تشريعات الضرورة تثير حفيظة الشارع اللبناني

 

النهار :

فتحت الجلسة التشريعية الأولى لمجلس النواب ضمن العقد الاستثنائي الحالي قمقم الابعاد الاجتماعية والمطلبية لأزمات تراكمت طويلاً بفعل تهميش متماد من جهة واشتباك دائم بين وجهي الانفاق المالي الرسمي والمتطلبات الحيوية المطلبية من جهة أخرى. وبدا انعكاس هذا الاشتباك واضحاً في انعقاد الجلسة التشريعية في يومها الثاني أمس على وقع سلسلة اعتصامات متلاحقة لفئتين معنيتين بالبنود المدرجة على جدول أعمال الجلسة وهما المتعاقدون في وزارة الاعلام وقدامى المستأجرين، علماً ان الملفين الخاصين بهاتين الفئتين يتسمان بتراكم مزمن زاده تعقيداً وتهميشاً الانقطاع الطويل في النشاط التشريعي لمجلس النواب. واذا كانت انطلاقة المجلس مجدداً في معالجة القضايا ذات الطابع الاجتماعي والمطلبي تعد مؤشراً ايجابياً من شأنه بدء وضع حد لتفاقم تداعيات ملفات حساسة وحيوية مثل قانون الايجارات، فإن ذلك لم يحجب التعقيدات التي يمكن ان تنشأ عن حسابات الحكومة والدولة والتشريع المكيف مع المتطلبات المالية والسقوف المطلبية التي لا تكفيها هذه المتطلبات، وبرز هذا الاشتباك في حركة الاعتصامات التي واكبت الجلسة والتي رفعت أسبوعاً الى الخميس المقبل قبل ان تفرغ من درس كل جدول أعمالها.

 

متعاقدو الاعلام
ولم تمرّ بسهولة إعادة مشروع إفادة المتعاقدين في الوزارات الى الحكومة لدرسه، فاعتصم المتعاقدون في "الوكالة الوطنية للاعلام" و"إذاعة لبنان" ومديرية الدراسات ومصلحة الديوان أمام مبنى اللعازارية قرب مجلس النواب، وتوقف البث في الوكالة والإذاعة طوال النهار، وأصدر العاملون في وزارة الإعلام بياناً تلته مديرة الوكالة لور سليمان، طالبوا فيه مجلس النواب بإعادة درس الموضوع وبته سريعاً لأنه لا يكلف الخزينة أي أعباء إضافية، وهو حق لهم وُعدوا به منذ سنين. وعلم أن رئيس الوزراء سعد الحريري الذي طلب تأجيل بت الموضوع شهراً، تسلّم ثلاثة تقارير عن كلفته تباينت أرقامها، مما أثار حفيظته أكثر.
وكان لافتاً أن وزير الاعلام ملحم الرياشي برز كداعم أساسي للمشروع، وأكد أكثر من مرة أنه سيبلغ خواتيمه السعيدة. لكنه لم يحضر جلسة المساء، إذ كان يحاضر والنائب ابرهيم كنعان في الكسليك في ذكرى "تفاهم معراب". ولمّح وزير المال علي حسن خليل الى إمكان فصل مشروع متعاقدي الاعلام عن سائر المتعاقدين في الادارات وإقراره سريعاً، على أن يُبحث لاحقاً في إنصاف الآخرين. وتعاود اليوم "الوكالة الوطنية للاعلام" و"إذاعة لبنان" بثهما، على أن يبت مصير المشروع في جلسة الخميس المقبل بعدما استجاب المتعاقدون لتمني وزير الاعلام في هذا الشأن.

 

قانون الايجارات
أما في ما يتعلق بالتعديلات على قانون الايجارات الجديد التي أنجزتها لجنة الادارة والعدل، فاحتدم النقاش النيابي طويلاً بين مؤيدي التعديلات والمعترضين عليها نظراً الى أهمية الملف الذي يطاول شريحة واسعة من المواطنين أكانوا مستأجرين أم مالكين. وأقرت التعديلات على القانون الجديد مع تعليق موضوع انشاء حساب دعم لذوي الدخل المحدود من المستأجرين أربعة أشهر تعهد الرئيس الحريري ان ينشأ خلالها هذا الحساب في مجلس الوزراء وتؤمن الموارد المالية له. وقد أعيدت صياغة المواد التي سبق للمجلس الدستوري ان أبطلها بما يتماشى مع احكام الدستور ووفقا للقانون الصادر عام 2014 وانشئت لجنة ذات طابع قضائي للنظر في الاحكام المتعلقة بتطبيق الزيادة على بدلات الايجار كما خفض بدل المثل من نسبة 5 في المئة الى 4 في المئة ووسعت مروحة المستفيدين من حساب ذوي الدخل المحدود من المستأجرين ليشمل من لا يتجاوز دخلهم الشهري العائلي ثلاثة أضعاف الحدّ الأدنى للأجور كلياً. لكن التعديلات لم ترض المستأجرين الذين تظاهرت مجموعات منهم في وسط بيروت رفضاً لهذه التعديلات في حين اعتبرتها نقابة المالكين انجازاً على طريق استعادة التوازن في العلاقة بين المالكين والمستأجرين.

"التوافق والاحزاب"
وسط هذه الأجواء ظل مأزق قانون الانتخاب الغائب - الحاضر القوي في المشهد السياسي، خصوصاً ان رئيس الجمهورية العماد ميشال عون اطلق موقفاً جديداً أمس من هذا الاستحقاق تضمن بعدين لافتين. فهو شدد على اجراء الانتخابات النيابية في موعدها "وفق قانون يتوافق عليه اللبنانيون" الأمر الذي فسرته أوساط معنية بان رئيس الجمهورية لن يقبل الا بتوافق واسع يواكب رفض العودة الى قانون الستين كما رفض أي تمديد ثالث لمجلس النواب تحت أي ذريعة. كما ان الرئيس عون اتخذ موقفاً لافتاً ومثيراً للجدل بتشجعه "الاقتراع للأحزاب وليس للأفراد لأنهم (الأفراد) قوة ضائعة وغير فاعلة ضمن مجلس النواب"، معتبراً ان النائب "وحده ليس لديه القدرة على التخطيط او فرض تخطيط معين".
في غضون ذلك، أعلن رئيس "اللقاء الديموقراطي" النائب وليد جنبلاط في تغريدة عبر "تويتر"، ان قانون الانتخاب "يجب أن يؤمن التوازن الدقيق في التمثيل السياسي والمناطقي". وأضاف: "أملنا كبير بالرؤساء الثلاثة ومعهم القوى السياسية المختلفة، في تفهم مطالب اللقاء الديموقراطي المنسجمة مع الطائف".
وفي ما اعتبر اشارة انطلاق رسمية لانجاز ترتيبات اجراء الانتخابات النيابية، وجه وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق أمس كتاباً الى جميع المحافظين دعاهم فيه الى اعطاء تعليماتهم للكشف على مراكز الاقتراع والتثبت من قدرة استيعابها لاجراء الانتخابات والاسراع في انجاز هذه المهمة في مهلة لا تتجاوز العشرين يوماً. وأولى المشنوق عناية خاصة لتسهيل اقتراع ذوي الحاجات الخاصة.

