تبحث عن تيَار المستقبل في معمعة الأحداث الجارية في لبنان فلا تجد له آثراً وكأن دوره انتهى بانتفاء صفته السلطاوية وبعدم تمكنُه من القيام بمهام تشعر اللنانيين بوجود جهة قادرة على لعب دور ريادي سواء أكانت في السلطة أم في صفوف المعارضة . منذ خروج المستقبل من حاضر السلطة والحكومة وذهاب سعد الحريري الى المملكة العربية حفاظاً على حياته من اغتيال مشابه لاغتيال والده ورفاقه من المؤمنيين بلبنان الأرز . هذا الهروب القسري أو الطوعي لتيَار سيطر على الحياة السياسية لمرحلة من أدقَ المراحل اللبنانية وخاصة في اللحظة التي اغتيل فيها مؤسس التيَار وبروز المستقبل كقوَة فعل لم تتوفر يوماً كسلاح وطني في مواجهة الجيش والنظام السوري وحلفاء الأسد الأشدَاء . قبل 7أيَار وبعده لجأ تيَار المستقبل الى الطائفة واستدار لها  لحماية نفسه من غلبة طائفية مفرطةفي القوَة تمكنت من محاصرة المستقبل ذي البعد العربي والدولي وجعله مجرد حالة هشَة غير قادرة على المواجهة أو المجابهة أو الصمود بوجه قوَة لم تستخدم عصاها بعد وانما لوَحت بها تلويحاً في السابع من أيَار فهتزت فرائص قيادات من الرابع عشر من آذار وأسرعت لركوب موجات الثامن من آذار احتراساً للأنفس من الرصاص الطائش . حينها أُفرد تيَار المستقبل افراد المريض الأجرب وتمَ عزله من حكومة يعتبرها بيضة سلطته ومضى حلفاؤه في الطعن بدوره السلبي في السلطة ولم ينصحوه في المعارضة التي فشل فيها ولم يستطع بلوغ ما بلغته قوى 8آذار من معارضة حاصرة حكومة السنيورة وخنقتها وشلَت الشارع اللبناني بكل مفاصله حتى تمنى اللبنانيَون جميعاً  " الحج" خلاص من الرئيس السنيورة وحكومته المُعطلة . فشل المستقبل في المعارضة وفي حماية نفسه وهرولت قياداته الى المخادع في الخارج وفي الفنادق والصالونات الوثيرة اضافة الى فشله في تلبية شعور طائفي سُني متهالك يحتاج الى جُرعات مقوية لمعنويًات مفقودة تعيد للطائفة حضورها الفاعل في لبنان . هذا الفشل مهدَ الطريق للتيَارات الأصولية السُنية وفتح لهم الباب واسعاً لتحصيل مكانة داخل الطائفة المحتاجة الى معادل فاعل مقابل الفعالية الشيعية . وبما أن الطريق مفتوح أمام من يملك قوة الموت حفظاً لكرامة الطائفة المُهانة .نجح في البداية الشيخ الأسير واجتاح بجرأته المتهورة قواعد المستقبل وبات مسيطراً على هواجس سُنية تجد في الأسير احتمالاً قوياً لدور سُني ريادي الاَ أن مراهقة الأسير وعدم نضوجه السياسي واستعجاله في الوصول الى الصفوف الأولى في القيادة السنية عناصر أسهمت في تصفية الدور الشكلي والمباشر للأسير من خلال عملية نظيفة شارك فيها جميع المتضررين من الأسير وحركته المُزعجة وفي مقدمتهم تيَار المستقبل . كما صيدا الأسيرية صعد الاسلاميون أيضاً في طرابلس وأعادوا دورهم المفقود والملجوم وباتوا متحكمين بأمن الشمال وبتداعياته على البلد ككل . في ظل غياب شمالي كامل لتيار المستقبل المختصر دوره على الاطلالة من نوافذ الشاشات لتحريض الآخرين من مسؤولين ومواطنين على المقاومة والمواجهة لتيَارات سورية في لبنان . طبعاً هذا السرد السياسي يتضمن الأزمة السورية ومضاعفاتها اللبنانية ووقوف التيَار موقف المتفرج في المضمون  والمنحاز في الشكل والمشجيع للآخرين من المسؤولين في استخدام الأسلحة اللازمة للدفاع والنصرة عن المعارضة السورية وفي اتخاذ خطوات جريئة بحق قوى 8آذار المتطوعة في سورية لصالح النظام الأسدي . وبعد فشل حكومة ميقاتي وتحولها الى حكومة تصريف أعمال لأعمال غير موجودة وبعد تسمية تمَام سلام لرئاسة حكومة وهمية وتطور الأوضاع في لبنان لصالح 14آذار وباقرار كامل من قوى 8آذار بفعل الانتحاريين والسيَارات المُفخخة وحاجة الفريق الثاني الى تدابير سياسية تسهم في تعزيز الاستقرار بعد أن فشلت التدابير الأمنية عن وضع حدَ للموجة المخلَة بالأمن والمحاصرة لقوة كانت تحاصر الجميع وباتت محاصرة وفي عُقر دارها . التقط تيَار المستقبل اشارة الأمن والفراغ السياسي وحاجة 8آذار للشراكة المنقذة من مغبَات الأمن فأطلق زعيم تيَار المستقبل ومن أمام المحكمة الدولية مبادرة للتعاون في حكومة تضم حزب الله بكامل أسلحته فغرَدت بلابل وكنارات 8و14 آذار وصور وضع جديد تمَ هدمه بسرعة فائقة من التيَار الوطني الحرَ المتضرر من تشكيل حكومة ومن الدخول في الاستحقاق الرئاسي . وخضع جميع8آذار لرغبة عون في الصهر وفي الرئاسة وعادت دوامة الحكومة الى فراغها وخسر المستقبل عودة كادت أن تكون ميمونة له بعد اقالة طويلة من المهام الوطنية الفعلية وبعد غياب سهل للمتطرفين الدخول الى الساحتين السُنية واللبنانية للعب دور كبير في قيادة الأولى وفي  تخريب أمن الثانية .