ما من أحد ينسى دعوة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله لخصومه، الى الانتقال الى الميدان السوري والمنازلة هناك، أو التقاتل على أرض سورية. تدرج حزب الله في إعلان أسبابه الموجبة والمرغمة لقتاله الى جانب النظام السوري دفاعا عن قاتل لشعبه، فبدأت الشعارات بالدفاع عن القرى الحدودية، وانتقلت الى الدفاع عن المقدسات الدينية لتصل الى أن الدفاع عن النظام السوري هو دفاع عن الوجود والحرب التي يخوضها الحزب ضد الشعب السوري الثائر هي حرب " نكون أو لا نكون" وعلى الرغم من إعلان السيد حسن هذا الكلام بنفسه، إلا أنه ما زال الى جانب مسؤولي الحزب والماكينة الدعائية التابعة له تروج الى أن قتال من يصفهم الحزب بالإرهابيين والتكفيريين في سورية هو تجنب مجيئهم الى لبنان. لم تلقى دعوة السيد نصرالله أي إيجابية في حصر القتال في سورية، فهناك من أراد أن يقول له لست أنت من يحدد مكان الحرب وزمانها ولا حتى أسلوبها، فكان لتدخل الحزب "الوقائي" أو "الاستباقي" ارتداداته المباشرة والكارثية على لبنان وأمنه وإقتصاده واستقراره، وبالتأكيد فقد أصابت صميم حاضنة الحزب الشعبية. توالى مسلسل التفجيرات الإرهابية التي استهدفت الضاحية الجنوبية، وحارة حريك تحديدا، بالإضافة الى البقاع والهرمل، كل الإجراءات الأمنية التي اتخذها الحزب لم تردع الإنتحاريين، ولم توقف مسلسل التفجيرات، ما أوقفته الإجراءات الأمنية الى جانب التفجيرات هو فقط نبض الحياة في مناطق نفوذ حزب الله وتحديدا في الضاحية، حيث شوارعها خالية إلا من العوائق الحديدية والمتاريس على واجهات المحال التجارية والخوف الذي يلتحف كل مكان كل نفس بشرية تتجول في الشوارع. السبب المعلن على الأقل ظاهريا حول دخول الحزب في الأتون السوري، سقط، فالإرهابيون ضربوا في عمق نفوذ الحزب، وأصبحوا يتجولون فيما بيننا، والجهات التي تتبنى هذه التفجيرات إن صح هذا التبني تعلن أنها تأتي ردا على مشاركة حزب الله في قتل الشعب السوري، فلماذا الهروب من مواجهة الواقع الذي كرسه سلوك الحزب؟ في شق آخر أعلن السيد حسن أن الميدان في سورية هو الفيصل وهو يكرس الطرف السياسي الذي يستحق حكم سورية، وحين دخلت جحافحل مقاتلي الحزب الى القصير أعلن السيد أن بيدر الحصاد في جينيف، فلنذهب ونحصد في جينيف، ولكن جينيف عقد يا سيد وايران طردت منه بطريقة مهينة، فماذا عن الدماء التي أريقت، وماذا عن الكوارس التي حلت بلبنان جراء قتالك في سورية؟ ايران اليوم تجهد الى عقد صفقة مع الغرب، مع من شحذت همم مناصريك وعبأتهم ليوالوك على شعارات العداء لهذا الغرب، فلماذا ما زلت تميت وتستميت في الدفاع عنها؟ ايران تبحث عن مصالحها، فأين مصلحة لبنان وشبابه في هذا القتال؟ بعد الفشل في الحرب الوقائية، والفشل في ذبح نفسك لحصد مقعد لإيران على طاولة المفاوضات، ما الذي يبقيك في نار سورية المستعرة، والتي لطالما استمريت وسطها ستحرق لبنان أكثر فأكثر، في سورية الأكيد الوحيد أن هذه الحرب مستمرة بهذا الستاتيكو، حيث لا إمكانية للحسم ولا لانتصار طرف على آخر، ولا حل لهذه الحرب غير الحل السياسي، فاظهر يا سيد حسن وأعلن بكل جرأة إنسحابك من سورية، رأفة بشبابك و صونا لما تبقى من وطن، وعد الى العمل السياسي لإعادة تحصين الوحدة الداخلية، يكفي لبنان اهتراء ودماء.