نظام الأسد، هو أسدٌ متوحشٌ على شعبه وحملٌ وديع مع الأعداء. والأنكى أنه يسمى نظامٌ ممانع، ولعلّ هذه الدعابة تضحكني أكثر "من نكت الحماصنة وبيت حميّة". فقد اقتضت ممانعة الأسد أن تبقى جبهة الجولان آمنة على مدى أربعين سنة دون إطلاق رصاصة واحدة باتجاهها، بينما كان يقوم بتوجيه ضرباته العنيفة إلى شعبه، وليس بالضرورة أن أذكركم بفضيحة التقرير الذي نشر في الأيام القليلة الماضية عن التنكيل الذي كان يتعرّض له المعتقلين في السجون السورية.

فما زالت اسرائيل محافظة على صمتها الغير معهود رغم الاضطرابات التي تجري على حدودها الشمالية من جرّاء الأزمة السورية، العالقة بين فكي الأسد وتفتت المعارضة من ثلاث سنوات. فألمح "بنيامين نتانياهو" رئيس الحكومة الإسرائيلي " في الخطاب الذي ألقاه في مطلع شهر كانون الثاني الجاري في مؤتمر كلية الدفاع الوطني، إلى الهجمات الجوية المنسوبة إلى إسرائيل ضد القوافل التي تحاول نقل السلاح النوعي من سوريا إلى "حزب الله"، بينما لم يتطرق قط إلى التطورات في سورية، ومن الملاحظ اختفتاء الدعوات المباشرة إلى إسقاط الأسد من خطابات السياسيين الإسرائيليين منذ بضعة أشهر. فقد شهدت سنة 2013 تراجعاً ملحوظاً في هذه المواقف، باستثناء تصريحات متفرقة قليلة ونادرة. فهل فعلاً هناك دوراً لأحداث الأشهر الأخيرة في سورية، وفي طليعتها تآكل المعارضة السورية على أيدي التنظيمات الإسلامية المتطرفة وعلى رأسها "داعش" الوجه الملتحي لنظام الأسد، في تغيير الموقف الإسرائيلي بصورة مشابهة للتغير الذي طرأ على موقف واشنطن والعواصم الأوروبية بهذا الخصوص، أم أنها حقاً لا ترغب بإزالة الأسد من النظام فهو على أقل تقدير كان وسيبقى النظام الأقل خطراً على الوجود الإسرائيلي في كونه نظاماً يستخدم مظلّة الممانعة الكاذبة دونما مواجهة تذكر أو محاولة تنكر لاسترداد أرضه المحتلّة.

ولا يخفى على أحد بأن الممانعة اختفت من أولويات كل ما يسمى "بمحور المقاومة والممانعة"  فإن شغلهم الشاغل اليوم لم يعد تحرير فلسطين ولا دعم حركات المقاومة فيها ضد الصهاينة فتحرير فلسطين لم يكن يوماً في أولوياتهم إنما كان في أولويات خطاباتهم النارية المستعملة لتجييش عواطف جمهورٍ يثمل أمام شعارات التحرير الكاذبة. فغايتهم الآنية، هي في كيفية الإجهاز على ثورة الشعب السوري التي حاولوا ولا زالوا مراراً وتكرارا خنقها في مهدها.