الخطف
في سياق آخر، لم تقتصر حركة الاعتصامات أمس على الطابع المطلبي بل شهدت جانبا متصلا بظاهرة الخطف التي كان آخر ضحاياها في البقاع المواطن سعد ريشا الذي خطفه مسلحون ملثمون في وضح النهار أول من أمس من أمام متجره عند تقاطع قب الياس – شتورة. ورداً على خطفه واقتياده الى بريتال قطع أقرباء المخطوف السبعيني ومواطنون بقاعيون وزحليون الطرق التي تربط زحلة بجوارها والطريق المؤدي الى ضهر البيدر كما هددوا لاحقاً بيوم اضراب وقطع طرق اليوم ما لم يفرج عنه. وإذ أفادت معلومات ان هوية الخاطفين كشفت لدى الجيش والأجهزة الأمنية، طوق الجيش احياء من بريتال بحثاً عن المخطوف وتردد انه حقق مع والد أحد المشتبه فيهم في عملية الخطف. كما ان رئيس مجلس النواب نبيه بري أوفد المسؤول التنظيمي في حركة "أمل" في البقاع بسام طليس لاجراء الاتصالات والوساطات من اجل اطلاق المخطوف. وبلغت الضغوط الامنية والمساعي المبذولة ذروتها ليلاً حيث تردد انها اقتربت من اطلاق ريشا في أي لحظة.

 

 

المستقبل :

بعدما تكبّد 13.1 مليار دولار خسائر منذ عام 2012، وانخفض معدل نموه إلى 1% مقابل ازدياد عدد السكان بنسبة الثلث وتجاوز الطلب على الخدمات العامة قدرة المؤسسات والبنى التحتية على تلبية الاحتياجات.. لم يعد أمام لبنان سوى إعلاء الصوت أمام المجتمع الدولي واضعاً إياه أمام مرآة مسؤولياته وواجباته تجاه النازحين السوريين والمجتمعات المضيفة لهم، ليطلق أمس من السراي الحكومي خطته «للاستجابة للأزمة» على مدى السنوات الثلاث المقبلة بشكل يرمي إلى حثّ العالم على مساعدة الدولة اللبنانية في تصديها لتحديات النزوح وأعبائه، مع التحذير من مغبة استمرار التلكؤ الدولي في الاستجابة للاحتياجات اللبنانية باعتباره سيرتب عواقب «يشعر بها العالم بأسره» كما نبّه رئيس الحكومة سعد الحريري خلال إطلاق الخطة أمس.

وفي الكلمة التي ألقاها خلال الاحتفال الذي أقيم في السراي الكبير للمناسبة في حضور حشد رسمي وديبلوماسي ومصرفي ودولي وأممي (ص 2)، وصف الحريري أزمة النزوح بأنها «أقسى وأطول الأزمات التي يشهدها لبنان». 

فبعد استعراضه الأعباء المتراكمة والخطوات التي تتخذها حكومته في إطار رسم «سياسة موحدة واستراتيجية شاملة محددة الأولويات» تجاه هذا الملف، شدد على أنّ «احتواء العجز في الميزانية ورفع مستوى البنى التحتية وتحفيز النمو» من الأولويات القصوى للحكومة، غير أنه لفت الانتباه إلى أنّ هذه الجهود والمهمات معرضة لخطر التقويض نتيجة الثقل الكبير الناتج عن الوجود الكثيف للنازحين، كاشفاً، بموازاة العمل على إعداد ورقة لبنان للتعامل مع هذه الأزمة وإنجازها خلال شهر، عن عزمه على تفعيل لجنة توجيهية رفيعة المستوى تماشياً مع الالتزامات المعلنة في مؤتمر لندن عام 2016 على أن يُحدّد موعد اجتماعها الأول الأسبوع المقبل.

وفي معرض تفنيده أهمية «خطة لبنان للاستجابة للأزمة» 2017 – 2020، أوضح رئيس الحكومة أنّ لبنان يحتاج في السنوات الثلاث المقبلة إلى استثمارات جديدة لا تقل عن 8 إلى 10 مليارات دولار في البنية التحتية لرفع مستوى البنية التحتية القائمة والاستثمار في مشاريع جديدة والتعويض عن التدهور الذي حدث بسبب وجود 1.5 مليون نازح سوري على أراضيه، وأضاف: «أمن لبنان واستقراره هو الأولوية بالنسبة لي، وحماية وتعزيز هذا الاستقرار هو لمصلحة كل من لبنان والمجتمع الدولي»، داعياً في ضوء ذلك الأسرة الدولية إلى «مساعدة لبنان في هذه المهمة الكبيرة» لأنه لا يستطيع الاستمرار في تحمل عبء هذه الأزمة «من دون دعم دولي كافٍ وكبير لمؤسساته وبنيته التحتية».

وكان كل من المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان سيغريد كاغ والمنسق المقيم لأنشطة الأمم المتحدة في لبنان فيليب لازاريني قد تعاقبا على الكلام خلال الحفل، فكان تأكيد على التطلع نحو تأمين تمويل بقيمة 2.8 ملياري دولار من أجل تلبية احتياجات الحماية والمساعدة المباشرة لـ 1.9 مليون شخص وتأمين الخدمات الأساسية لـ2،2 مليوني شخص، فضلاً عن الاستثمار في البنية التحتية والاقتصاد اللبناني والمؤسسات العامة، وسط التشديد على كون هذه الاستثمارات تهدف إلى مساعدة لبنان في وقف التدهور الاقتصادي من خلال تعزيز القطاعات الإنتاجية الرئيسية وتحديث البنية التحتية للبلاد، ما من شأنه ليس فقط تعزيز قدرة لبنان على إدارة تأثير الأزمة وإنما سيجعل منه مرساة للاستقرار وقوة دافعة نحو إعادة الإعمار في المنطقة.

