واخيرا , بعد مخاض عسير استمر ثلاثمئة وخمسة عشر يوما ذللت العقبات والعقد, فحمل الرئيس المكلف تمام سلام تشكيلته الحكومية من اربعة وعشرين وزيرا وتوجه الى قصر بعبدا ليطلع رئيس الجمهورية ميشال سليمان عليها. وصل سلام عند الساعة العاشرة واربعين دقيقة , وعقد لقاء ثنائيا مع الرئيس سليمان قبل ان يستدعى رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي انضم اليهما .

مشاورات واتصالات جرت مع مختلف الافرقاء ما اخر اعلان الحكومة المنتظرة لبعض الوقت اذ تمت غربلة وتعديل عدد من الاسماء وكانت للمرأة حصة اضيفت في اللحظة الاخيرة.

شد حبال بين مختلف الأفرقاء السياسيين حال في تأخير التشكيل، وعطله مرات ومرات، بسبب تعنت بعض الأفرقاء وتشبثهم بمقاعد ووزارات ورفضه التخلي عنها.

 من أبرز المتضررين من هذه الحكومة هو بالتأكيد حزب الله، فهو الذي رفع ثلاث لاءات، لا لحكومة الثلاث ثمانيا، ولا لتوزير اللواء أشرف ريفي، ولا للمداورة في وزارة الطاقة، حزب الله والذي على ما يبدو بفعل ضغط ايراني والضغوط التي يعاني منها جراء المأزق الذي وضع به نتيجة تدخله بالحرب السورية، أجبر على التنازل عن هذه الأقانيم الثلاث، فيما سجلت قوى الرابع عشر من آذار انتصارا نوعيا بارزا، فأعادت الى حصتها الحكومات الأساسية التي لها علاقة بالمحكمة الدولية، خصوصا وزارة الاتصالات والتي كان وزراء تكتل التغيير والاصلاح يحجبون داتا الاتصالات حين حصول أي جريمة اغتيال تطال أحد رموز قوى 14 آذار، أيضا حصلت هذه القوى على وزارة الداخلية، ومن تبوأ كرسي الوزارة الأمنية هو النائب نهاد المشنوق أحد أبرز صقور تيار المستقبل، أما الغنيمة الأساس فكانت دخول اللواء أشرف ريفي الى الحكومة حائزا على وزارة العدل للتكامل وزارات الوصوصل الى الحقيقة.

ما إن أعلن عن التشكيلة الحكومية والأسماء التي تتضمنها حتى اجتاحت موجة غضب عارم جمهور حزب الله الذي ثار على مواقع التواصل الاجتماعي غير متقبل ما وصفها بالهزيمة، وبدأت الأسئلة تكثر، لماذا الحزب شارك بهذه الحكومة ألم يقل أن اللواء ريفي هو ارهابي، والنائب نهاد المشنوق هو عميل معروف سعره، ألم يصف هذا الفريق السياسي بالعملاء، فكيف للحزب أن يشارك العملاء؟ أين دماء الأبرياء؟ لماذا نحن نقاتل في سورية؟ موجة الغضب هذه لم تقتصر على الجمهور، بل وصلت الى بعض صقور قوى الثامن من آذار فاللواء جميل السيد أعلن عن قطعه لعلاقاته التشاورية مع قوى الثامن من آذار، فكيف لا يغضب اللواء السيد؟ وهو الذي لا يرتوي ولا يطمئن إلا في حالات الاشتباك والتشابك؟ وكيف له أن يطمئن واللواء أشرف ريفي تسلم وزارة العدل، وأصبح المحرك الأساس للضابطة العدلية وللمحاكم؟ فهل سيستطيع اللواء السيد اليوم الهروب من فبركته لشهود الزور وأمور أخرى؟ ربما فورة اللواء السيد الغاضبة هي التي تكفل الجواب. الوزير السابق وئام وهاب ثارت حميته كذلك، فانتقد أداء فريقه السياسي الذي أوصلهم الى هنا،، وآخرون كثر من يهمسون في السر لماذا تورطنا في الدخول الى هذه الحكومة؟ سنندم كثيرا خصوصا حول الوزارات الثلاث الأساسية ( العدل، الداخلية، الاتصالات.) الحزب العربي الديمقراطي أيضا أعلن عن قطعه لعلاقاته مع قوى الثامن من آذار فمن كان رفعت عيد ووالده يصفونه بقائد المحور غدا اليوم أعلى سلطة قضائية في لبنان، فهل سينفذ آل عيد من العقاب الذي يجب أن يلقوه بعد اتهامهم بالوقوف وراء تفجيرات مسجدي السلام والتقوى؟ أيضا ردت الفعل كفيلة بالجواب.

 

في الخلاصة فإن غضب من لم نعهدهم يرتوون ويستمرون بغير الظلم والدماء والإشتباك وحده كفيل بأن يريحنا نوعا ما، خصوصا أن من ثبت عليه ارتكاب جرم معين، لن يهنأ له نوم.. بل ستبقى جرائمه تؤرقه.