في وقت غدت فيه المقاومة الاسلامية في لبنان تسابق المنحدرات القيمية والأخلاقية في انحدارها، وانحراف مسارها،، لم تعد مستغربة المواقف التي يتخذها حزب الله ومن خلالها يطيح بكل الثوابت، ويعري نفسه من هالة كان يتستر خلف قدسيتها.. فقدها اليوم بأفعاله، خصوصا حين ناقض نفسه بنفسه. هجوم حزب الله على رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان أتى تلقائيا في السياق الذي ينتهجه الحزب منذ دخوله معترك القتال ضد الشعب السوري الذي ثار مطالبا بالحرية. بعد تملصه من إعلان بعبدا الذي وافق عليه في جلسات الحوار، وإعلانه أن الإعلان ولد ميتا وهو ليس أكثر من حبر على ورق، أطلق حزب الله حملة مسعورة على الرئيس سليمان بعد تشدده بثلاثية الجيش والشعب والقيم المشتركة، بدلا من ثلاثية حزب الله الخشبية حسبما وصفها سليمان، وهو وصف دقيق لشعارات يتمسك بها الحزب، في وقت أصبح قوة غازية لأراض دولة أخرى، حتى وصل الأمر بالشعب السوري بأن يصفه بالمحتل. تحول حزب الله من مقاومة للاحتلال الى إحتلال يقاوم ارادة الشعوب. قال سليمان كلمته ومشى ليقضي آخر أيام عهده، واثقا من دخوله التاريخ، بعدما أثبت عدم انكساره أمام قوى مسلحة مرتبطة إقليميا والتزامه بالثوابت الوطنية، فيما حزب الله الذي يشن حرب إبادة ضد الشعب السوري، ويخوض حرب إكراه وتعطيل في لبنان، أعلن حربا جديدة على رئيس البلاد بالخشب والذهب، فيما يحرس الحدود الجنوبية مع فلسطين المحتلة. أمام هذه الغطرسة التي يمارسها حزب الله تتجلى مشهدية، لا بد من الإضاءة عليها، وهي كفيلة بنزع آخر أوراق التوت. بعد الغارة الإسرائيلية على جرود النبي شيت، استلهم الحزب لغة البعث واختفظ بحق الرد في الزمان والمكان المناسبين، أقال عمله المقاوم وتفرغ لمساندة بشار الأسد، دون الالتفات الى فلسطين، فهو حسبما يزعم يخوض حربا لتأمين سلامة لبنان والشعب اللبناني، فكل المسوغات التي ساقها لتبرير دخوله الميدان السوري كانت تصب في سبيل تأمين سلامة لبنان، فالحزب لم يحصر استلهامه من البعث فقط بل اسلهم حماية لبنان، من حرب "سلامة الجليل" التي اجتاح بذريعته المجرم أرييل شارون لبنان عام ١٩٨٢، وليست الجرائم التي يرتكبها الحزب بحق السوريين ومدنهم سوى أبرز دليل على الاستلهام والتنفيذ، شارون ليس وحده الملهم الى جانب البعث السوري، لا بل الحروب المجنونة التي شنتها الولايات المتحدة الأميركية في عهد جورج بوش بذريعة محاربة الإرهاب، كانت وحيا مجيدا بالنسبة للحزب، فهو اليوم يدعي أنه يحارب الإرهاب في سورية، بالنيابة عن كل العرب، وقد أخذ على عاتقه مهمة القضاء على الإرهاب، بحرب أشعلها بوقود مذهبي وطائفي، أدخلت المنطقة في أتون لن ينطفئ في سنوات قادمة. هكذا وفي غضون سنتين حول حزب الله نفسه من مقاومة، الى احتلال، يكتسب صفة المقاولة في شتى المجالات، تحت شعار محاربة الارهاب والحفاظ على أمن المقاومة، ضد العدو الإسرائيلي، لكنه لربما أغفل أن الحرب التي يشنها، يقرأها من الكتاب الاسرائيلي. وهنا لا بد من السؤال ،أي ثلاثية تصح؟ الثلاثية الخشبية التي لم يعد لها عمل؟ أم الثلاثية المعمول بها في إطار تدمير المنطقة وإحراقها، والتي اكتملت بانضمام حزب الله اليها الى جانب شارون وبوش؟