التشريع

في الغضون، أنهت الجولة التشريعية الأولى في العقد الاستثنائي جلساتها الأربع التي امتدت على مدى اليومين الماضيين، على أن تعود لتستأنف جلساتها التشريعية الخميس المقبل. وفي أبرز مقررات جلستي الأمس الصباحية والمسائية، كان إقرار تعديلات قانون الإيجارات بعد نقاش استغرق أكثر من ساعتين تم خلالها المرور على بنود القانون الـ58 بنداً بنداً بحيث أدلى نواب من مختلف الكتل بآرائهم حيال التعديلات المطلوبة إلى أن تم الاتفاق على فتح «حساب لدى وزارة المالية لدعم المستأجرين المتضررين من تطبيق القانون»، وعلى «تعليق تطبيق أحكام القانون الصادر في العام 2014 والمتعلقة بحساب المساعدات والتقديمات، كما المراجعات القضائية في الأساس والتنفيذ أو الأحكام التي صدرت والتي تؤدي إلى تحديد بدل أو إيجار أو إخلاء المستأجر المعني بتقديمات الصندوق إلى حين دخوله حيز التنفيذ». كما تقرر وفق التعديلات الجديدة «إبقاء قرارات اللجنة قابلة للطعن، وخفض بدل المثل من ٥ إلى ٤ في المئة، ورفع سقف المستفيدين من الصندوق إلى ٥ أضعاف الحد الأدنى للأجور (من دخل الأسرة) وحق المستأجر في البقاء لمدة ١٢ سنة بالنسبة إلى المستفيدين من الصندوق و٩ سنوات للباقين، وتمديد فترة الفراغ القانوني من ٣١/١٢/٢٠١٢ حتى ٢٨/١٢/٢٠١٤»، علماً أنّ الرئيس الحريري تعهّد خلال الجلسة بإنشاء الصندوق خلال ٤ أشهر.

كذلك، وفي ما خصّ رد المجلس قانون إفادة المتعاقدين في الإدارات العامة من نظام التقاعد أول من أمس إلى الحكومة لإعادة درسه وإقراره خلال شهر، تصاعدت ردود الفعل التي خلّفها تأجيل إقرار هذا القانون لدى متعاقدي الإعلام الذين نفذوا أمس اعتصاماً أمام مجلس النواب تخلله لقاء بين وفد منهم ورئيس لجنة المال والموازنة إبراهيم كنعان ورئيس لجنة الإعلام والاتصالات النيابية النائب حسن فصل الله ووزير الإعلام ملحم رياشي، لطلب فصل ملفهم عن ملف باقي المتعاقدين في الإدارات العامة، وفي نهاية المطاف حسم الرئيس الحريري الملف متعهداً ببته خلال 10 أيام ربطاً بالحاجة إلى دراسة المشروع قبل اتخاذ قرار الفصل من عدمه بين المتعاقدين.

 

الديار :

برغم تراكم التحديات وتعدد الجبهات السياسية والميدانية، يبدو نائب الامين العام لـ«حزب الله» الشيخ نعيم قاسم مطمئنا الى نزاهة الحلفاء وفي طليعتهم الرئيس ميشال عون، من ناحية، والى صلابة المقاومة في معركتها ضد الأعداء، من ناحية أخرى.
بنبرة هادئة وواثقة، يقارب «الشيخ» أدق الملفات وعلامات الاستفهام، مرتشفا بين الحين والآخر فنجان القهوة الذي يجاوره صحن من التمر. 
ويؤكد قاسم في حوار صريح مع «الديار» ان «حزب الله» يعتبر ان زيارة الرئيس عون الى اي بلد من البلدان ما عدا اسرائيل، هو حق طبيعي لرئيس الجمهورية، ينسجم مع أدائه وخياره في استعادة دور لبنان الحيوي في المنطقة وتنشيط موقعه في المجتمع الدولي عموما، وانطلاقا من هذ المقاربة لم تكن لدينا للحظة واحدة اي حساسية حيال زيارة عون الى السعودية، سواء في شكلها او طبيعتها او مضمونها.

ـ زيارة السعودية ـ

وماذا عن موقفكم من نتائج الزيارة والمواقف الرئاسية التي رافقتها، خصوصا في ما يتعلق بموقع المقاومة ووظيفتها؟
يجيب قاسم: ان التصريحات التي صدرت خلال الزيارة الرئاسية الى السعودية وقطر لم تغير نظرتنا الى أداء الرئيس عون والى الخلفيات التي انطلق منها للانفتاح على الدول العربية والاجنبية، وبالتالي لم تكن لدينا ملاحظات، لا قبل الزيارة ولا بعدها، وما يفعله يندرج في صلب مهامه كرئيس للجمهورية. 
ويضيف: أصبح واضحا ان قضية المقاومة ترتبط بالاحتلال الاسرائيلي وما ينجم عنه من اعتداءات، ومن حقنا ان نواجه هذا العدوان بكل الاساليب الممكنة، لحماية لبنان وتحرير ما تبقى من ارض محتلة، وقد جرت محاولات في السابق من قبل اعداء المقاومة لضربها خدمة لاسرائيل، ولكنها باءت جميعها بالفشل.
ويتساءل: هل يتوقع أحد ان يكون حلفاء المقاومة وأصدقاؤها في الخندق المعادي، وهي التي سجلت ولا تزال انجازات عظيمة في مواجهة العدو الاسرائيلي والارهاب التكفيري الذي يشكل امتدادا للمشروع الصهيوني وخدمة له.
هل انتم واثقون في ان العماد ميشال عون سيبقى على تحالفه مع المقاومة، بعد وصوله الى قصر بعبدا، ام ان منصب الرئاسة قد يرتب بعض التعديلات في سلوكه؟
يقول قاسم: ليس لدينا اي شك في ان الرئيس عون داعم اساسي للمقاومة ضد الاحتلال الاسرائيل، وهو وقف الى جانبها في اللحظات الصعبة، وكان اول من أطلق موقفا مساندا لها في الأيام الاولى لعدوان 2006، كما انه معروف عنه تمسكه برفض التوطين والمشروع الاسرائيلي المعادي في لبنان والمنطقة.
ويتابع: نحن مطمئنون الى ان العماد عون لن يغير، كرئيس للجمهورية، هذه الخيارات المبدئية ولن يبدل قناعاته الاستراتيجية التي أتى من خلالها الى الرئاسة، بل هو متمسك بهذا المنهج، لانه مقتنع به.
وهل «حزب الله» ينوي تخفيف حدة خطابه ولهجته ضد السعودية، لتسهيل المسعى الذي بدأه عون من أجل تحسين العلاقة معها؟
يعتبر قاسم ان المواقف التي يتخذها الحزب ضد السعودية، لها علاقة بسياسات الرياض السلبية والخاطئة والمتجنية حيال شعوب المنطقة، وبالتالي فان عليها الكف عن هذا النهج الخاطئ، وان تعود الى رشدها، وتبحث عن حلول للازمات الاقليمية من خلال التفاهم مع القوى الفاعلة في المنطقة.
ويشير الى ان محاولة البعض الغمز من قناة الدولة اللبنانية وتحميلها المسؤولية عن مواقف «الحزب» او غيره ضد السعودية، ليس سوى هروب من المشكلة الحقيقية وهي ان الرياض غارقة في مشكلاتها وتعقيداتها، وليس معلوما ما إذا كان واردا في برنامج عملها، اصلا، ان تساعد لبنان ام لا.
وكيف تعلق على مقولة البعض بأن لبنان «تحت المراقبة» في هذه الفترة، وان السعودية لا يمكنها ان تستأنف تقديم المساعدات له اذا استـمر «حزب الله» في شن الحـملات عليـها؟      
يوضح قاسم انه ليس مطلوبا ان تكون العلاقة الرسمية بين الدولتين سيئة، «لكن في الوقت ذاته لا أحد يستطيع ان يشترط علينا غض النظر عن الاخطاء السياسية عندما تكون هناك حاجة لابرازها والتعليق عليها».
ويتابع: نحن لسنا جماعة يمكن ابتزازها ببعض المساعدات، ومن أراد ان يساعد فهناك أسس للتعاون بين الدول، أما ان يحوّل البعض موقفنا الى قميص عثمان للتهرب من المسؤولية وتشويه الحقائق، فهذا لم يعد مقنعا لأحد، وإذا أرادت السعودية ان تساعد لبنان فهذه تكون مصلحتها بالدرجة الاولى.

