تناول دبلوماسي إيراني سابق سياسة الرئيس الأمريكي الجديد، دونالد ترامب، بما يتعلق بالعلاقة مع النظام الإيراني، لا سيما أنه شرع خلال حملته الانتخابية بمهاجمة طهران والاتفاق النووي، واستمر بذلك بعد تسلمه السلطة.
 

وطرح الدبلوماسي الإيراني السابق، حسين علي زادة، تساؤلا "مصيريا"، حول سياسة ترامب، قائلا: "هل استراتيجية الرئيس الأمريكي بالنسبة لإيران تهدف لتغيير النظام، أم السيطرة عليه وترويضه؟".

ولفت علي زادة، الذي يعدّ من أبرز المحللين بالشأن الإيراني، إلى أن الرئيس السابق باراك أوباما لم يترك منذ بداية عهده أي شك بأنه لن يسعى إلى تغيير النظام الإيراني. 

ولكنه قال إنه في ظل التغييرات الأساسية التي حدثت في قيادة أمريكا مع وصول ترامب، فقد تتغير الاستراتيجية الأمريكية، وربما تسعى في المستقبل القريب إلى تغيير النظام الإيراني".

وأوضح أن الرئيس الأمريكي السابق، كان قد استخدم في مناسبات مختلفة، عنوان "الجمهورية الإسلامية الإيرانية" بصورة كاملة، حتى في الرسائل السرية التي بعثها لمرشد الثورة علي خامنئي. 

وقال إن جميعها تشير إلى أن أوباما كان يبحث عن طريقة أخرى غير تغيير النظام الإيراني، من خلال السياسة التي تعامل معها، وتعرف بنظرية القوة الذكية "smart power". 

ووفقا لهذه العقيدة، فإن أوباما جمع بين القوة الناعمة والقوة الصلبة، واستخدمها في مواجهة إيران. 

وأضاف أن هدف أوباما من استخدام هذه النظرية، "ليس ضمان وقف التوجه العسكري في برنامج إيران النووي وحسب، بل تغير سلوك النظام الإيراني".

وفي ضوء ذلك، تساءل علي زادة إن كان ترامب سيعتمد نهج أوباما، ويبقي على استراتيجية عقيدة القوة الذكية "smart Pawer"، أم أنه سيسعى لتغيير النظام؟ وتساءل إن كان سيذهب إلى خيار ثالث، هو (containment) لاحتواء النظام الإيراني.

 

الخيار الأول

ونقل علي زادة عن أحد كبار الدبلوماسيين في إيران، يدعى حسين موسويان، قوله: "نظرا لوجود الغالبية من الجمهوريين في الكونغرس، وتركيبة حكومة ترامب، فإن النموذج الذي يستخدم في مواجهة الجمهورية الإسلامية من الحكومة الحالية، خيارها الأول تغيير النظام في إيران".

وحول الترتيبات التي تحتاجها إدارة ترامب لتوجيه ضربة عسكرية لإيران، قال علي زادة: "إن الولايات المتحدة تحتاج إلى خطة تعتمدها في سياستها الخارجية، في صلبها التعاون المشترك مع ثلاث قوى عالمية هي: موسكو، والاتحاد الأوروبي، والتقارب مع العالم العربي".

وسلط علي زادة الضوء على موقف العالم العربي من سيناريو حرب أمريكية على إيران، قائلا: "إن العالم العربي بقيادة السعودية، سيختار حينها مواجهة طهران".

وأشار إلى تصريحات وزير خارجية السعودية، عادل الجبير، التي وصف فيها إيران خلال لقائه مع أمين عام الأمم المتحدة بـ"التهديد"، مضيفا أن "هذا الموقف للرياض يعبر أيضا عن دول مجلس التعاون الخليجي، وجامعة الدول العربية، ومنظمة التعاون الإسلامي".

