لمجرد الاطلاع ولو بشكل سريع على عناوين الصحف الصادرة كل يوم .. يمكن للمتتبع ان يقرأ ، في أية وجهة .. تذهب شؤون وشجون المنطقة .. فاذا بدأنا بسيد البيت الابيض أوباما ، الذي لا يريد من الكونغرس ان يفرض عقوبات جديدة على طهران ، في ظل إيحاءات أميريكية بإمكانية التوصل مع الإيرانيين لاتفاق حول الملف النووي ، أقرب مما كان أحد يتوقع ، و هذه الإيحاءات تتناغم معها إيحاءات مماثلة في الجانب الإيراني الذي يمضي في الاعلان عن تشدده .. ولكن ظاهرا ... واذا توقفنا عند حركة سير المعارك في الميدان السوري ، و ما تأتي به التقارير والمعلومات عن استعادة الجيش النظامي السوري المبادرة في اكثر من منطقة ، والسيطرة يوما بعد يوم على مناطق و مواقع ، كانت بيد قوات المعارضة ، هذا بالاضافة الى الأنباء التي بدأت تتوالى خلال ساعات فجر اليوم ، من ان معركة القلمون بدأت فعليا ليل امس على السلسلة الشرقية لجبال لبنان... اذا تمعنا بكل تلك المعطيات يسهل علينا تلقف هذا الخطاب الحاد للامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله ، وهذا السقف العالي في مقاربة الامور والتوجه الى الخصوم أو حتى الاستخفاف بهم .. ويطل علينا رئيس مجلس النواب نبيه بري بعد ساعات من خطاب نصرالله لينعى كل المبادرات ، و يغرق في التأسف الشديد ، بسبب شل الفريق الآخر لعمل المجلس النيابي ، و تعطيل محركات الحكومة ، ملقيا اللوم على المملكة العربية السعودية كونها لا تفعل ما يجب عليها فعله .. و كأن الرئيس بري لم يقدم في ماض ليس ببعيد على الافعال ذاتها ، لناحية شل المجلس وتعطيل الحكومة . غريب هذا الواقع اللبناني ، وغريب هذا البلد ، الذي لا يمكن عند اي مفترق من مفترقات أزماته ، الاحتكام الى نصه الدستوري و مضامين قوانينه ، فهو دائماً مرهون .. مرهون لموازين القوى المحلية ... و لمعادلات إقليمية .. وصفقات دولية .. و المضحك المبكي ان يطالعنا الرئيس بري ، بحقيقة ، و كأنه اكتشفها أو استفاق عليها الآن في الحياة اللبنانية ، وهي حقيقة انه بات يجب العمل من الخارج و ليس من الداخل ، واننا لا نعرف ان نحكم أنفسنا بأنفسنا .. ونحن نسألك يا دولة الرئيس ، كمواطنين لبنانيين ، لا نعرف ما تعرفه في سبر أغوار السياسة في هذا البلد.. كيف يمكن لمبادرتك او أية مبادرة أخرى ، ان ترى سبل النجاح ، و ها هو سماحة الأمين العام ، يصر على نظرة حزبه الأحادية لكل ما يجري في هذا المحيط ، سواء اتصل بسوريا ام بغيرها ... فهو يريد البقاء في سوريا و القتال في سوريا ، شاء من شاء و أبى من أبى ، و هو يدعو الفريق الآخر الى التوقف عن الرهان على متغيرات إقليمية ودولية ، وهو من جانبه يحق له الرهان على هذه المتغيرات ، لا بل هو غارق في رهاناته عليها و حتى على تفاصيلها ، الى ما فوق الأذنين .. كيف يمكن يا دولة الرئيس ان تنجح المبادرات ، و ثمة فريق يعلن استقواءه على كل شيء .. على الدستور ، والقوانين ، على الاتفاقات ، و الإعلانات ، وعلى كل البلاد و العباد .. لعل أسفك في محله يا دولة الرئيس .. و لكنه لا يجب ان يكون على فشل المبادرات ، بل علينا ، كشعب خامل ، مستسلم ، راض بحكم هذا السلاح الطاغوت .. و باق الى ما شاء الله .. يتفرج عليه .