ـ مخرج انتخابي ـ

وبالانتقال الى ملف قانون الانتخاب، نسأل قاسم عما إذا كانت معارضة «حزب الله» الحادة لاحياء «الستين» تعود الى خشيته من ان يفرز هذ القانون تحالفات ونتائج، من شأنها ان تحاصر الثنائي الشيعي، فيؤكد ان «الحزب» لا يخشى من اي قانون انتخاب او تحالفات، وهو لا ينظر الى قانون الانتخاب من زاوية زيادة او إنقاص عدد نوابه، بل ان كل ما يريده الوصول الى نظام انتخابي يحقق أعلى قدر ممكن من التمثيل الواسع والعادل الذي يساهم في انتظام عمل المؤسسات الدستورية وتعزيز المحاسبة ويُشعر الجميع بالمشاركة، وهذه عوامل تساعد في نهضة لبنان، أما إذا بقينا على «الستين» وتمت إعادة انتاج الطاقم النيابي ذاته تقريبا، فمعنى ذلك اننا نمدد الازمات الداخلية ونطيل عمرها ونُفاقم سلبياتها.
ويوضح ان النقاش مستمر في محاولة لانتاج افضل قانون ممكن، آملا في تحقيق شيء ما على هذا الصعيد، علما ان الفرصة أصبحت محدودة.
ويقترح قاسم على الاطراف الداخلية الانطلاق من المشروع الذي سبق ان اقرته حكومة الرئيس نجيب ميقاتي على اساس اعتماد 13 دائرة انتخابية وفق النسبية، لافتا الانتباه الى ان هذا المشروع حظي في حينه بشبه اجماع، ولعله يشكل المخرج الافضل من المأزق الحالي بعد الأخذ ببعض الملاحظات وتشذيبه قليلا.

ـ «الحزب» ـ «القوات» ـ

وهل الاشارات الايجابية المتبادلة مؤخرا بين «حزب الله» و»القوات اللبنانية»، قابلة للتطوير نحو اطلاق حوار سياسي؟
يشير قاسم الى انه لا يوجد شيء مطروح من هذا القبيل في المرحلة الحالية، لكن هناك تواصل بين بعض نواب ووزراء الجانبين ضمن تركيبة الدولة.

ـ العلاقة بالحريري ـ

والى اي مدى سينجح تعايش «الحزب» مع الرئيس سعد الحريري في الحكومة؟
يلفت قاسم الانتباه الى ان الحوار مع «تيار المستقبل» كان قائما في الظروف المعقدة، فكيف وان الظروف باتت أفضل كما هي حاليا، حيث توجد سلاسة اكبر في التعاطي ومساحة اوسع للتعاون؟

ـ الملف السوري ـ

وماذا عن مستقبل الوجود العسكري لـ«حزب الله» في سوريا بعد تحرير حلب؟
يشدد قاسم على ان الحزب باق في سوريا ما دامت هناك حاجة لبقائه ولضرب الارهاب التكفيري، اما التفاصيل العسكرية فمرتبطة بالتطورات الميدانية. 
ويلفت الانتباه الى ان مقاومة الارهاب هي جزء لا يتجزأ من مقاومة اسرائيل، ومن هو معنا في مواجهة الاحتلال سيكون تلقائيا وحُكما معنا في المعركة ضد الجماعات التكفيرية، ملاحظا ان العدو الاسرائيلي الذي تعب من المواجهة المباشرة لجأ بالتعاون مع اميركا وبعض العرب الى خوض الحرب بطريقة غير مباشرة من خلال التكفيريين، لكن خسارة هذا المحور كانت مزدوجة، إذ من جهة انكسر الارهاب ومن جهة اخرى انقلب على مشغليه.  

 

الجمهورية :

إنتهت الجولة الأولى من الورشة التشريعية التي بدأها المجلس النيابي، وكان حصادها إقرار مجموعة كبيرة من مشاريع واقتراحات القوانين، وكذلك وعد بجلسات تشريعية أسبوعياً للبتّ في ما تُنجزه اللجان النيابية من بنود وملفات مطروحة على مائدتها. وفيما البلد غارقٌ في درس الصيَغ الانتخابية، علمَت «الجمهورية» أنّ الأمين العام للجامعة العربية أحمد ابو الغيط سيزور بيروت اليوم لساعاتٍ، للقاء الرؤساء الثلاثة ميشال عون، نبيه بري وسعد الحريري. وتأتي هذه الزيارة لتهنئة رئيس الجمهورية بانتخابه، والبحث في الوضع العربي والتحضيرات للقمّة العربية في عمان في 29 آذار المقبل. وكذلك يصل غداً وزير الخارجية العراقي إبراهيم الجعفري إلى لبنان، على أن يزور لبنان لاحقاً مبعوث أميريّ كويتي ناقلاً رسالةً شخصية من أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الصباح إلى عون تُهنّئه بانتخابه وتدعوه إلى زيارة الكويت.