أما بالنسبة إلى موقف الاتحاد الأوروبي من هذه الحرب، قال علي زادة: "يتعامل الاتحاد الأوروبي مع ترامب بالمقدار ذاته الذي يقدمه"، مضيفا أنه "من المستبعد وغير المنتظر، وفق ما شاهدناه من الاتحاد في عهد أوباما مع حلف النيتو، أن ينجح ترامب بإقناعه بحرب على إيران، خاصة أنه يعتمد سياسة في التقارب مع موسكو، الأمر الذي يزعج الاتحاد الأوروبي".

وعن موقف روسيا من الحرب الأمريكية ضد إيران، قال الدبلوماسي الإيراني السابق: "إذا استطاع ترامب إنشاء جسر قوي من العلاقات مع موسكو، حينها سيتمكن من أن يقوم بإعداد خطة لتغيير النظام في إيران".

"نظرية الاحتواء"

وقال علي زادة إن مشروع ترامب في المواجهة مع إيران، قد يأخذ أحد اتجاهين، وأطلق عليهما مسمى "حد أقصى" و"حد أدنى".

وأوضح أن مشروع "الحد الأقصى"، هو تحقيق خيار تغيير النظام، وأن هذا الخيار سيواجه عقبات حقيقية أمام تطبيقه، لأن ترامب لا يعتقد بخيار "smart pawer"، ولم يهتم أيضا بخيار تغيير سلوك النظام، لذلك فإنه مجبر على استخدام خيار مشروع "احتواء إيران" وتطبيقه.

وتابع علي زادة في مقاله الذي نشره "راديو فردا" الأمريكي الفارسي، قائلا: "كان مشروع الاحتواء ضمن أولويات السياسة الخارجية للرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلينتون، في المواجهة مع إيران والعراق، في عهد صدام حسين". 

وقال إن هذا ما يسمى بنظرية "الاحتواء المزدوج"، بهدف تأمين وضمان أمن إسرائيل والدول العربية، الأمر الذي دونه وصممه مارتن إنديك ( المحلل السياسي ونائب رئيس معهد بروكينغز وسفير سابق لدى إسرائيل )، وطبقه كلينتون.

وشرح علي زادة أهم بنود هذا المشروع لمواجهة إيران، وذكر أن هناك ثلاثة عناوين رئيسة، من بين العديد من المحاور في هذا المشروع ستنفذها إدارة ترامب، تشمل:

1- إعادة ترتيب القوى في منطقة الخليج العربي والشرق الأوسط لصالح الولايات المتحدة الأمريكية.

2- منع تطبيع العلاقات التجارية والسياسية الإيرانية مع الدول الأخرى.

3- عدم الاعتقاد بأنه يمكن الاعتماد في إيران على المعتدلين في مواجهة المتطرفين.

وقال إنه "من خلال هذه المحاور الثلاثة، يمكننا أن نعتبر بأن الخيار الأول سيكون موضع ترحيب من دول الخليج، خاصة السعودية". 

وأضاف: "كما نظمت السعودية وشكلت تحالفا عربيا ضد الحوثيين، فستتعامل الرياض بالطريقة ذاتها تماشيا مع الطرح الأمريكي إن تم بالفعل".

وتابع: "وفي المرحلة الثانية، من المرجح أن يتم تنفيذ سياسة تشديد العقوبات على إيران لاستهداف الاقتصاد الإيراني الضعيف، وهذه الجولة من العقوبات قد تكون بحجة برنامج الصواريخ الإيرانية، وانتهاك حقوق الإنسان، أو دعم طهران للإرهاب في العالم".

ولسهولة الفقرة الأخيرة، أي دعم إيران للإرهاب، فإن منظمة التعاون الإسلامي في آخر اجتماع لها، اعتبرت أن حزب الله اللبناني "إرهابي"، وأن إيران "من داعمي الإرهاب".

وقال إن هذا الموقف لأهم منظمة معتبرة في العالم الإسلامي، يعدّ تمهيدا للطريق أمام فرض عقوبات أمريكية ضد إيران.

