فجأة وبين ليلة وضحاها تتغير ملامح الواقع السياسي اللبناني , فبعد الحديث عن حكومة الأمر الواقع التي كاد الرئيس ميشال سليمان يوقع مرسوم تشكيلها وبعد اكتمال عناصر تأليف هذه الحكومة , برزت ربما معطيات سياسية جديدة تتعلق بالوضع اللبناني أدت إلى إلغاء المشاورات حول حكومة أمر واقع أو حكومة حيادية تستثني حزب الله وحركة أمل على وجهه التحديد ومكونات 8 اذار  بشكل عام , وانطلقت مشاورات جدية جديدة حول حكومة جامعة أو حكومة وحدة وطنية بعد مبادرات عدة قادها النائب وليد جنبلاط والرئيس نبيه بري .
ويرى متابعون للوضع السياسي في لبنان أن النصائح الأمريكية والأوروبية للرئيس ميشال سليمان بضرورة تشكيل حكومة جامعة بالاضافة الى النصائح التي أسرّها جنبلاط للرئيس ايضا أدت إلى إفساح المجال أمام المشاورات الجديدة التي قد تنتهي بتشكيل حكومة جامعة تضم كافة المكونات السياسية اللبنانية وبالتحديد طرفي الصراع 8 و14 اذار وذلك بعد تقديم مجموعة تنازلات متبادلة تفضي إلى حكومة شراكة وطنية .
وفي السياق قالت صحيفة الاخبارأن سلسلة اتصالات تولى جنبلاط جزءاً منها مع الأميركيين، وأن السفير الأميركي في بيروت ديفيد هيل التقى مستشار سليمان الوزير السابق خليل الهراوي في أحد الفنادق، مؤكّداً له «تفهّم أميركا لرفض السعودية دخول حزب الله في أي حكومة، لكن أميركا تخشى من ردّ فعل الحزب وسوريا وإيران على خطوة من هذا النوع. فقد تؤدي ردود الفعل إلى خسارة كاملة للاستقرار، وإلى أكثر من ذلك ربما، إلى سيطرة كاملة لحزب الله والسوريين على لبنان». ونصح هيل الهراوي بضرورة دعم جنبلاط في مسعاه.
هذا ومن المتوقع خلال المشاورات الجارية ان تتنازل قوى 8 اذار عن الثلث الضامن وعن ثلاثية الجيش والشعب والمقاومة في البيان الوزاري يقابلها تنازل قوى 14 اذار وفريق المستقبل تحديدا عن شرط خروج حزب الله من سوريا , وتشير المعطيات الواردة حتى هذه الساعة أن الأجواء ما زالت إيجابية في مشاورات التأليف .
وقالت جريدة النهار ان الصيغة الحكومية التي يجري العمل عليها ستوزع الحصص فيها على ثلاث ثمانيات، وستبنى على قاعدة سياسية غير حزبية من دون ثلث معطل ومن دون ودائع، وإنما على أساس قبول "حزب الله" بإسم المرشح الشيعي المقترح من حصة الوسطيين.
وأشارت النهار إلى أن السباق، بدأ منذ نهاية الاسبوع الماضي، ويأمل متابعون في ان تخرج الحكومة الى العلن قبل انقضاء الاسبوع الجاري، اذا توافرت معطيات ايجابية من فريق 14 آذار. وكذلك علمت "النهار" من مصادر مواكبة لجهود تأليف الحكومة ان ثمة "حلحلة" على هذا الصعيد وتحدثت عن "اشارات جدية" في شأن هذا الاستحقاق.
من جهتها قالت جريدة السفير عن مصادر متابعة  إن الكوة التي فُتحت في جدار الازمة سمحت بمرور بصيص أمل في إيجاد تسوية حكومية، لكن من السابق لأوانه رفع سقف التوقعات، مشيرة الى ان تثبيت مبدأ الحكومة السياسية ومن ثم الاتفاق على المداورة في الحقائب يحتاجان الى بذل جهود إضافية
واعتبرت الاوساط أن تنازلات متبادلة سمحت بتطوير النقاش حول الحكومة المفترضة، بعدما تخلت قوى «8 آذار» عن التمسك بمعادلة 9 ــ 9 ــ 6 ووافقت على 8 ــ 8 ــ 8 مطورة، ولاقاها «تيار المستقبل» بإبداء موقف إيجابي حيال الـ 8 ــ 8 ــ 8، مرجحة أن يكون كل فريق بصدد تبرئة ذمته ورفع المسؤولية عنه، في حال تطورت الامور لاحقاً نحو الأسوأ
وأشارت المصادر إلى أن جزءاً من سباق الملف الحكومي مع الوقت لا ينفصل عن استحقاق مؤتمر جنيف ــ 2 الذي دُعي لبنان اليه، معتبرة أن هناك رابطاً بين المهل الزمنية التي وُضعت للمساعي التوافقية وبين موعد المؤتمر ومن سيمثل لبنان فيه، ما يعني أن الايام العشرة المقبلة ستكون حافلة بالمشاورات في الشأن الحكومي
ولفتت السفير الى وجود موقف إيجابي من الرئيس سعد الحريري حول الصيغة الحكومية 8- 8- 8 .