إذا كان هذا الزخم الذي انطلقت به الورشة التشريعية مرشّحاً لأن يسحب نفسَه على الأداء الحكومي مع إعلان رئيس الحكومة سعد الحريري عزمَ حكومته على إنتاجية ملحوظة في المرحلة المقبلة، فإنّ البلد دخلَ فعلياً في مرحلة الغوص عميقاً وجدّياً في الملف الانتخابي، وسط اتّجاه معلَن لدى مختلف الأطراف، نحو بَلورة صيغةٍ انتخابية جديدة بديلة لقانون الستين. لكن أمام هذه النوايا السياسية المعلنة، تبقى العبرة في التنفيذ.

وتنشَط الاتصالات في مختلف الاتجاهات لجَوجلة مجموعة من الطروحات والأفكار في شأن قانون الانتخاب العتيد، وتشارك فيها بشكل مباشر القوى السياسية الكبرى. وعلمت «الجمهورية» أنّ هذه الأفكار تندرج تحت عنوان : لا انتخابات على اساس قانون الستين.

وبحسب المعلومات فإنّ رئيس مجلس النواب نبيه بري ومعه «حزب الله» يسوقان هذا المبدأ وكذلك بعض الأفكار لدى حلفائهما. و«التيار الوطني الحر»، وبدفعٍ مباشر من رئيس الجمهورية يشاور حلفاءَه ايضاً، وكذلك تيار «المستقبل» عبر الحريري.

وقالت مصادر مشاركة في الاتصالات لـ«الجمهورية» إنّ «هذه الأفكار تمّت بلورتُها في ضوء سلسلة لقاءات ومشاورات ثنائية وثلاثية عَقدتها القوى الاساسية بعيداً من الاضواء خلال اليومين الماضيين. ويمكن القول إنّ منسوب الإيجابية مرتفع بعض الشيء على طريق إنتاج قانون جديد».

وبحسب المصادر، فإنّ النقطة الأساس في هذه الاتصالات هي كيفية وضعِ الصيغة التوافقية التي تُرضي كلّ الأطراف، وينطوي ذلك ضمناً على محاولةِ حلّ العقدة الجنبلاطية من خلال طرحِ صيَغ انتخابية تبدّد هواجس رئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» النائب وليد جنبلاط، خصوصاً وأنه ابلغ سائر القوى المعنية بالملف الانتخابي ولا سيّما رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب ورئيس الحكومة وكذلك «حزب الله» بموقفه صراحةً وبخشيته من ان تأتي ايّ صيغة انتخابية على حسابه، مبدياً في الوقت ذاته استعدادَه للنقاش ومؤكداً انفتاحَه على طروحات لا تثير أيّ مخاوف ولا تنطوي على ما تُشتمّ منه روائح محاولات إلغاء أو إقصاء أو تحجيم قد يضمرها البعض.

وإذا كانت القوى السياسية الاساسية قد تعاطت بشيء من التفهّم وحتى التعاطف مع الهواجس الجنبلاطية، إلّا أنّ المبدأ الاساس الذي يَحكمها هو الوصول الى قانون انتخابي جديد يَطوي صفحةَ الستين نهائياً، وكلّ المخلّفات التي تنتج عنه، على ان تكون هذه الصيغة الجديدة منصفةً للجميع، وللبلد بالدرجة الأولى.

والقاعدة الاساس التي يستند إليها هؤلاء مفادُها: «آنَ الأوان لكي ننتهي لمرّة أخيرة من قانون متخلّف، ونذهب الى صيغة انتخابية تلائم العصرَ الحالي، فلا أكثرية تلغي أقلّية، ولا أقلّية تفرض رأيَها على اكثرية، أو تفتعل مطبّات تعطيلية.

وإذ يتفاءل العاملون على خط صوغِ القانون الانتخابي بإمكان التوصّل الى الصيغة التي ترضي الجميع، علمت «الجمهورية» انّ البحث يتركّز على ثلاث نقاط:

النقطة الاولى مركزية، تتمحور حول القانون التأهيلي الذي يَحظى في هذه المرحلة بتأييد شريحة كبرى من القوى السياسية، خصوصاً وأنّه يَمزج ما بين الستّين وصيَغ أخرى عبر اعتماده في القضاء واعتماد النسبية في المحافظة. وتُركّز الاتصالات على الاتّفاق على نسبة التأهيل، وهي تُراوح بين طرحين: 10 في المئة و 20 في المئة.

أمّا النقطة الثانية فهي تتعلّق بتحديد عدد الدوائر الانتخابية وتتراوح بين خمسة دوائر، اي المحافظات الخمس التقليدية، او سبع وربّما اكثر، والبعض يذهب الى اقتراح تبنّي اقتراح الصيغة التي قدّمتها حكومة الرئيس نجيب ميقاتي، وهي تقسيم لبنان 13 دائرة وفق النظام النسبي.

أمّا النقطة الثالثة فهي إبقاء الباب مفتوحاً على صيَغ أخرى بشرط ألّا تكون مستنسَخة عن الستين أو الستين مجمَّلاً أو معدَلاً، بحيث يكون القانون قانوناً جديداً بكلّ معنى الكلمة.

على أنّ السقف الزمني لهذه المشاورات ليس مفتوحاً لمدى طويل وتحديداً قبل 20 شباط المقبل، موعد دعوة الهيئات الناخية كما ينصّ عليها القانون النافذ، وهو ما أشار اليه وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق أخيراً.

ومِن الأفكار المطروحة أيضاً، والتي يتمّ التشديد عليها، هي الحؤول دون أيّ صيغة انتخابية يتّخذها البعض قاعدةً لإلغاء قوى سياسية أو تحجيم طوائف أو مذاهب، خصوصاً وأنّ مثلَ هذا الأمر يؤسس إلى مشكلة كبرى في البلد، علماً أنّ هناك طروحات لدى البعض، ورفِضت بشكل واضح، وتقول بأن تنتخب كلّ طائفة حتى على مستوى التأهيل نوّابها، من دون تركِ الحرّية لكلّ مذهب أو طائفة صغرى بأن ينتخب نوابه.