وحول سياسية الاحتواء، قال علي زادة: "يمكن تطبيق سياسة احتواء إيران من خلال تشديد العزلة الدولية عليها، بالشكل الذي تعود من خلاله إيران إلى مرحلة ما قبل الاتفاق النووي".

ولفت إلى أنه مند الأسابيع الأولى من دخول ترامب للبيت الأبيض، أدرك الرئيس الأمريكي الجديد، أنه ليس من المصلحة أن يتم تمزيق الاتفاق النووي كما وعد في حملته الانتخابية. 

وقال علي زادة، إن التكهنات تذهب بشكل قوي إلى أن نتنياهو وترامب تباحثا في اجتماعهما الأخير، طرق عزل إيران دوليا، وبحث الخيار العسكري، وجعل المواجهة مع إيران خيارا أول، يبدأ بتطبيق جميع التدابير التي من شأنها أن تؤدي إلى تفاقم عزلة طهران".

إقرأ أيضا : واشنطن بوست: لدى ترامب فكرة لحل الصراع الفلسطيني.. ولكن

 

تراجع نفوذ إيران

وقال الدبلوماسي الإيراني إن الشرق الأوسط الذي أصبح من إرث أوباما، أصبح ينظر إليه من ترامب وإسرائيل والسعودية بأنه "منطقة نفوذ وتحرك لإيران".

وأضاف علي زادة، أن السعودية عند الحديث عن النفوذ الإيراني، تحاول دائما أن تثير تصريحات المسؤولين الإيرانيين وتبرزها، وخصوصا التي جاء فيها ان إيران "لديها حضور نافذ في أربع عواصم عربية". 

وقال: "إذا كان لدى ترامب استراتيجية لتغير سلوك إيران في المنطقة، يجب أن يمهد لتقليل النفوذ الإيراني في إحدى العواصم الأربع، لأن طهران ترى أن كل واحدة من هذه الدول تشكل عمقها الاستراتيجي".

وحول موقف العراق من المواجهة العسكرية الإيرانية الأمريكية، قال علي زادة: "هناك يقين بأن حيدر العبادي سيقف على الحياد في الصراع بين واشنطن وطهران وهو ما أكده خلال مكالمته الهاتفية مع ترامب".

وقال: "يمكن أن نتصور بأن ترامب طلب من العبادي مواجهة النفوذ الإيراني في العراق، وهذا المطلب أيضا سيطرحه الرئيس الأمريكي على رئيس لبنان ميشال عون".

ويرى المراقبون للشأن الإيراني أن كل التحركات السياسية والعسكرية التي تشهدها الساحة الإيرانية في الداخل، تشير إلى أجواء حرب، إذ نصب الحرس الثوري رادرات جديدة في جنوب البلاد وغربها، وبدأ المحافظون يتحركون بقوة لعودتهم إلى منصب الرئاسية، والتخلص من رئاسة روحاني".

وعلمت "عربي21" من مصادر مطلعة من داخل إيران، أن الرئيس الإيراني قدم طلبا رسميا إلى السلطان قابوس خلال زيارة إلى سلطنة عمان، لفتح قناة حوار جديدة مع الإدارة الأمريكية بعد فوز ترامب". 

وأضافت المصادر أن روحاني طلب أن تتوسط مسقط كما فعلت في المفاوضات النووية بين إيران وأمريكا.

وقالت إن تخوف الإصلاحيين من إلغاء الاتفاق النووي في ظل إدارة ترامب، دفع روحاني إلى زيارة سلطنة عمان قبل نهاية ولايته، للجلوس مع الأمريكين في مسقط".

ويعتقد الإصلاحيون في إيران، بأن إلغاء الاتفاق النووي سيؤدي إلى نشوب حرب عسكرية بشكل مباشر مع أمريكا وحلفائها في منطقة الخليج العربي. 

ويرى التيار الإصلاحي في إيران، أن عليهم المحافظة على الاتفاق النووي، الذي يضمن بقاءهم في السلطة.