقيف إلى سوريا يأتي في إطار تسوية تفيد بأن من يرفض تسليم نفسه إلى السلطات القضائية ليس أمامه سوى التواري، لأن مواجهة الجيش ستكون مكلفة ولن تجد من يغطيها .
تسوية الأوضاع كانت العبارة الأكثر تداولاً في الساعات الـ72 الماضية بين المطلوبين، من قادة محاور ومسلحين ومتهمين. وفي هذا المجال، سجل في الأيام الأخيرة مغادرة عدد كبير من المسلحين والمطلوبين باب التبانة إلى خارج طرابلس، وإخفاء السلاح الموجود في مستودعات وأماكن معينة. وعزت أوساط مطلعة الارتباك في باب التبانة إلى استشعار المسلحين أن الخطة الأمنية الجديدة مختلفة عن الخطط السابقة، ما رفع منسوب الخوف عند القلقين على مصيرهم، خصوصاً مع إعلان وزير العدل أشرف ريفي في حديث تلفزيوني «اننا أمام فترة مؤاتية إقليمياً ودولياً للخروج من دوامة العنف في طرابلس، ويجب أن نستفيد من هذا الموضوع»، وأكد «الوثوق بالخطة الأمنية التي وضعها الجيش التي فيها توازن بين كل اللبنانيين، وكل القوى السياسية رفعت الغطاء».
وتوقعت الأوساط إيجاد مخارج لقادة المحاور«باستثناء بعض المتهورين من الإسلاميين»، لافتة إلى أن تيار المستقبل «وافق على الخطة، لأنه لو عارض لأحدث تنفيذها خضّة وإحباطاً في الشارع السنّي». وأكدت أن أغلب قادة المحاور«سيجدون من يغطيهم، لأنهم إذا أوقفوا وأقرّوا بمن يموّلهم ويدعمهم سياسياً وأمنياً ومالياً، فإن ذلك سيتسبب بفضائح كبيرة».
من جهة أخرى أكد رئيس الحكومة تمام سلام امام زواره أن الأمن اهم شيء الآن، «وهناك خطة امنية واسعة ستنفذ خلال يومين على الأكثر في الشمال والبقاع لضبضبة كل الزعران»، وقال وزير الداخلية نهاد المشنوق لـ«السفير» إن انتشار قوى الأمن في بعض أحياء طرابلس جاء في سياق التهيئة لتنفيذ الخطة الأمنية الشاملة، كاشفا عن أنه سيُباشر في تنفيذ هذه الخطة خلال مهلة، اقصاها 48 ساعة، بعدما يكون القادة العسكريون والأمنيون قد أنهوا وضع اللمسات الأخيرة على كل الترتيبات الضرورية.
وأكد المشنوق أن الخطة ستُنفّذ بحزم، ولن يكون التقاعس مسموحا من أي جهة أمنية او سياسية، مضيفا: لا مكان بعد اليوم للأمن بالتراضي او بالتراخي، وعلى كل طرف ان يتحمل مسؤولياته.
ورداَ على سؤال حول التهديدات التي صدرت عن بعض مسؤولي المحاور في طرابلس، أجاب: العد العكسي بدأ، والخطة الأمنية ماضية في طريقها، وكلام هؤلاء لن يغير شيئا في ما تقرر، ولا تراجع امام أي نوع من التهديدات والضغوط.
وعلمت «السفير» أن الرئيس سعد الحريري أبلغ المشنوق ضرورة التطبيق الحازم للخطة الأمنية ومواجهة كل من يحاول اعتراضها.
وأجرى وزير الداخلية خلال الأيام القليلة الماضية مشاورات واسعة بعيداً عن الأضواء مع الفعاليات السياسية والدينية في طرابلس وعرسال وعكار، تمهيدا للمباشرة في تطبيق الخطة، ومن المقرر أن يلتقي أيضا وفد «هيئة العلماء المسلمين» في السياق ذاته.
الى ذلك، علمت «السفير» أن المشنوق أبدى خلال مجلس رسمي انزعاجه الشديد من تجاهل أطراف رسمية وسياسية لقوى الأمن وتهميش تضحياتها ومهامها لصالح التركيز على دور الجيش اللبناني حصراً، منبّها الى أن هذا التصنيف يؤدي من جهة الى جعل الجيش هدفا مركزيا للاعتداءات، ويتسبب من جهة أخرى بإضعاف معنويات قوى الأمن. ودعا المشنوق الى إعادة الاعتبار لمسؤوليات قوى الأمن والنظر بمساواة الى المؤسستين الأمنية والعسكرية على قاعدة التكامل بينهما لا الفصل بينهما.