بعد أن أصبحت المخاوف حقيقة، وبعد أن لجأ البعض للأمن الذاتي في ظل الغيبوبة التي تعيشها بقايا الدولة اللبنانية، وبعد أن استفحلت المجازر المروّعة بأطفال سورية ونكّلت بمصير شعبٍ كان ذنبه الوحيد أنه أراد العيش بكرامة، هل ستشكّل مجزرة الغوطة مفترقاً أساسياً في مسار الأحداث السورية، وهل ستُحدِث بعض الحرارة في قلوب أعضاء مجلس الأمن الدولي وقراراته الباردة ببرودة القلوب التي تجرؤ على قتل الطفولة وتشريدها في متاهات زمنٍ يغرق مئات السنين الضوئية عن زمن الرحمة والإنسانية.

كان لكلّ من عضو الأمانة العامة لقوى 14 آذار الكاتب علي حمادة ، والكاتب والمحلل السياسي جوني منير رأيه وتحليلاته الخاصة في هذا الشأن، وذلك خلال برنامج "inter-views"على تلفزيون المستقبل مع الإعلامية بولا يعقوبيان، وكان هناك مداخلة هاتفية مع رئيس المجلس الوطني السوري السابق عبد الباسط سيدا. بالإضافة لمقابلة خاصة مع وزير الداخلية والبلديات في حكومة تصريف الأعمال مروان شربل لبحث الأوضاع الأمنية المستجدة في لبنان.

فأكد الوزير مروان شربل على أن ما يتعرض له فرع المعلومات هو كلام سياسي ومعيب، لأن كل ما بقي من الدولة هو مؤسساتها، وعلى القوى الأمنية أن تستدعي من يتكلم بهذه الطريقة على جهاز أمني معروف. وأشار إلى أن هناك معلومات تؤكد بأن المخطوفان التركيان بخير، متمنياً على الدولة التركية أن تساعد بجدية بقضية مخطوفي اعزاز. ولفت شربل إلى أن ما يحصل في الضاحية الجنوبية من تشديدات أمنية هو واجب، وأكد بأن القوى الأمنية رغم رفضها للأمن الذاتي إلا أنها ضعيفة اتجاه الفوضى التي تعم البلد، مبرراً بذلك الحماية الذاتية الذي يوفرها حزب الله للضاحية الجنوبية في هذه الأيام. وأنهى وزير الداخلية كلامه بطمأنة اللبنانيين بأننا نمرّ في فترة صعبة ولكنها ليست خطيرة، مؤكداً رجعة طائر الفينيق من جديد إلى سماء لبنان وذلك في نهاية العام الحالي.

وأكد عبد الباسط سيدا من تركيا بأن ما حصل في سوريا هو نقطة سوداء في تاريخ المجتمع الدولي الذي يقف اليوم على المحك، وإذا لم يخرج بقرار حازم اتجاه هذه الجريمة الواضحة كعين الشمس، هذا يعني بأنه متخاذل، وهذا يعني بأن الشعب السوري يُترك لمصيره، وهذا يعني ارتفاع حدة التوتر والتطرف وانفتاح الأبواب على كل الاحتمالات.

بينما رأى جوني منير بأن هناك عدة احتمالات في مجزرة الغوطة، وهو إما أن يكون النظام من قام بهذه الجريمة، وإما أن يكون النظام مخروق وقامت بعض العناصر باستعمال الأسلحة الكيميائية لتوريطه، وإما أن يكون أحد حلفاء النظام يريد توريط النظام بهذه العملية إذا كان هناك حلاً ما في الأفق، ولكن هذا الاحتمال مُستبعد لأن لا تسوية تلوح في الأفق. وفي الوضع اللبناني رأى منير بأن الحكومة السابقة طارت على أساس الوضع في سوريا، وتشكيل الحكومة سيكون له علاقة بالأزمة السورية، ولا يمكن أن تمرّ حكومة خالية من تأثير الثلث المعطل.

هذا ودعا علي حمادة أوباما والمجتمع الدولي ليخرجوا من سياسة التردّد التي أوقعت المنطقة في حمّام الدم هذا، وأكد على أن من ارتكب مجزرة الغوطة هو نظام بشار الأسد لأن الفيتو الروسي والصيني يضمن له عدم اتخاذ أي قرار دولي ضدّه، ولأنه يحتاج الآن إلى ضربة قوية. وأشار حمادة إلى أن حزب الله يتلطّى بغطاء التكفيريين أولاً لإخافة المسيحيين، وثانياً ليحصل على شيء1 من الشرعية  من أجل مواصلة القتال في سورية ومواصلة اضطهاد الناس داخل لبنان. ورأى بأن حكومة تصريف الأعمال هي أفضل سيناريو لحزب الله، فهو لا يحكم وإنما يتحكّم.