مع هدوء العاصفة التي ضربت لبنان لم تستمرّ عاصفة الهدوء الذي سيطر على وضعه الأمني الأسبوع الفائت، فجاءت نهاية عطلة الأسبوع موشّحة بوشاح الخوف الذي اعتاده اللبنانيون لتنسف صقيع العاصفة وتضرم نيرانها في جنوب لبنان على عدّة محاور ما بين قنبلة وانتحار واختراق..

فتوالت الأخبار العاجلة دون سابق إنذار، وتوالى معها الخوف والحذر، فمن قنبلةٍ ألقيت على حاجز الجيش الثابت في نقطة الأولي التي أصيب بنتيجتها عسكريان لبنانيان. إلى ثلاثة مسلحين هاجموا حاجزاً آخر في مجدليون، عمد أحدهم إلى تفجير نفسه، في حين تمكن عناصر الحاجز من قتل الإثنين الآخرين. لتحطّ سفينة الخوف ركابها ، وفي أوقات متقاربة، في الناقورة جنوب صور التي عاشت ليلا متوترا فشهدت سماءها وعلى طول الحدود على الخط الازرق قنابل مضيئة وتحليق للطيران الحربي والمروحي واستنفار عالي الجهوزية من جانب الجيش اللبناني والعدو الاسرائيلي. في الوقت الذي عملت فيه قوات اليونيفل على تهدئة الأجواء بين الطرفين، وذلك نتيجة إطلاق أحد جنود الجيش اللبناني في منطقة رأس الناقورة النار باتجاه قوة اسرائيلية كانت تجتاز الحدود، ما أدى إلى مقتل رقيب في جيش الإحتلال الإسرائيلي. وقامت قوات العدو الاسرائيلي قرابة الواحدة من منتصف الليل الفائت بتمشيط المنطقة الحرجية من الجانب اللبناني عند رأس الناقورة بالأسلحة المتوسطة. ولا تزال الحدود تشهد استنفاراً أمنياً متبادلاً بين الجيش وقوات الإحتلال. وأكد المتحدث باسم اليونيفيل أنّ الحادث الذي وقع قد حصل في الجهة الفلسطينية، كما أجرى قائد اليونيفيل اتصالات مع الجيشين طالباً ضبط النفس. هذا وسُجل صباح اليوم تحليقاً لطائرة استطلاع اسرائيلية من نوع "ام-كا" فوق مزارع شبعا المحتلة وصولا حتى تخوم مزارع قرى العرقوب المحررة، بينما نفّذ الطيران الحربي الاسرائيلي غارات وهميّة كثيفة وعلى علوّ منخفض في أجواء بنت جبيل ومرجعيون الناقورة وصولاً إللى النبطية وإقليم التفاح.

وأفادت معلومات صحفية بأنّ السيارة التي إستهدفت الجيش في صيدا مسجلة باسم محمد الظريف، وهو من مجموعة معين أبو ضهر الإنتحاري الذي فجر نفسه بالسفارة الإيرانية. وذكرت مصادر أمنية أنه تم التعرف على هوية المسلحين الثلاثة في مجدليون، وهم اللبنانيان محمد جميل  الظريف، وإبراهمي المير والفلسطيني بهاء الدين محمد السيد. هذا وعُثر على حزام ناسف وقنابل وصواعق في السيارة التي كان يستقلّها المعتدون.  وكلف مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي صقر صقر، الشرطة العسكرية ومخابرات الجيش والادلة الجنائية اجراء التحقيقات الاولية في حادثتي صيدا وبإشرافه. بينما حمّل وزير الدفاع الإسرائيلي موشيه يعالون، الحكومة اللبنانية مسؤولية مقتل جندي إسرائيلي عند الحدود بين الدولتين مساء أمس، وقال إن إسرائيل لن تتسامح حيال خرق سيادتها، مطالباً الجيش اللبناني بتوضيح لما حدث وعن الجراءات التي سيتخذها  من أجل عدم تكرار أحداث من هذا النوع.

لعلّ التزامن الذي حصلت فيه هذه الاعتداءات الثلاثة يلقي الضوء على استهداف منسّق ومدبّر للأمن اللبناني وبالتالي لجيشه، ويستبعد هذا التزامن حلقة الصدفة ويقترب من حلقةٍ خفيّة ستكشف الأيام القادمة خيوطها..