يواجه لباس الشرطة الرسمي المصري اكبر مصدر للخطر بعدما كان مصدرا للقوة والمهابة ، على مدى العقود الماضية وذلك نظرا للهجمات المتكررة التي تلاحق عناصر الأجهزة الأمنية من جيش وقوى امن على امتداد المحافظات المصرية ، ولا سيما بعد الإطاحة بالرئيس الذي يقبع في السجن حاليا محمد مرسي . فقد اصبح الحذر والتحوط عنصرين اساسيين في حياة عقيد الشرطة عمرو الذي اصدر تعليمات صارمة لزوجته وطفليه بعدم الكشف عن مهنته امام اي شخص بعد ان بات رجال الامن هدفا يوميا لاعتداءات دامية. ويقول العقيد عمرو وهو اب لابن وابنة ويعمل في الشرطة منذ 25 عاما "نعيش حاليا اجواء من القلق والتوتر، كل يوم يسقط زميل لنا شهيدا"، ويضيف "ما يزيد الامر صعوبة اننا نحارب عدوا مجهولا ، عدو لا نراه ولا نعرف قوته". وقد طلب عمرو عدم كشف اسمه كاملا او اعطاء بيانات محددة عن موقع عمله كغيره من افراد الامن الذين التقتهم وكالة فرانس برس والذين رفضوا جميعا التقاط اي صور لهم اثناء المقابلة ، وقال : ًاحاول تجنب مواقف المواجهة قدر الامكان لانني ساكون فيها قاتلا او مقتولا". واضاف "كاجراء احترازي قمت بتغيير اللون الازرق التقليدي لسيارة الشرطة التي تخدم اسرتي الى اللون الابيض خشية تعرضها للحرق او الاستهداف واسرتي داخلها، كما ازلت عن سيارتي الخاصة اي اشارة تدل على انها سيارة ضابط . وتقول نهى زوجة العقيد عمرو : "لم اعد اعرف عن نفسي كزوجة ضابط شرطة خاصة حين اتعامل مع غرباء او اطلب مشتريات من متجر بقالة عبر الهاتف"، وتابعت "لا اريد لغريب ان يعرف ان بنايتنا فيها ضابط رغم ان ذلك كان مصدر فخر لي سابقا ازدياد القلق . وهذا القلق يزداد حدة مع تعرض أسر المزيد من الضباط للتهديدات بعد ان نشرت صفحات اسلامية على مواقع التواصل الاجتماعي اسماء وعناوين عدد منهم وطالبت بالقصاص منهم لاتهامهم بقمع انصار مرسي. فاللواء ناصر العبد مدير مباحث مدينة الاسكندرية الذي نشرت صور لابنائه على الانترنت لفرانس برس يقول ان "الاستهداف الاسري اكثر قلقا وارباكا، ففي النهاية اسرتي ليس لها ذنب ولا تستطيع الدفاع عن نفسها" ، ويعتقد اللواء العبد ان "التهديد على الانترنت اكثر خطرا وتاثيرا لانه يجعل الوصول الينا اسهل". هذا وقرر مدير امن محافظة الشرقية (في دلتا النيل) عدم ارتداء رجال الأمن للزي الرسمي خارج مقار الشرطة مع مغادرتهم اعمالهم في ملابس مدنية وذلك لمنع استهدافهم ، وذلك بعد مقتل عشرة منهم على الاقل في هذه المحافظة منذ بداية العام الجاري وفي سيناء التي تشهد غالبية الهجمات ضد الجيش المصري احيطت الدبابات بشبكات حديدية للتقليل من تاثير تعرضها لاي هجمات ، كما تحاط حواجز الجيش بتلال من اكياس الرمل. ... والطمأنينة المفقودة وبالرغم من ذلك ، لا تعطي التحصينات الامنية حول مقار الشرطة والتي حولت القاهرة لقلعة حصينة الطمأنينة الكافية للرائد ايمن الذي يرتدي سترة واقية من الرصاص وهو يقول "كل يوم يقتل زميل لنا. تلك التامينات لا تمنع الموت. لا حذر مع القدر". وتمتد هذه الاعتداءات لتشمل كافة الضباط بما فيهم ضباط المرور ممن لا يتعاملون مع التظاهرات، فقد اصيب شرطيان في هجوم استهدف نقطة مرور في القاهرة الثلاثاء الماضي ، كما ان رجال الجيش ايضا ليسوا بمنأي عنها وخاصة بعد اعلان قائدهم السابق المشير عبد الفتاح السيسي عزل الرئيس مرسي الصيف الماضي. الداخلية المصرية .. وإجراءاتها وازاء هذا الواقع ، زادت وزارة الداخلية من اجراءات تامين ضباطها ومقراتها عبر البلاد ، وقامت ببناء جدران اسمنتية حول اقسام الشرطة ومديريات الامن كما اغلقت العديد من الطرق حولها ما زاد من تفاقم ازمة مرورية سيئة اساسا ، كما اصدرت الوزارة تعليمات مشددة لضباطها وافرادها بضرورة ارتداء السترة الواقية من الرصاص وخوذة الراس اثناء العمل خاصة لمن يعملون على الحواجز الامنية المنتشرة على طرقات البلاد خاصة خلال الليل . وتتهم الحكومة المصرية جماعات تصفها "بالجهادية الارهابية" وجماعة الاخوان المسلمين التي تعتبرها "تنظيما ارهابيا" بالوقوف وراء معظم تلك الهجمات التي بدات اولا في شبة جزيرة سيناء ثم امتدت مؤخرا الى مختلف انحاء البلاد خاصة في القاهرة والدلتا، في الوقت الذي تشن السلطات حملة واسعة ضد أنصار الرئيس المخلوع خلفت نحو 1400 قتيل معظمهم من الاسلاميين بحسب منظمة العفو الدولية. ومعلوم ان السيسي قد ترشح الى الانتخابات الرئاسية المقررة في 26 و27 من ايارالمقبل خلفا لمرسي وهو يعتبراول رئيس مدني منتخب ديمقراطيا في تاريخ البلاد .