من بعد إخماد ثورات تقسيم في حزيران الماضي، مجدداً تهبّ رياح التغيير والتعبير على تركيا، فتوالت الاستقالات في حكومة أردوغان التركية حتى وصلت إلى ثلاث استقالات، هي وزير البيئة اردوغان بيرقدار، ووزير الداخلية معمر غولر، ووزير الاقتصاد ظفر تشاغليان. وجاءت هذه الاستقالات على خلفية قضية فساد متشعبة زعزعت النخبة الإسلامية المحافظة التي تقود البلاد منذ عام 2002 تم على إثرها في السابع عشر من كانون الأول الجاري القبض على 24 شخصاً من أباطرة العقارات وشخصيات مقربة من أعضاء حكومة رجب طيب أردوغان، بينهما نجلي وزيري الداخلية والاقتصاد.

هذا وأعلن إدريس نعيم شاهين وزير الداخلية السابق وعضو البرلمان عن حزب العدالة والتنمية استقالته من عضوية الحزب، وذلك اعتراضاً على بعض سياسات الحزب الحالية، والتي لا تتواءم مع مبادئه، حسب وسائل إعلام تركية. ويعتبر شاهين من مؤسسي حزب العدالة والتنمية.

وهدد رئيس الوزراء التركي، رجب طيب اردوغان، "بكسر أيادي" المنافسين الذين استخدموا التحقيق لتقويض حكمه، ووصف هذه القضية بأنها "حملة لتشويه صورته" من أجل الحد من طموحات تركيا إلى أن تصبح قوة سياسية واقتصادية كبرى.

ومن جهته، تعهد الرئيس التركي عبد الله غول بـضمان الحرية الكاملة للمحاكم في تحقيقاتها، مؤكداً أن النظام القضائي الديمقراطي والموضوعي والمستقل سيفصل في المزاعم بطريقة لا تدع أية علامة استفهام.

بينما قام رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان يوم أمس الأربعاء بمقابلة رئيس الجمهورية عبد الله غُل، وسلّمه التعديل الوزاري الجديد في حكومته.

فتمّ تعيين النائب البرلماني في العدالة والتنمية عن أنقرة أمر الله إيشلر نائباً لرئيس الوزراء، ولطفي علوان نائب العدالة والتنمية عن محافظة قارامان وزيراً للمواصلات والملاحة البحرية والاتصالات.
كما عُيّن مولود تشاوش أوغلو وزيراً للاتحاد الأوروبي، وبكير بوزضاغ نائب رئيس الوزراء وزيراً للعدل، وعائشة نور إسلام وزيرة للأسرة والسياسات الاجتماعية.
وفي إطار التعديل الوزراي التركي، عيّن عاكف تشاغاطاي وزيراً للشباب والرياضة، ونهاد زيباكتشي وزيراً للاقتصاد، وأفكان أعلا وزيراً للداخلية. وتسلّم فكري إيشيك وزارة العلوم والصناعة والتكنولوجيا، وإدريس غوللوجه وزارة البيئة والتخطيط العمراني.

وقد فرقت الشرطة التركية مساء أمس الأربعاء، تظاهرة مناهضة للفساد ولأردوغان، بعد مرور ثمانية أيام على توالي فصول فضيحة الفساد التي هزت تركيا. ووجّهت دعوات عبر شبكات التواصل الاجتماعي، لتنظيم تظاهرة أخرى ضد أردوغان مساء الجمعة المقبل في ساحة تقسيم، مركز الحركة الاحتجاجية في حزيران/يونيو.

لعلّ الأيام القادمة ستكون أياماً مفصلية ستحدّد مستقبل حكومة أردوغان، فهي إمّا أن تكون أيام احتضار ما قبل الموت والاضمحلال، وإما أن تكون أيام مخاضٍ عسير سينتج عنه مولودٌ شرس يدعم بأنيابه ما اهترأ من أساساتها..!!