عشرة أيام من حفلة التزييف والتملق بين الأفرقاء السياسيين الذين يختلفون في التوجهات حتى على لون اللبن، أدخلت البلاد في سبات أنتجه مخدر المبادرات، هذه البروباغندا التي شدت أنظار اللبنانيين نحو اتفاق مفترض وتوافق على تشكيلة حكومة من ثلاث ثمانيات بعد اعلان الكتل النيابية استعدادها لتقديم تنازلات جوهرية تدحض كل التوجهات والمواقف التي ترتكز هذه الكتل عليها، فتكرس المثل اللبناني القائل " إن الكذبة تعرف من كبر حجمها". وهكذا فكبر حجم الكذبة كان فاضحا بأن كل ما يساق من أجواء ايجابية ليست سوى استمرار الاشتباك السياسي بمنحى آخر، وهو المزايدة بإبداء المواقف الايجابية تجاه التنازلات وحكومة الجامعة، وقد كتبت على هذا الحائط في السابق أن الحكومة الجامعة الى الوأد والتفاصيل ستتكفل بمراسم دفنها. وإن أردت إعادة التذكير بما كتبته سابقا فيتلخص بأن الأفرقاء أرادوا الإفراط في إطلاق المواقف الايجابية والتنازلات وذلك لتحميل كل طرف نقيضه مسؤولية عدم التشكيل والفراغ فيما بعد، وبعد كل هذه "الهمروجة" حانت ساعة الحقيقة، فاتخذ رئيس تكتل التغيير والاصلاح النائب ميشال عون على عاتقه مسؤولية الاطاحة بما يحكى عن تشكيل حكومة جامعة قوامها الثلاث ثمانيات عبر تشبثه بتوزير صهره وبعدم التسليم بمبدأ المداورة السياسية والطائفية في الحقائب. موقف عون كان القشة التي قصمت ظهر البعير، وعاد الحديث عن الحكومة الحيادية، ولا شك أن عون بتثبيت من حزب الله تشبث بموقفه، فالحزب مستحيل أن يدخل في حكومة وايران طردت من جينيف، ويستحيل أيضا في هذه المرحلة التنازل عن ثلاثيته ( الجيش والشعب والمقاومة) وأيضا يستحيل التزامه بإعلان بعبدا، فأوكل مهمة الإجهاض الى عون الذي أتم المهمة. وهكذا تجنب كل فريق الخلاف مع حليفه، فحزب الله وفى بالتزاماته تجاه التيار الوطني الحر فلم يدخل الحكومة بدونه، وأيضا حل الخلاف بين تيار المستقبل والقوات حول الدخول في الحكومة، وبهذا يكون الخلاف انتقل الى عون والرئيس ميشال سليمان. وفي ظل الضغوطات الدولية للحفاظ على استقرار المؤسسات وعدم الدخول في الفراغ، لربما تشكل هذه الحكومة الحيادية التي ستبصر النور حافزا للفرقاء الى إجراء الانتخابات الرئاسية في موعدها، كون الأطراف السياسية المختلفة لن ترضى لحكومة حيادية لا تسيطر عليها القوى التقليدية أن تتسلم صلاحيات رئاسة الجمهورية، فيضطرون الى انتخاب رئيس جديد للبلاد.
أهلا بالحكومة الحيادية...
أهلا بالحكومة الحيادية...منير الربيع
NewLebanon
مصدر:
لبنان الجديد
|
عدد القراء:
487
عناوين أخرى للكاتب
مُهمل عربياً ودولياً.. لبنان نحو الإفلاس الشامل والانهيار...
لا بادرة أمل.. لبنان كعشية حرب 1975: الفوضى أو الوصاية...
العقوبات والانتقام الباسيلي.. وضربة اسرائيلية محتملة على...
اليكم خطأ حزب الله: اعتصم بالحكومة الفاشلة فخسر...
تفاصيل خطط باسيل للاستيلاء على التلزيمات والموارد...
بطواعية دياب ورعاية حزب الله: العهد يبدأ اجتثاث...
مقالات ذات صلة
ديوان المحاسبة بين الإسم والفعل ( ٨ ) سفارة لبنان في...
الشاعر محمد علي شمس الدين يترجل عن صهوة الحياة الى دار...
ديوان المحاسبة بين الإسم والفعل (7) سفارة لبنان في...
ديوان المحاسبة بين الإسم والفعل (6) سفارة لبنان في المانيا...
65% من المعلومات المضللة عن لقاحات كوفيد-19 نشرها 12...
لبنان: المزيد من حالات وارتفاع نسبة...
ارسل تعليقك على هذا المقال
إن المقال يعبر عن رأي كاتبه وليس بـالضرورة سياسة الموقع
© 2018 All Rights Reserved |
Powered & Designed By Asmar Pro