المقامة موقف إنسانيّ يقتضيه مبدأ الدفاع عن الذات في مواجهة ما يستلبها حرّيتها ، ويمتهن كرامتها .وقد جاءت رسالات السماء وشرائع الأرض لتؤكّد هذا الحقّ وتدعو إليه .
بيد أنّ المقاومة التي تكتسب مشروعيّتها وسط جماعة معيّنة ، لا بدّ أن تتمتّع بجملة مواصفات ، أهمّها : 
أوّلا" _ أن تكون ذات خلفيّة وطنيّة ، بمعنى أن تجتمع فيها إرادة الأمة ، فتكون تعبيرا" حقيقيا" عن تلك الإرادة الجامعة ؛ أمّا إذا كانت ذات طابع فئويّ، فإنّ مشروعيتها الوطنية ستتضاءل إلى حدّ ينذر بانفضاض المجتمع عنها ووضعها في دائرة الإنعزال . 
ثانيا" _ أن تكون ذات فكر وتوجّه وطنيين ؛ فما الذي يشدّها إلى قضايا الوطن وهمومه ، ما لم يكن ذلك الفكر حاضرا" في نشاطاتها وتوجّهاتها ؟ إنّ مقاومة تنطلق من خلفيّة إيديولوجية غير وطنيّة ، قد ترتدّ على مجتمعها ، وتوجّه سلاحها في المكان غير المناسب ، حتى إذا قورن بين ثمار مقاومتها للعدوّ ، ونتائج استباحتها لأبناء وطنها ، كان الضرر أكبر بكثير . 
ثالثا"_ أن لا يكون سلاحها وميزانيّتها من الخارج ؛ فإذا كان الأمر كذلك فمن الطبيعيّ أن تكون مرتهنة لهذا الخارج ، داخلة في إطار مشاريعه ومخطّطاته ؛ فالدول ليست مؤسّسات خيريّة ، بقدر ما هي كيانات سياسيّة ذات مصالح . 
رابعا"_ أن لاتكون ذات سلطة مستقلة عن الكيان السياسيّ الذي تنشأ فيه ؛ بل لا يجوز حتّى أن تقاسم هذا الكيان سلطته وسيادة قراره ؛ فالقرار على مستوى الداخل والخارج هو حقّ حصريّ للدولة التي لا معنى لوجودها من دونه . 
هذا بعض من أهمّ المواصفات التي ينبغي ان تشكّل سمات مميّزة لأيّ عمل مقاوم . في هذا الإطار ؛ هل تمثّل المقاومة التي تستقطب اليوم في مواقفها وتحرّكانها محور الإهتمام ، هل تتمثّل فيها مقوّمات الفعل المقاوم الحقّ ؛ فتكتسب به مشروعيّتها ؟

د.محمود مسلماني