ان الاختلاف بين المذاهب الاسلامية , هو تماما كالاختلاف بين الفقهاء في المذهب  الواحد , هذا ما قاله المرجع الشيعي السيد عبد الحسين شرف الدين (قدس) في كتاب المراجعات .

هذا الكلام من فقيه شيعي بهذا المستوى  يُعتبر  إقرار بانه لا يوجد خلاف في الاسس الدينية والعقائدية , ولا مشكلة جذرية بين السنة والشيعة , بل ان الاختلاف الحاصل والذي يستغله المستغلون , فيشوهون  العلاقة بين المذاهب والتيارات الاسلامية بقصد التفريق والفتنة للحفاظ على مكتسبات لم تكن لهم لولا الفتنة والبغضاء بين المسلمين , هو اختلاف اجتهادي بين علماء المسلمين , منشؤه الاختلاف في طريقة  فهم النصوص الدينية , وهذا أمر طبيعي وموجود بين العلماء جميعا , حيث نرى ان الاختلاف في وجهات النظر موجود بين فقهاء المذهب الواحد , يعني بين علماء الشيعة هناك اختلاف في كثير من القضايا الشرعية , ونرى الاختلاف في الرأي والحكم على نفس القضية التشريعية , كذلك عند فقهاء المذاهب الاسلامية جميعها .

اذا أمكن جعل هذه الثقافة كمقدمة للبحث عن المشتركات بين السنة والشيعة ووضعها امام كل متابع  يرى بوضوح مدى حدّة المواجهة وعمق الشرخ , الذي  ليس له مبررا البتة سوى عند مَن يريد ان تكون ثقافة الفتنة هي السائدة , وثقافة التفريق والتفرّق هي الغالبة , والشواهد أكثر من ان تحصى على ما نقول .

ما هو المانع من إجتماع أو لقاء أو على الاقل الحديث بجرأة من قبل علماء المسلمين السنة والشيعة , كما تجرأ السيد عبدالحسين شرف الدين وقال ان لا المشكلة بين المسلمين بالاساس ,والخلاف الموجود ما هو الا في وجهات النظر وهذا أمر طبيعي , لان الكل يغرف من نفس المصدر المعرفي , ويأخذون دورهم في التقريب بين الفئات المختلفة , هذا من جهة , ومن جهة ثانية لا بد من تقوية نفوذ الاعتدال مقابل التطرف داخل كل جماعة , ليغلب صوت الاعتدال صوتَ التطرّف , ونصل بذلك الى الحد الادنى من التوافق والتهدئة درءاً للمخاطر الفتنوية  التي سوف تنجم من خلال إعطاء صوت التطرف الحرية , وللأسف بدأت أثار هذا تفتك بالمسلمين ومجتمعاتهم .

من هنا ندعو الى تأسيس مشروع للتقريب بين المذاهب الاسلامية , بهدف اغلاق ملف الخلاف المذهبي , يقوده علماء دين من السنة والشيعة , ونتمنى عدم ادخال هذا المشروع التقريبي في السياقات السياسية , لانه قد يتحول الى ورشة يغلب عليها النفاق بدل الاخلاص والصدق , وهذا المشروع ينبغي ان ينظر الى الحاضر والمستقبل لا الى التاريخ والماضي , ومن ثم ينبغي ان يتحرر من سلطة التراث والا  قد نقعُ بالمحذور الذي هو النقاش في التفاصيل التاريخية الموروثة . وثمة من ناقش هذا الموضوع واعتبره عقيما لانه لم يجن ثمارا على ارض الواقع , الا أنني أخالفه هذه النظرة التشاؤمية لان شرط النجاح في ما مضى قد اصطدم بما نحذّر منه الان , وليس بالضرورة ان نعيد تجربة الاخرين بل لنؤسس تجربتنا مع ملاحظة صعوبة المناخ السياسي الغير مستقر .