برفضهما قانون النسبية الكاملة بغض النظر عن شكل الدوائر، يكون «التيار الوطني الحر» و»القوات اللبنانية» قد أصبحا عملياً في موقف واحد في مواجهة «حزب الله»، وربما يصبح هذا الموقف وحيداً، إذا ما تقدم الرئيس سعد الحريري أكثر في الموافقة على النسبية، وإذا ما استمر اختباء النائب وليد جنبلاط وراء مواقف الرافضين بالجملة والمفرّق.
 

تبدو «القوات اللبنانية» على ثقة بأنّ الحريري ملتزم بتعهده أن لا يسير في النسبية إلّا اذا وافق عليها الثنائي المسيحي، لكن هذا التعهد لا يبدو قائماً في ظل استمرار ليونة الحريري في الموافقة المبدئية على النسبية، كما في ظل انفتاحه على مناقشة كل الصيغ، واضعاً الثنائي، وخصوصاً «التيار الوطني الحر» في مواجهة «حزب الله» علناً.

هذا التكتيك الناجح، مرده الى دراسات واستطلاعات رأي لدى فريق الحريري، تقول إنّ النسبية، خصوصاً اذا ما اعتمدت على اساس لبنان دائرة انتخابية واحدة، لن تؤدي الى تقليص كتلة «المستقبل»، لا بل إنّ هذه الكتلة ستحافظ على عدد يفوق الـ25 نائباً وربما اكثر، لكنها ستؤدي من جهة ثانية إلى حرمان منافسي الحريري، خصوصاً السنّة، القدرة على الدخول الى المنافسة، لأنّ أيّاً منهم لو شكل لائحة كاملة على صعيد لبنان لن يتمكن من تخطي سقف العشرة في المئة من نسبة التصويت، وبالتالي يشطب من النتائج النهائية.

وبغض النظر عن صحة هذه التقديرات التي تفترض نتائج تتجاهل المتغيرات الحاصلة، خصوصاً في الشارع السنّي، فإنّ الحريري بهذا الموقف من النسبية، يتجاهل أنّ «حزب الله» سيكون الفائز الاكبر في المجلس النيابي المقبل أيّاً كان الحجم الذي سيناله تيار «المستقبل»، واذا كانت مرونة الحريري في نقاش الصيغ الانتخابية كافة قد احرجت الثنائي المسيحي، فإنّ ذلك لا يمكن أن يستمر إذا قرّر رئيس الجمهورية العماد ميشال عون عقد اتفاق مع «حزب الله»، وعندها سيزول توزيع الأدوار بين عون والوزير جبران باسيل، وستحاصر «القوات اللبنانية» التي ستبقى على رفضها النسبية، فيما سينتقل «التيار الوطني الحر» من رفض النسبية في المبدأ، الى الموافقة عليها بشروطه التي تضمن له حجم الكتلة النيابية التي يطمح لها.

وفيما يبدي الحريري ارتياحاً الى الوضع الحالي، حيث يعاني خصومه، وحلفاؤه حتى من الإرباك، يجاهر بالاستعداد لمناقشة كل صيغ القوانين، بما فيها صيغة «فؤاد بطرس»، والصيغة الثلاثية التي اسقطت القانون الأرثوذكسي، وصيغة النسبية الشاملة، وكل ذلك وفق قاعدة: «المشكلة لم تعد عندي».

إزاء هذه التوازنات الجديدة، يمكن توقع مزيد من الضغوط التي سيمارسها «حزب الله» على «التيار الوطني الحر» للسير في النسبية، وهذه الضغوط ستأخذ شكلاً تصاعدياً قبل مهلة 17 نيسان التي حدّدها الرئيس نبيه برّي، حيث بات من المحتّم اذا ما رفض «التيار» النسبية، او اذا ما رفض التعديلات الجوهرية على صيغة باسيل الثالثة، أن تذهب الأكثرية النيابية الى التمديد للمجلس النيابي، تحت عنوان الضرورات التقنية، وهذا التمديد يحظى بغالبية واضحة، حيث يؤيّده «حزب الله» وحركة «أمل» وحلفاؤهما، كذلك يؤيّده تيار «المستقبل»، وكثير من المستقلين، وسيتم إلباس التمديد لباس مواجهة الفراغ، في وقت تعمل قوى سياسية على حصوله، لأنّ فيه مصلحة تجنّب كأس تصغير الكتل، ودفع النفقات الانتخابية.

لكن ماذا سيفعل عون الذي تعهد برفض التمديد وإنتاج قانون جديد؟ هل يسير في النسبية الشاملة؟ أم يفضل تسجيل موقف برفض كتلته النيابية للتمديد، ام سينخرط في مواجهة دستورية مع رئاسة المجلس والمجلس الممدَّد له، تحت عنوان لا شرعية للتمديد؟

الأرجح حسبما تقول المعلومات إنّ رئيس الجمهورية سيتوصل مع «حزب الله» في الربع الساعة الأخير الى تفاهم حول القانون، لأنّ التمديد سيسجّل لعهده اخفاقاً لا يريده، ولأنّ المواجهة مع شرعية المجلس الممدّد له هي مواجهة مع «حزب الله»، وهو ما لا يريده ايضاً.