لقد فاز روحاني في انتخابات الرئاسة في حزيران الماضي في ظل حملة انتخابية تحمل شعارات الانفتاح على الغرب والتصالح مع الجوار وحل المشاكل الداخلية بروحية مؤسساتية وبدون طي معالم الأزمة الاقتصادية التي تعاني منها ايران من خلال سياسة سلفه الذي كان يقول كثيرا ويفعل قليلا .
لقد كان فوز روحاني مهدئا للمجتمع الايراني القابل للإنتفاض إذا مورس التلاعب بنتيجة الانتخابات وسط الازمات الاقتصادية نتيجة العقوبات المفروضة على إيران من قبل الغرب .
لذلك يمكن القول أن فوز روحاني كان ضرورة لكل الاجنحة التي تعيش على الساحة الإيرانية الممسكة منها بمقاليد السلطة والمعارضة والمستبعدة ولم تكن مؤسسات القائد ممانعة إن لم نقل ان فوز روحاني كان بمثابة الجرعة الحافظة للطبقة الحالية (مؤسسات الحرس والقائد ).
وأول إطلالة لروحاني على المسرح  الدولي كانت في البراءة مما قاله أحمدي نجاد عن الهولوكوست وتهنئة الإسرائيليين بالعام اليهودي الجديد وما أعقب ذلك من محادثات هاتفية بينه وبين باراك اوباما ,فهل ما قام به رواحاني هو ما قصده القائد بقوله : إن بعض تصرفات روحاني لم تكن في محلها ؟
نحن نعرف أن البطاقة التي تخول أي زعيم او دولة الصعود على المسرح هو استرضاء اسرائيل ولو بالكلام فهل هذا الأمر هو برأيه طريق أم إشارة صغيرة يمكن تجاوزها للإبقاء على معزوفة العداء للمشروع الصهيوني الذي مكّن كثير من حكومات الدول العربية البقاء في السلطة لمدة اربعين عاما أم أنها تقسيم في المعزوفة بين الداخل والخارج إذ أن الداخل لا زال يبني على الكلام العاطفي, فلا بد أن تبقى المعزوفة على ما هي عليه من عداء . والكلام للخارج لا بد من إعمال حسابات العقل في الربح والخسارة فتكون المعزوفة الحالية المتناقضة مع ما قدمه سلفه من حديث عن زوال اسرائيل الحتمي .
لا يمكن التصور أن ما قام به روحاني لم يكن على تنسيق مع القائد والمؤسسة القائدة (الحرس الثوري) وهل أن هذا الامر من اختصاص الحرس الثوري الذي قام بما هو أدق وعملي أكثر ولو بطريقة سرية ( تفاهمات وصفقات كروكر _ سليماني) التي أصبحت شهيرة في العراق وأفغانستان ؟ أم أن العمل مع الامريكيين سرا حلال وإذا ما أصبح في العلن يصبح حراما ؟!
لا بد للشعوب أن تصل اليوم الى التخلي عن الشعارات العاطفية وتباشر حل معضلاتها العصرية ,وتضع الاجوبة على اسئلة العصر بكثير من العقل وقليل من العاطفة .