عون

في غضون ذلك، أكّد الرئيس عون أنّ الانتخابات النيابية ستحصل في موعدها وفق قانون يتوافق عليه اللبنانيون، ودعا اللبنانيين الى اختيار نوابٍ على انسجامٍ مع بعضهم البعض ليتمكّنوا من تحقيق الإنجازات التشريعية والرقابية التي تهمّ جميع اللبنانيين، معتبراً أنه «في الاتحاد قوّة».

وكشفَ عون أنّ العمل بدأ لإقرار تعيينات وتشكيلات وتغييرات في الإدارات والمؤسسات العامة بهدف تجديد الدم ومكافحة الفساد، وهذا الأمر لا يهدف الى النَيل من احد، بل إلى إنقاذ الدولة من الهرَيان الذي اصابَ بعض مفاصلِها وشرايينها.

وأبدى عون تصميمه على متابعة «مسيرة الإصلاح، ومكافحة الفساد وضبطِ الإنفاق ووقفِ صرفِ بعض الموازنات في غير محلّها من دون ان يتحمّل احد مسؤولية ذلك». وعاهَد اللبنانيين ان يعملَ كي يعود لبنان افضلَ ممّا كان.

إستعدادات «الداخلية»

وأوضَح وزير الداخلية والبلديات أنّه ملزم بإنجاز لوائح الشطب قبل 90 يوماً من تاريخ إجراء الانتخابات، ولكي تجري في ٢١ أيار يجب ان تتم دعوة الهيئات الناخبة وإنجاز كلّ الترتيبات قبل ٢١ شباط.

وفيما أعطى المشنوق إشارةَ الانطلاق الرسمي لإنجاز ترتيبات إجراء الانتخابات النيابية، علمت «الجمهورية» انّ اتصالات سياسية نجحت في إدراج بند تعيين هيئة الإشراف على الانتخابات في جلسة مجلس الوزراء المقبلة.

وكان المشنوق قد وجّه، في سياق الاستعدادات اللوجستية، كتاباً إلى جميع المحافظين دعاهم إلى إعطاء تعليماتهم لـ«الكشف على مراكز أقلام الاقتراع والتثبّت من قدرةِ استيعابها لإجراء الانتخابات النيابية العامة»، والإسراع في إنجاز هذه المهمّة خلال مهلة لا تتجاوز العشرين يوماً.

جنبلاط

وفي المواقف، شدّد جنبلاط على أنّ قانون الانتخاب يجب أن يؤمّن التوازن الدقيق في التمثيل السياسي والمناطقي. وأبدى أمله الكبير بالرؤساء ميشال عون وسعد الحريري ونبيه بري ومعهم القوى السياسية المختلفة، تفهّمَ مطالبِ «اللقاء» المنسجمة مع الطائف.

«الكتائب»

وأوضَح مصدر مسؤول في حزب الكتائب لـ«الجمهورية»: «أنّ ما يهمّ الحزب من الناحية المبدئية هو طيّ صفحة قانون الستين نهائياً في الشكل والمضمون، بمعنى ألّا تُعتمد صيغة تؤدّي إلى النتيجة ذاتها التي يؤدي إليها قانون الستين».

وأكّد انفتاح الحزب «على دراسة كلّ الاقتراحات التي تسمح للناس بالتعبير عن رأيها ولا تكون غطاءً قانونياً لصفقات سياسية لمصلحة البعض وعلى حساب البعض الآخر» .

ولفتَ الى «أن لا أحد فاتَح الحزب جدّياً بأيّ اقتراح لتتمّ دراستُه تقنياً وسياسيا»، واعتبر أنه «مع توافرِ النيّة الحسنة والقرار السياسي، لا يزال التوصّل الى قانون جديد قبل حلولِ موعد المهَل الدستورية للانتخابات ممكناً، لكنّ الخشية لدى الحزب تبقى قائمةً من اللعب على عامل الوقت للإبقاء على قانون الستين أو لتمرير صيغةِ أمر واقع تؤدي الى ما يؤدي إليه قانون الستين من تحكّم مسبَق بالنتائج».

قانون الإيجارات

على صعيد آخر، أسدَل أمس مجلس النواب الستارةَ على قانون الإيجارات القديم، الذي شكّلَ على مدى عقود، أزمةً مزمنة كانت تزداد تعقيداً مع الوقت. وقد تمّ تحرير الإيجارات الجديدة بدءاً من العام 1992، حيث أصبحَ الإيجار حراً، يمتدّ لثلاث سنوات فقط. وبقيَت الأزمة في الإيجارات القديمة، والتي يعود بعضها الى اكثر من نصف قرن.

ورغم أنّ المشترع حاولَ في العام 2014 إنهاءَ ملف الإيجارات القديمة من خلال قانون ينصّ على تحرير تدريجي للإيجارات، إلّا أنّ القانون جاء ناقصاً، وأدّى الى صراعات حادة بين المالكين القدامى والمستأجرين.

وكانت الجلسة التشريعية قد أنهت أمس هذه المشكلة من خلال إقرار قانون 2014 معدَلاً. ومن خلال قراءة التعديلات يتّضح أنّ المالك خسر قليلاً في مسألة تخمين البدل العادل، من 5 إلى 4 في المئة من قيمة المأجور. لكنّ مبدأ التحرير التدريجي ظلّ كما هو، بما يعني أنّ عقود الإيجارات القديمة ستنتهي بعد تسعِ سنوات من نفاذ هذا القانون.

في المقابل، حصَل المستأجر على امتيازات إضافية تتعلق بالمساعدة المالية التي يستطيع أن يحصل عليها في مقابل تحرير الإيجار القديم. لكنّ المشكلة قد تظهر في مكان آخر، على اعتبار أنّ صندوق دعم المستأجرين ستموّله الدولة، وقد تمّت توسِعة شريحة المستفيدين، بحيث أصبحت الشروط تنطبق على القسم الأكبر من المستأجرين. ويبقى السؤال كيف ستدفع الدولة هذه التعويضات، وهل سيتمّ اللجؤ إلى استحداث رسوم وضرائب مخصّصة لتمويل هذا الصندوق؟

 

 

اللواء :

