لا يوجد في لبنان لبنانيّون هم وفي الأغلب منتسبون كطوائف الى دول وجنسيّات متعددة ومختلفة الأمر الذي جعل من لبنان أمناً هشّاً سرعان ما يحترق بنيران اللبنانيّين عند أول عود كبريت لحدث عربي أو أجنبي .

الحرب الأهلية في لبنان سبباً كافياً لتأكيد ما ندّعي وقبلها الاهتزازات التي سبقتها كمؤشرات على طبيعة التركيبة اللبنانية المريضة ومن ثمّ فالتجارب المتراكمة منذ اتفاق الطائف وحتى الآن واللبنانيّون يبيعون وطنهم الصغير لصالح الدول الكبيرة بواسطة أسواق الحروب الرائجة في لبنان .

طبعاً لا ضرورة لاستعراض الماضي فالمُنكر جاحد أم أعمى ولنا في الحاضر أسباب كافية وأمثلة مؤكدة ومفيدة لاعتبار اللبنانيين خارج هويتهم الوطنية .

منذ الربيع العربي وارهاصة الفرح تغمر اللبنانيين لاعتبارهم  روّاد التغيير في العالم العربي والبقية الثورية المتبقية في منطقة شاقتها أعمال الثورات وخرّبت بيوت أحلامها ولمّا مالت رياح الثورة صوب سورية وقف اللبنانيّون موقف الانقسام الحادّ تعبيراً منهم عن استياء موجه للثورة من قبل فريق لبناني وللنظام من قبل فريق آخر ودخل الجميع دوامة الأحداث في سورية ومن ثمّ رحى الحرب الدائرة .

هذا الانقسام من الثورة الطارئة في سورية وسّع من عمق الشرخ  القديم والقائم بين اللبنانيين حول العلاقة مع سورية كنظام محكوم بسقف سياسي عائلي وطائفي واشتغل اللبنانيّون ببعضهم البعض نصرة لسورية الى أن وصلت الأمور الى ماهيّ عليه من فراغ مخيف في الأمن وفي السياسة ومن استحضار لخطّ تماس حدودي بين لبنانيين وسوريين ولخطوط تماس داخلية بين اللبنانيين على خلفية مذهبية حاضرة لفعل فعلتها الاجرامية كما هو حالها في سورية والعراق .

في المشهد الحالي نصرة سورية على الحدود تقوم بغزوات ضدّ الجيش اللبناني وحزب الله وفي قبضتها أسرى عسكريين تفاوض عليهم في ظل أجواء غير ايجابية وثمّة تفاعل مذهبي من الشمال المعلن فعله المنسجم مع النصرة السورية وفي مناطق لبنانية أخرى تنتهز الفرص السانحة للتعبير عن نصرتها للنصرة السورية أو السُنيّة طالما أن البعد المذهبي حاضر وفاعل في حرب السورية .

ثمّة من يعمل عل حلّ عسكري ضدّ النصرة السورية ظنّاً منه بوضع حدّ نهائي للمشكلة التي ستزداد عمقاً ومضاعفة اذا ما تُركت للمعالجات السطحية وثمّة من يهادن في ملف معقّد ومفتوح على خيارات لبنانية – لبنانية صعبة وكلا الفريقين يساهمان في حل مشكلة مؤقتة ولكنهما لا يستطيعان حلّ المشكلة ذات الجذور السورية طالما أن الحسابات السورية متحكمة بالحسابات اللبنانية .

لذا نحن في لبنان نعيش حرباً سورية ولكن بأدوات مختلفة وعناوين مختلقة تلبي مصالح الطوائف في لبنان المنحازة الى مصالح الدول الراعية لها وبالتالي ستضعنا الحرب القادمة أمام شغور وطني وليس رئاسي  ونيابي فقط لأن لبنان سلعة السياسيين في سوق عربي تشتعل فيه أسعار البيع والشراء لصالح تجّار اقليمين يتنافسون بواسطة الحروب للسيطرة على منطقة أوسطية خصبة .