مع حلول الأول من محرم من السنة الهجرية من كل عام، ترى كافة المناطق الإسلامية التي تضم أكثرية من المسلمين الشيعة، تلبس رداء الحداد، ويظهر الناس بالثياب السود، فلم ذلك؟ وما سبب هذا التعلق بالحسين؟ هو الإمام الحسين ابن الإمام علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان، وعدنان أحد قبائل العرب العامرة، أما أمه فهي سيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء بنت رسول الله (صلعم) محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان. وتلتقي بالإمام علي ابن ابي طالب في جدهما عبد المطلب. ولد الإمام الحسين في المدينة المنورة، في الثامن من كانون الأول من العام السادس والعشرين بعد الستمائة، السنة الرابعة للهجرة النبوية. ويقال في المصادر أن جده الرسول قد أسماه الحسين، بينما كان الإمام علي يريد أن يسميه حرباً. وكان أول ما دخل سمعه صوت الآذان تلاه الرسول جده. نشأ الحسين وترعرع في بيت جده، سنوات ست ونيفاً، فكان الرسول يحنو عليه ويحبه، ويداعبه، ويضمه، وكان يقول عنه: «الحسين مني وأنا منه... أحب اللَّه من أحب حسينا، حسين سبط من الأسباط... وكان يشبه النبي خلقاً وخلقة، كثير الصوم والصلاة، سخي اليد، ويقال أنه قد حج خمساً وعشرين حجة ماشياً. وفي الحديث المروي عشرات من العبارات عن الرسول حول الحسين واخيه الحسن، فكان النبي يقول: «الحسن والحسين ابناي من أحبّهما أحبّني، ومن أحبّني أحبّه الله، ومن أحبّه الله أدخله الجنة، ومن أبغضهما أبغضني، ومن أبغضني أبغضه الله، ومن أبغضه الله أدخله النار»، ويروى أنه كان يخطب في الناس مرة على المنبر، فلما شاهد الحسين يأتي باتجاهه متعثّراً، سارع إلى قطع خطبته، ليتلقفه ويرفعه إلى فوق المنبر، ، ليكون ذلك إشارة من النبي إلى عظم مرتبة الحسين، ودوره في مستقبل الأمة الإسلامية.
ويحفل التراث الإسلامي الشيعي تحديداً بعشرات الاوصاف في الحسين، ويتغالى البعض في وصفه، لكن كالعادة، كلام في الأديان يستعرض مذاهب الفرق دون أخذ موقف منها، وبعض ما يقال في الحسين أنه الرشيد، والطيب، والوفي والسيد، والذكي، والمبارك، والتابع، والسبط، وسيد شباب أهل الجنة، والشهيد، والمظلوم،والسعيد، وأجل الاسرى، والامام المظلوم، والاسير المحروم، والقتيل المرجوم، والامام الشهيد، والولي الرشيد، والوصي السديد، والطريد الفريد، وذو النسب العلي، والامام الرضي.
ويضاف أنه أبو عبد الله الحسين، ومنبع الامة، وشفيع الامة، والعبرة لكل مؤمن ومؤمنة، وطيب العرق وصاحب المحنة الكبرى والواقعة العظمى، وعبرة المؤمنين في دار البلوى، ومن كان بالامامة أحق وأولى، والمقتول بكربلاء، وابن علي المرتضى، وزين المجتهدين وسراج المتوكلين ومفخرة أئمة المهتدين، وبضعة كبد سيد المرسلين، ونور العترة الفاطمية، وسراج الانساب العلوية،وشرف غرس الأحساب الرضوية، وأكرم العتر،وأزهر البدر، والمعظم المكرم الموقر المنظف المطهر، أجمل الخلق وأطيب العرق.
وقد وجدنا في أوصافه ونعوته الكثير مما لا مجال لذكره، ويكفيه أن النبي وصّى أباه عليّاً به وأخيه، وطلب منه ذلك قبل موته بثلاثة أيام، فقال:» أبا الريحانتين، اُوصيك بريحانتيَّ من الدنيا، فعن قليل ينهدّ ركناك، والله خليفتي عليك»، ولما أسلم الروح، قال عليّ: هذا أحد ركني الذي قال لي رسول الله (صلّى الله عليه وسلم)، فلمّا ماتت فاطمة قال عليّ: هذا الركن الثاني الذي قال لي رسول الله..
تزوَّج الإمام الحسين من نساء كثر، وبعضهن ليلى بنت عروة بن مسعود الثقفي، والدة علي الأكبر، وشاه زنان بنت يزدجرد الثالث عظيم فارس، وآخر الملوك الفرس، وهي أم ولده السجاد، وتزوج أيضاً الرباب بنت أمرئ القيس بن عدي، وأنجب منها سكينة وعلي الأصغر المشهور بعبد الله الرضيع، الذي استشهد معه في كربلاء، وتزوج أيضاً بأم إِسْحَاق بنت طَلْحَة بن عبيد الله وهي أم فاطمة، وقضاعية التي أنجب منها جعفر. فيكون مجموع عدد أولاده ستة، إناث إثنتان، وأربعة ذكور، فاطمة وسكينة، وعلي الأكبر وعلي الأصغر، وجعفر وزين العابدين.
هي حلقة أولى من سلسلة الحلقات التي سنتناول فيها الملحمة الحسينية، بمناسبة حلول عاشوراء، كيف لا، والأمة الإسلامية تتحد على محبة آل البيت الكرام، فاطمة وأبوها وبعلها وبنوها، وسلمان الفارسي الذي أضافه النبي إلى هذه العصبة، فقال عنه «سلمان منا آل البيت». بالتالي، سيكون لنا عدة وقفات مع الملحمة الحسينية، من اجل معرفة المزيد عن الشعائر والعبادات التي تقوم بها الطوائف المكونة لهذا الشرق الجميل، من أجل تنوع في الوحدة، ووحدة في التنوع... والله الموفق للصواب.