بين ورشة نفض الغبار عن الدولة ومؤسساتها، وإطلاق ورشة التشريع بصورة أسبوعية، جلسة كل خميس، طوال العقد الاستثنائي الحالي، تيمناً بجلسة مجلس الوزراء كل أربعاء، دخلت البلاد في سباق مع الاستعداد لاجراء الانتخابات النيابية، بعدما بات التمديد مشكلة من الصعب أن يسلم بها أحد، سواء تمّ التوافق على قانون جديد للانتخاب أو لم يحصل هذا الأمر.
وبدا من خلال إطلاق «خطة لبنان الاستجابة لأزمة النزوح السوري»، في السراي الكبير، أن ورشة النشاط الرسمي تتجاوز وضع قانون جديد للانتخابات أو إقرار الموازنة أو اجراء التعيينات، فالبيان الوزاري للحكومة وضع على السكة، وتقرر تنشيط الاجندات التي تضمنها هذا البيان على كل المستويات.
على أن الجدل لم يتوقف حول قانون الانتخاب، وإن كان الرئيس ميشال عون أكّد أن «الانتخابات النيابية ستحصل في موعدها وفق قانون يتوافق عليه اللبنانيون»، الامر الذي فسّر بأنه لا يعني التمسك بالنسبية الكاملة، وإنما البحث عن مخارج، وفقاً لمصدر نيابي الذي أضاف لـ«اللواء» أن اقتراح القانون المختلط بين الاكثري والنسبي ما زال في الواجهة، إلا انه ليس من السهل التوصل إلى إدخال النسبية في أي مشروع جديد يمكن ان تجرى الانتخابات على أساسه.
ووسط هذا الجدل لفت الانتباه طلب وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق، اخطار الوزارة بقدرة مراكز الاقتراع على الاستيعاب ليبنى على الشيء مقتضاه.
واعتبر هذا الطلب من الناحية الاجرائية بمثابة اجراء اولي يسبق دعوة الهيئات الناخبة قبل 21 شباط المقبل، أي بعد حوالى شهر ونيف، على ان يرفع ربما لجلسة مجلس الوزراء المقبلة، طلب فتح اعتمادات لاجراء الانتخابات قبل نهاية أيّار، وتشكيل هيئة الاشراف على هذه الانتخابات.
أزمة النزوح السوري
اما حكومياً، فكان إطلاق «خطة لبنان الاستجابة لأزمة النزوح السوري» في حضور أصدقاء لبنان والمنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان سيغريد كاغ ومساعدها المنسق المقيم لانشطة الأمم المتحدة فيليب لازاريني ورؤساء البعثات والمنظمات الدولية وسفراء عرب وأجانب، فضلاً عن وزراء ونواب وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة (الخبر في مكان آخر).
ووفقاً لمصدر وزاري فإن إطلاق هذه الخطة وفر شيئين للتمكن من احتواء تفاقم أزمة النزوح والحد من تأثيراتها السلبية على الأوضاع الداخلية اللبنانية.
فمن جهة حدّت هذه الخطة من تسرّب المساعدات وتوحيد آلية توزيعها وتنسيقها بين كل الوزارات من خلال رئاسة الحكومة، والأمر الثاني إطلاق ورشة اعادة النظر بالبنية التحتية من مياه وصرف صحي وكهرباء وخدمات صحية وتربوية، وإقامة مراكز تقديم المساعدات والوحدات الغذائية.
ولم يخف الرئيس سعد الحريري الذي رعى بحضوره حفل إطلاق هذه الخطة من أن لبنان يحتاج في السنوات الثلاث المقبلة إلى استثمارات جديدة لا تقل عن 8 – 10 مليارات دولار في البنية التحتية، والتعويض عن التدهور الذي حدث بسبب وجود مليون ونصف مليون نازح على اراضينا، داعياً المجتمع الدولي الى مساعدة لبنان في المهمة الكبيرة التي يضطلع بها لتوفير ما يلزم لهؤلاء النازحين، مشيراً إلى ان الازمة السورية التي وصفت في وقت من الاوقات بالطارئة، اضحت اليوم واحدة من أقسى الأزمات التي يواجهها لبنان، واصفاً إياها «بالأزمة المعقدة والمدمرة»، بدءاً من الضغط على الاقتصاد حيث انخفض معدل النمو من 8 إلى واحد في المائة، مشيراً إلى ان النمو البطيء اثر سلباً على امكانية المساعدة للنازحين.
وتوقف الرئيس الحريري عند بيانات البنك الدولي التي تُشير في تقديرات اولية إلى أن خسائر لبنان بلغت منذ العام 2012 حوالى 13.1 مليار دولار، منها 5.6 مليارات دولار عام 2015.
وفي ما خص التعيينات في جلسات الحكومة المقبلة، استبعد مصدر وزاري أن تكون قد انجزت، مشيراً إلى أن الرئيس الحريري طلب من الوزراء في الجلسة الأخيرة لمجلس الوزراء تقديم معلومات عن الشواغر في وزاراتهم، وعن رؤيتهم لملئها.
إلا أن الرئيس عون طالب الحكومة بإقرار تعيينات وتشكيلات وتغييرات في الإدارات والمؤسسات العامة لتجديد الدم ومكافحة الفساد، والهدف إنقاذ الدولة من الهريان الذي اصابها في مفاصلها وشرايينها.
جلسات التشريع
وبالعودة إلى جلسة مجلس النواب، فقط شكل إقرار قانون الإيجارات معدلاً الحصيلة العملية لجلستي التشريع في اليوم الثاني، وإن كان القانون الجديد الذي أصرّ رئيس المجلس على درس مواده الـ58 مادة مادة، آخذاً بالتعديلات التي قدمها وزير العدل سليم جريصاتي ووزير المال علي حسن خليل، ووقف المراجعات القضائية والاحكام ريثما ينشأ صندوق المساعدات الذي اقترح الوزير خليل ان يسمى حساباً ويتم التمويل له، الا انه لم يرض كفاية تجمع المستأجرين الذين حذروا من رميهم مجدداً في الشارع.
الا ان مصادر نيابية اعترفت بأن القانون لم يقدم الحل الكامل لأزمة المالكين والمستأجرين، غير ان صياغته الجديدة كانت أفضل من الصياغة السابقة، لا سيما لجهة إلزام الدولة بإنشاء الحساب المالي لمصلحة المستأجرين.
وفي ما خص قضية المتعاقدين وإقرار قانون تثبيتهم في ملاكات الدولة، والذي لم يُقرّ، على ان يعاد وضعه على جدول أعمال جلسة تشريعية مقبلة، كشف مصدر نيابي مطلع على هذا الملف لـ«اللواء» ان اقتراح القانون الذي قدم من بعض النواب يفتقر إلى دراسة موضوعية، إن لجهة اعداد المتعاقدين في الإدارات واوضاعهم الوظيفية وحاجة الملاكات إليهم، أو لجهة التمويل اللازم لهؤلاء، حيث ان لا دراسة وافية وعلمية تقدّم اجابة عن هذين الموضوعين.
وأشار هذا المصدر إلى ان قضية المتعاقدين معقدة وليس من السهل إيجاد معالجات قريبة لها، بما في ذلك قضية متعاقدي وزارة الإعلام، سواء الذين تركوا الخدمة بسبب بلوغهم السن القانوني، أو الذين نقلوا والحقوا بإدارات أخرى عندما كان النائب غازي العريضي وزيراً للاعلام، الأمر الذي يحدث خللاً في المساواة والحقوق التي ينص عليها القانون بين متعاقدي الإعلام والمتعاقدين الذين الحقوا في إدارات أخرى، بما يتعذر الفصل بينهم.
وفي تقدير مصدر نيابي لـ«اللواء» ان الجلسات التي عقدها المجلس النيابي على مدى يومين تؤشر إلى عودة العافية إلى حركة التشريع والرقابة، لافتاً إلى قرار الرئيس برّي عقد جلسة تشريع كل أسبوع، معتبراً انه «نقلة نوعية» في الحياة البرلمانية، لا بدّ ان تصل في النهاية إلى قانون جديد للانتخابات والموازنة.
ولفت المصدر إلى انه بمقدور المجلس ان يشرع كل أسبوع، طالما ان الحكومة تجتمع وتقر مشاريع قوانين، واللجان النيابية تدرس مشاريع واقتراحات.
واعتبر المصدر ان أبرز ما اقره المجلس أمس كان تعديل قانون الإيجارات وقانون الحق بالوصول إلى المعلومات، مشيراً إلى ان الهيئة العامة أعادت قراءة قانون الإيجارات الذي يتضمن 58 مادة مادة مادة، للوصول به إلى قانون متطور يمكن ان يرضي فريقي المستأجرين والمالكين، وكان من وجهة نظر هذا المصدر بأنه «أفضل الممكن».
ووصف التعديلات التي ادخلت عليه بأن حجمها كان بسيطاً لكنها نوعية، مشيراً إلى ان «حساب المساعدات للمستأجرين»، كان موجوداً في أصل القانون، تحت عبارة «صندوق» لكن وزير المال اقترح استبدال الكلمة بالحساب وصدق التعديل.

 

الاخبار :

لا هوادة لدى التيار الوطني الحر في معركة إقرار قانون جديد للانتخابات النيابية. حزب رئيس الجمهورية ميشال عون، الذي أطلق «الثورة» ضدّ الستين وكلّ القوى التي تحاول فرضه كأمر واقع، يستمر في الضغط بغية التوصل إلى قانون يعتمد النظام النسبي بشكلٍ أو بآخر. أولى الخطوات «الهجومية» كانت في البيان الذي أصدره المكتب السياسي للتيار الإثنين الماضي، وهدّد فيه بـ»ثورة شعبية» ضدّ القانون النافذ.

ثمّ أتى كلام الوزير جبران باسيل بعد اجتماع تكتل التغيير والإصلاح في اليوم التالي، مُصعّداً بأنه «في حال رفضت القوى إقرار القانون، يحق للمواطنين أن يثوروا». مسلسل الضغط العوني مُستمر، وواكبته أمس قناة «أو تي في» التي ذكّرت «بسلسلة الاستحالات الموهومة التي سقطت منذ نهاية أيار 2014 حتى اليوم»، بدءاً من استحالة اتفاق عون ورئيس القوات اللبنانية سمير جعجع، مروراً باستحالة انتخاب عون رئيساً للجمهورية وصولاً إلى عدم الاتفاق على بعض البنود في البيان الوزاري. أرادت القناة البرتقالية من هذا السرد أن تؤكد أنّ استحالة الاتفاق على قانون انتخابي ستسقط أيضاً، «سيكون هناك قانون، وستكون هناك انتخابات. لا بل سيكون القانون شرطاً للانتخابات، وإلا فكل الخيارات متاحة ومفتوحة. الثابتة الوحيدة المسلم بها هي أنه لن يسمح في عهد ميشال عون بأن تغتصب الإرادة الشعبية، لأن الشعب لم يعد يتيماً». سبق لمصادر التيار أن أبلغت «الأخبار» أنّ «كل الخيارات مفتوحة أمامنا، إن كان التحركات في الشارع أو مقاطعة الانتخابات، لأنّ موضوع القانون هو مسك ختام الإصلاحات الميثاقية». ولكن تترك هذه المصادر هامشاً للتوافق السياسي، رغم أنّ الغداء بين الرئيس سعد الحريري والوزيرين علي حسن خليل وباسيل الثلاثاء، لبحث قانون الانتخابات، لم ينتج منه تطور إيجابي.


 

 

ليس التيار وحيداً في معركته الحالية. يُدعّم موقفه بتشدد رئيس الجمهورية لإقرار قانون جديد التزاماً منه بخطاب القسم. صحيح أنّ عون أخبر وفد اللقاء الديمقراطي أول من أمس أنه لا يتدخل في السجالات الحاصلة بشأن القانون، مجدّداً حرصه على طرح ما يؤمّن صحة التمثيل ومصلحة الوطن، ولكن حين تحدّث النائب غازي العريضي أمام عون عن وجود «خمسين بالمئة من النواب الدروز الثمانية خارج إطار قدرة الطائفة الدرزية على أن تختار ممثليها»، ردّ الرئيس بالقول إنّ «مصلحة الحزب الاشتراكي هي إذاً باعتماد النسبية التي تسمح له بانتخاب نوابه بقوته الشعبية».
وإضافة إلى تشدّد رئيس الجمهورية، يستند التيار الوطني الحر مجدداً إلى موقف حليفه، حزب الله، الذي لا يزال يرفع لواء النسبية «الكاملة غير المنتقصة». وللتذكير، فإن التيار تمكن من تحقيق هدف الرئاسة، «بفضل صلابة عون، ودعم الحزب» (والتعبير هنا لرئيس التيار) الذي وصل إلى حدّ تعطيل البلد سنتين ونصف سنة، قبل أن تنضم القوات اللبنانية وتيار المستقبل إلى هذا المعسكر. وبعد أقل من ثلاثة أشهر على انتخابه، يبدو عون في معركة قانون الانتخابات أيضاً سانداً ظهره إلى حارة حريك التي تُصرّ على اعتماد النظام النسبي.